آخر الأخبار

انقسامات وفشل استخباراتي داخل صفوف الجيش السوداني

شارك الخبر

كشفت تسريبات مزعومة بين قيادات الجيش السوداني وجود انقسامات داخله وفشل استخباراتي، بالإضافة إلى سيطرة الإسلاميين على مراكز القرار، ما تسبب في هزائم عسكرية على الأرض وخسائر جسيمة، مع استمرار الحرب ورفض الجيش لمحاولات التوصل إلى اتفاق.

يتداول ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي تسريبات صوتية بين قيادات في الجيش السوداني، تتضمن توجيهات ميدانية وتظهر خللا استخباراتيا وأزمة كبيرة تتعلق بتعدد مراكز القرار داخل الجيش وسيطرة جناح الإخوان العسكري بقيادة علي كرتي وكتائب البراء وتوجيهاتهم المباشرة لهيئة القيادة الموجودة في منطقة وادي سيدنا العسكرية، التي يشرف عليها ياسر العطا مساعد قائد الجيش عبدالفتاح البرهان.

ورغم أنه لم يتم التأكد من صحة التسريبات الصوتية إلا أنها تتوافق مع العديد من تقارير وسائل إعلام دولية ومصادر محلية تؤكد وجود انقسامات وفشل إداري واضح داخل صفوف الجيش. وتصاعدت الاتهامات للحركة الإسلامية، المعروفة بكونها مرجعية دينية لنظام الرئيس السابق عمر البشير، بالسيطرة على قرار المؤسسة العسكرية في السودان، وفق ما تقوله تنظيمات سياسية سودانية.

وتتهم قوى الحرية والتغيير، وهي تحالف مدني كان يقود البلاد قبل سيطرة الجيش على السلطة في 25 أكتوبر 2021، الحركة الإسلامية بإشعال الحرب الحالية في السودان. وأشار القيادي في الحرية والتغيير عثمان عبدالجليل، في تصريحات صحفية سابقة، إلى أن “عناصر النظام السابق يسيطرون على مفاصل القرار داخل الجيش”، ويستدل على ذلك بـ”أنهم يرفضون مبدأ التفاوض لحل الأزمة، الأمر الذي انعكس على مواقف الجيش خلال محادثات منبر جدة بينه وبين الدعم السريع”.

وانضم عناصر كتيبة البراء بن مالك، التي يقودها المصباح أبوزيد، إلى القتال بجانب الجيش بعد أيام من اندلاع الحرب في 15 أبريل 2023. ويشير أبوزيد في صفحته على موقع فيسبوك إلى أن عناصر الكتيبة “تلقوا تدريبهم بواسطة الجيش السوداني، وفي ظل دستوره وقانونه”.

غير أن مصادر مطلعة أكدت أن كتيبة البراء بن مالك أصبحت لاحقا تتخذ قرارات عسكرية مفصلية، دون الرجوع إلى قيادة الجيش، كما أن هناك حديثا يتردد على نطاق واسع ويفيد بأنها تدير منصات لإطلاق المسيّرات، دون أدنى تنسيق مع قيادة الجيش.

وأضافت أن سيطرة النظام السابق على قرار الجيش تقود إلى أحد احتمالين، إما قطع الطريق أمام إتمام أي اتفاق سلام، أو عرقلة وتعويق تنفيذ الاتفاق حال إتمامه؛ فكلما توفرت فرصة انتهزتها الحركة الإسلامية بالسودان محاولةً تصدر المشهد السياسي والسيطرة على السلطة.

وأشارت التسريبات المزعومة إلى حدوث حالات عصيان واسعة في أوساط الضباط خصوصا في منطقتي أم درمان وشندي العسكريتين، وتجاهلهم لأوامر البرهان والقيادة الموجودة في بورتسودان. وأكدت التسريبات سيطرة كتائب البراء بالكامل على عمليات إدارة الهجمات الجوية ما أثار غضبا واسعا في أوساط الضباط المهنيين التابعين للجيش. وذكرت أن السقوط المتلاحق للمدن والمناطق العسكرية منذ أكتوبر الماضي في الجزيرة ودارفور وسنار والنيل الأزرق، يأتي بسبب تركيز قيادة الجيش على حماية أم درمان وولاية نهر النيل.

ضابط سابق يلخص أسباب خسارة الجيش: ضعف العمل الاستخباراتي وإستراتيجية الدعم السريع الاستنزافية

وبرزت الخلافات الداخلية بشكل واضح منذ أشهر، من خلال القرار الذي أصدره البرهان في أبريل الماضي، والذي يقضي بإقالة وزير الخارجية السوداني المكلف علي الصادق، وتكليف نائبه حسين عوض وكيل وزارة الخارجية بأداء مهامه، بالإضافة إلى إقالة واليي كسلا والقضارف، في الوقت الذي كانت فيه الاشتباكات المسلحة لا تزال على أشدها بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في مختلف مدن البلاد.

