آخر الأخبار

هل يحتاج "القانون 02.03" إلى تعديلات جديدة أمام تطور عمليات الهجرة السرية؟

شارك الخبر

سارع المغرب قبل 21 سنة إلى إخراج تشريعات تخص الهجرةَ السرية وغير الشرعية، وتحديد العقوبات التي تخص المُدانين بالمشاركة في هكذا أنشطة أو في تنظيمها وتيسيرها، إذ فصّل القانون رقم 02.03 الصادر سنة 2003 في كل الجوانب المتعلقة بالدخول إلى التراب الوطني ومغادرته، وهو القانون الذي مازال ساري المفعول، ويتم الاحتكام إليه في البت في القضايا التي تخص محاولات مغادرة تراب المملكة.

القانون المتعلق بـ”دخول وإقامة الأجانب بالمملكة المغربية وبالهجرة غير المشروعة” خصص القسم الثاني منه كاملا للأحكام الزجرية التي تتعلق بالهجرة غير المشروعة، وميّز خلالها ما بين المهاجر والمشارك في تنظيم عملية مغادرة التراب الوطني، واضعا بذلك أحكاما تتراوح ما بين شهر وستة أشهر لفائدة المتورطين في عملية الهجرة، إلى جانب غرامات ثقيلة، وبين أحكام تتراوح ما بين سنتين وعشرين سنة وحتى المؤبد لفائدة العصابات والمجموعات التي تساهم في تهجير الأفراد، مع تغريمها بما يصل إلى مليون درهم في بعض الحالات.

مرشحون ومنظمون للهجرة

تنص المادة 50 من القانون ذاته على أنه “يعاقب بغرامة تتراوح بين 3 آلاف و10 آلاف درهم، وبالحبس من شهر إلى 6 أشهر، أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط، كل شخص غادر التراب المغربي بصفة سرية، وذلك باستعماله أثناء اجتياز أحد مراكز الحدود البرية أو البحرية أو الجوية وسيلة احتيالية للتملص من تقديم الوثائق الرسمية اللازمة، أو من القيام بالإجراءات التي توجبها القوانين والأنظمة المعمول بها، أو باستعماله وثائق مزورة، أو بانتحاله اسما، وكذا كل شخص تسلل إلى التراب المغربي أو غادره من منافذ أو عبر أماكن غير مراكز الحدود المعدة خصيصا لذلك”.

أما المادة 51 فتؤكد أنه “يُعاقب بالحبس من سنتين إلى خمس سنوات وبغرامة تتراوح ما بين 50 و500 ألف درهم كل شخص قدم مساعدة أو عونا لارتكاب الأفعال المذكورة أعلاه، إذا كان يضطلع بمهمة قيادة قوة عمومية أو كان ينتمي إليها، أو إذا كان مكلفا بمهمة للمراقبة، أو إذا كان هذا الشخص من المسؤولين أو الأعوان أو المستخدمين العاملين في النقل البري أو البحري أو الجوي، أو في أي وسيلة أخرى من وسائل النقل أيا كان الغرض من استعمال هذه الوسائل”.

ولم يكن النص القانوني ليستثني المشاركين في تنظيم عمليات لإدخال أو إخراج أشخاص من التراب الوطني، إذ أكدت المادة 52 منه أنه “يعاقب بالحبس من ستة أشهر إلى 3 سنوات وبالغرامة من 50 ألفا إلى 500 ألف درهم كل من نظم أو سهل دخول أشخاص مغاربة كانوا أو أجانب بصفة سرية إلى التراب المغربي أو خرجوهم منه بإحدى الوسائل المشار إليها في المادتين السابقتين، وخاصة بنقلهم مجانا أو بعوض”.

النص القانوني الصادر في 2003 أشار كذلك إلى حالة العود والممارسة المتكررة ضمن المادة نفسها التي سجلت أنه “يعاقب الفاعل بالسجن من 10 إلى 15 سنة، وبغرامة ما بين 500 ألف ومليون درهم إذا ارتكبت الأفعال بطريقة اعتيادية”، على أن يعاقب بالعقوبات نفسها “أعضاء كل عصابة أو كل اتفاق وُجد بهدف ارتكاب أو إعداد الأفعال المذكورة”.

عصاباتٌ تحت طائلة القانون

كما أكد القانون سالف الإشارة تطبيقَ الفقرة الثانية من الفصل 294 من القانون الجنائي على “المُسيرين من العصابة أو الاتفاق، وعلى الأشخاص الذين مارسوا أو يمارسون فيهما مهمة قيادية كيفما كانت، على أن يتم الرفع من العقوبة من 15 إلى 20 سنة في حالة نتج عجز دائم عن نقل الأشخاص بصفة سرية، في حين أنه يعاقب بالسجن المؤبد إذا أدت الأفعال المنصوص عليها في هذه المادة إلى الموت”.

