آخر الأخبار

لأول مرة تنشئ ألمانيا قاعدة عسكرية خارج أرضها فماذا تريد أن تقول؟

شارك الخبر

في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على الرابط أعلاه للمشاهدة على الموقع الرسمي

مع نهاية الحرب العالمية الثانية واستسلام ألمانيا ثم تقسيمها إلى شطر شرقي وآخر غربي، بدأت الدولة المدمرة الخارجة من تحت أنقاض النازية في محاولة بناء جيشها الذي أعيد تأسيسه عام 1955 تحت اسم "قوة الدفاع الفيدرالية". وقد ساهمت المواجهة بين الولايات المتحدة والغرب وبين الاتحاد السوفياتي إبان الحرب الباردة في رسم هوية الجيش وعقيدته في ألمانيا الغربية، بشكل مخالف تماما للعقيدة التي كانت سائدة في زمان الجيش النازي "الفيرماخت"، وكانت تلك واحدة من الطرق التي اختارتها ألمانيا للتنكر لماضيها القديم وتلمّس طريقها المتعثر في عالم متغير.

صُمم الجيش الجديد ليتوافق مع معايير ومبادئ حلف شمال الأطلسي (الناتو) بهدف ردع التهديد السوفياتي أثناء الحرب الباردة، واستمرت هذه العقيدة في الهيمنة على الجيش حتى بعد نهاية الحرب وسقوط جدار برلين، حيث ظلت أولويات الجيش الألماني تتمحور حول الدفاع الجماعي، والتكامل مع القوات المتحالفة، وتحقيق إستراتيجية استجابة مرنة، وكلها إستراتيجيات تتوافق غالبا مع "الموقف الدفاعي" وتفتقر إلى "الاستباقية" و"الذاتية".

وبذلك أصبح مفهوم "الدفاع الجماعي" محوريًا للإستراتيجية العسكرية الألمانية، حتى أصبح مفهوم "الدفاع الوطني" يعادل "الدفاع الجماعي"، بمعنى أن  الدفاع عن ألمانيا بات يعادل الدفاع عن أعضاء الناتو، وبالتالي لا تحتاج ألمانيا لامتلاك كافة التقنيات والأسلحة العسكرية إذا ما توافرت تلك التقنيات لدى عضو آخر من أعضاء الحلف الأطلسي.

هذا التحول الكبير في العقيدة العسكرية كان هو الضريبة الأكبر لتفسخ الجيش الألماني ورغبة ألمانيا والعالم من ورائها؛ في تخطي آثار حقبة النازية التي تبنى خلاها الجيش الألماني إستراتيجية "الحرب الخاطفة" والتي غالبا ما تُنسب إلى الجنرال هاينز جوديريان، إبان الحرب العالمية الثانية.

وتميزت هذه الإستراتيجية بالهجمات السريعة والمنسقة باستخدام الأسلحة المشتركة؛ الدبابات والطائرات والمشاة، واعتنقت عقيدة تقوم على الحركة والسرعة والانتصارات الحاسمة. وقد كانت أفكار جوديريان وتكتيكاته حاسمة في أحداث مفصلية، مثل غزو بولندا وفرنسا والمراحل المبكرة من عملية بارباروسا ضد الاتحاد السوفياتي.

غير أن ألمانيا اليوم تواجه حزمة من التحديات الأمنية والعسكرية التي ربما تجبرها على إعادة النظر في عقيدتها العسكرية الراسخة منذ قرابة 7 عقود. هذه التغيرات تدفع الجيش الألماني دفعا إلى الدخول فيما يشبه عملية "قلب مفتوح" لاستبدال وإعادة النظر في الكثير من أفكاره وتقاليده الراسخة. وقد صاحب هذه العملية سلسلةٌ من التغيرات الواضحة للعيان، على رأسها إعلان برلين إستراتيجية جديدة للأمن القومي، ورفع ميزانية الدفاع، وبناء أول قاعدة عسكرية للبلاد خارج حدودها لأول مرة منذ الحرب العالمية الثانية.

بيئة متغيرة.. وهشاشة داخلية

تُعد المخاوف المتزايدة من قيام حرب في أوروبا أو بالقرب منها الدافعَ الرئيسي وراء التحولات الكبيرة في التفكير والتخطيط العسكري في ألمانيا. لقد اشتعل شرق القارة العجوز بالفعل قبل أكثر من عقد من الزمن، حين اندلع صراع مسلح بين روسيا وأوكرانيا في عام 2014، وأقدمت روسيا على اقتطاع حصة من دولة أوروبية حالية تحت سمع وبصر العالم إثر سيطرتها على شبه جزيرة القرم.