ونقلت صحيفة “الراكوبة” المحلية عن ضابط سابق في الجيش، اشترط عدم الكشف عن اسمه، قوله إن أسباب فشل الجانب الاستخباراتي تكمن في سيطرة ضباط موالين لقوات الدعم السريع على مراكز استخباراتية حساسة قبل الحرب، إضافة إلى الدمار الهائل الذي تعرضت له وحدات التحكم الاتصالي خلال الأيام الأولى من القتال.

وأشار إلى أن قوات الدعم السريع استفادت من إستراتيجية “الاستنزاف البطيء” التي تستخدمها حاليا في سنار والفاشر واستخدمتها من قبل في مناطق عسكرية داخل الخرطوم مثل المدرعات ومنطقة جبل أولياء العسكرية. وقدر ضابط كبير سابق في الجيش خسائر القوات المسلحة منذ اندلاع الحرب مع الدعم السريع في منتصف أبريل 2023 بأكثر من 5 آلاف ضابط وجندي قتلوا في مختلف مناطق العمليات ونحو 3 آلاف وقعوا في الأسر إضافة إلى إنفاق نحو 10 مليارات دولار في المجهود الحربي المباشر وغير المباشر.

وعزا الضابط الخسائر المادية والبشرية الضخمة للجيش وفقدانه نحو 70 في المئة من أراضي البلاد إلى ثلاثة أسباب؛ ضعف العمل الاستخباراتي وتعدد مراكز القرار داخل الجيش وإستراتيجية الدعم السريع الاستنزافية. وتابع أن الخسائر قد تكون أكبر بذلك بكثير نظرا لتكتم الدوائر المختصة داخل المؤسسة العسكرية على البيانات المتعلقة بالخسائر اليومية، مشيرا إلى مقتل أكثر من 50 ضابطا بمختلف الرتب من الجيش والمجموعات التي تقاتل معه خلال الأيام الثلاثة الماضية في أم درمان والخرطوم والخرطوم بحري والفاشر وسنار.

وأكد الضابط فشل الإستراتيجية العسكرية التي اتبعها الجيش منذ بدء الحرب وتغيرها ثلاث مرات من الهجوم ثم الدفاع إلى إستراتيجية القنص والهجمات المباغتة، لافتا إلى فشل إستراتيجية الهجوم الجوي المدعومة من دولة مجاورة وتسببها في انتقادات حادة للجيش بسبب الخسائر الجسيمة التي أحدثتها في أوساط المدنيين والبنى التحتية وعدم قدرتها على إلحاق أضرار كبيرة بقوات الدعم السريع التي استخدمت إستراتيجية استنزافية مستفيدة من قدرتها الفائقة على إدارة حرب المدن وتفوقها الاستخباراتي التكتيكي الذي أفشل معظم الهجمات الجوية وحدّ من تأثيرها المباشر عليها.

وقال الضابط “عندما اندلعت الحرب كانت الميزة التفوقية الوحيدة التي يمتلكها الجيش هي الطيران الحربي، لكن سرعة قوات الدعم السريع في تحييد قاعدة مروي قبل اندلاع الحرب، والتي نقلت إليها معظم الطائرات والأجهزة الجوية قبل الحرب بشهرين، أسهمت في تقليص القدرات الجوية للجيش رغم الدعم الذي وجدته من دولة مجاورة بعد اندلاع الحرب”.

وأضاف “لم تستطع الهجمات الجوية تحقيق سوى أقل من 5 في المئة من أهدافها الموجهة نحو الدعم السريع، لكنها أدت في المقابل إلى مقتل 80 في المئة من الضحايا المدنيين الذين سقطوا خلال الحرب والذين قدرتهم منظمة جونسايد ووتش بأكثر من 100 ألف، كما أحدثت خسائر في البنى التحتية للبلاد قدرت بعشرات المليارات من الدولارات”.

وكانت بعض المصادر العسكرية السودانية قد أكدت انتشار ميليشيات مسلحة تؤجّج نار الحرب والصراع برعاية الجيش، متمثلة في مجموعات محسوبة على الإسلاميين تقاتل إلى جانبه في المعارك الدائرة حالياً في البلاد. وقال مراقبون إنه إلى جانب بعض قادة الجيش توجد أيضا رغبة شعبية شديدة في إبعاد الإسلاميين عن المقاومة الشعبية والصراع بشكل عام.

العرب

الراكوبة المصدر: الراكوبة
شارك الخبر

إقرأ أيضا