ووفقا لمضمون المادة 53 من القانون سالف الذكر فإنه “في حالة الإدانة بسبب إحدى الجرائم المشار إليها في هذا القسم فإن المحكمة تأمر بمصادرة وسائل النقل المستعملة في ارتكاب الجريمة، سواء كانت هذه الوسائل تستعمل للنقل الخاص أو العام أو للكراء، شريطة أن تكون في ملكية مرتكبي الجريمة أو في ملكية شركائهم أو في ملكية أعضاء العصابة الإجرامية، بمن فيهم أولئك الذين لم يشتركوا في ارتكاب الجريمة، أو في ملكية أحد الأغيار الذي يعلم أنها استعملت أو ستستعمل لارتكابها”.

“ويعاقب بغرامة تتراوح ما بين 10 آلاف ومليون درهم الشخص المعنوي الذي ثبت ارتكابه إحدى الجرائم المنصوص عليها في هذا القسم من النص القانوني ذاته، كما يعاقب بالمصادرة كذلك التي تنص عليها المادة 53″، تقول المادة 54 من القانون نفسه.

أما المادة 56 فتورد أن “محاكم المملكة تختص بالبت في أي جريمة منصوص عليها في هذا القسم حتى ولو ارتكبت الجريمة أو بعض العناصر المكونة لها في الخارج”، مضيفة: “ويمتد اختصاص محاكم المملكة إلى جميع أفعال المشاركة أو الإخفاء حتى ولو تم ارتكابها خارج التراب المغربي من لدن أجانب”.

في الحاجة إلى تعديلات

في تفاعله مع الموضوع قال محمد ألمو، محام بهيئة الرباط خبير قانوني، إنه “يتم فعليا على مستوى محاكم المملكة تفعيل نصوص القانون رقم 02.03 الصادر سنة 2003، فيما يتم في حالات الوصول إلى جنايات مرتبطة بالاتجار بالبشر، غير أن هذا النص يحتاج إلى عدد من التعديلات، خصوصا أنه يقرن العقوبات بمغادرة التراب الوطني وليس محاولة المغادرة أو التوقيف على مستوى المناطق الحدودية”.

وأضاف ألمو، في تصريح لهسبريس، أن “النص القانوني المذكور بحاجة إلى تعديلات وإضافات تشريعية، إذ من الضروري المرور نحو إضافة ما يتعلق بالتغرير بالقاصرين، وتجريم الدعوة الرقمية إلى الهجرة أو حتى الإشادة بها، أو تقديم معلومات عنها وكيفية الانخراط فيها، ما دمنا نتحدث عن مستجدات جديدة ونص قانوني عمره 21 سنة تقريبا”.

وجوابا عن سؤال لماذا لا تحقق هذه النصوص الردع الكافي؟ ذكر المتحدث ذاته أن “المقاربة القانونية والقضائية في نهاية المطاف لا يمكنها إيقاف ظواهر ذات جذور مجتمعية وتنموية واجتماعية واقتصادية”، مشيرا إلى أن “المُشرع قام بالتمييز بين المرشحين للهجرة والعصابات أو الأشخاص الذين يشاركون في تنظيم عمليات الهجرة خارج التراب الوطني”.

كما سجل المحامي نفسه أن “المشرع كان أرحم بالمهاجر، إذ جعل عقوبته في حدود الجنحة، ويمكن أن تتقلص إلى أن تصير مدة محكوميته موقوفة التنفيذ في بعض الحالات حسب تقدير القاضي، في حين أن المساهمين في تنظيم عمليات الهجرة كان المشرع أكثر تشديدا بخصوص عقوباتهم التي تمر من الجنحة إلى الجناية في حالة الممارسة الدائمة وحالات العود”، مشيرا إلى أن “المشرع المغربي أكد كذلك أنه في حالة العصابات فإن كل عضو يعاقب العقوبة نفسها المضمنة على مستوى مواد القانون رقم 02.03”.

وبخصوص أفعال “15 شتنبر” بيّن الخبير القانوني أننا “أمام خلاف قانوني هنا، على اعتبار أن التشريعات تربط الهجرة غير المشروعة بمغادرة التراب الوطني، في حين أننا في هذه الحالة نعرف الوضع السياسي والدبلوماسي لسبتة المحتلة؛ وبالتالي الجواب بالنفي في هذا الصدد، يعني أننا لسنا أمام هجرة غير مشروعة بمقتضى القانوني الجنائي”، وفق تعبيره.

هسبريس المصدر: هسبريس
شارك الخبر

إقرأ أيضا