أصبحت الأمور أسوأ مع الحرب الحالية التي اندلعت عام 2022 وشملت الهجوم على الأراضي الأوكرانية بأسرها، بما فيها المدن الكبرى مثل خاركيف وأوديسا وحتى العاصمة كييف التي اقتربت لوهلة من السقوط في أيدي الروس، بعدما استولوا بالفعل على أجزاء كبيرة من جنوب أوكرانيا وشرقها، بما يشمل مدينة ماريوبول الساحلية الإستراتيجية.

بالتزامن مع هذه التحولات، كانت العلاقات بين الحلفاء الغربيين التقليديين على ضفتي الأطلسي تمر باختبارات كبيرة. ففي يناير/كانون الثاني 2012، أعلنت إدارة الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما سحب أكثر من 8000 جندي من أوروبا، تبع ذلك سحب نحو 2500 جندي إضافيين على مدار السنوات الأربع التالية. صارت الأمور أكثر سوءا مع قدوم إدارة دونالد ترامب التي أعلنت في يوليو/تموز 2022 سحب قرابة 12 ألف جندي من ألمانيا، بجانب خطة لنقل مقر القيادة الأوروبية الأميركية من مدينة شتوتغارت الألمانية إلى مدينة مونس البلجيكية.

ويعتبر هذا أكبر سحب للقوات من أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية. ورغم أن أميركا حاولت تبرير هذه الخطوات بمبررات مثل "الضرورات الإستراتيجية" و"إعادة التموضع"، فإن القوى الأوروبية -وفي مقدمتها برلين- نظرت إليها بارتياب كبير، خاصة في ضوء سياسات ترمب التي قوضت التحالف الأميركي الأوروبي على أكثر من صعيد.

ورغم ارتفاع تعداد الجنود الأميركيين مع تولي بايدن رئاسة الولايات المتحدة وزيادة التهديدات الروسية، وهو ما أجبر واشنطن على نشر قوات إضافية في بولندا ورومانيا ودول البلطيق، فضلا عن زيادة القدرات البحرية في إسبانيا والدعم الجوي في بريطانيا.

رغم ذلك فإن أزمة الثقة تجاه أميركا تفاقمت داخل دول الاتحاد الأوروبي -وعلى وجه الخصوص ألمانيا- بعدما ترسخت بالفعل، وهو ما أشار إليه تقرير المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية مؤكدا أن غالبية الأوروبيين شعروا بأن النظام السياسي الأميركي مكسور، وأن الولايات المتحدة لن تستعيد مكانتها السابقة كزعيمة للغرب، وأن هناك شكوكا جدية حول موثوقية واشنطن والتزامها بالشراكات عبر الأطلسي.

اكتشفت ألمانيا بعد عقود من تبني سياسات الدفاع الجماعي داخل حلف الناتو ونشر القوات والأسلحة الألمانية خارج الحدود، أن الجيش الألماني أصبح دون ذخيرة كافية للدفاع عن نفسه ضد أي هجوم إلا لبضعة أيام فقط (الجزيرة)

ومع قرب الانتخابات الرئاسية الأميركية وتنامي فرص عودة ترمب إلى الرئاسة، بجانب وضع الصين كتهديد أول من قبل واشنطن، حيث وصفت إستراتيجية الأمن القومي الأميركي بكين بأنها "المنافس الوحيد" الذي لديه النية لتغيير النظام الدولي ويمتلك القوة للقيام بذلك، وتراجع نظرة أميركا إلى روسيا كتهديد رئيسي (رغم الحرب في أوكرانيا)، تشعر القوى الأوروبية -وفي مقدمتها ألمانيا- أن عليها أن تضطلع بمهمة الدفاع عن نفسها دون انتظار حماية من الولايات المتحدة.

لكن فكرة الدفاع الجماعي الأوروبي تواجه هي الأخرى تحديات كبيرة، فقد سبق أن أيدت كل من ألمانيا وفرنسا وإيطاليا فكرة إنشاء جيش أوروبي موحد متكامل، ولكن في المقابل أبدت الدول الأوروبية الشرقية -وعلى رأسها بولندا ولاتفيا- اعتراضا على الفكرة، خوفا من أن يقوض ذلك الهيكل الجديد من فعالية حلف الناتو، ويقوض الالتزام العسكري الأميركي الذي تعتبره غير قابل للاستبدال رغم الشكوك بشأن موثوقيته.

وعلى مستوًى أكثرَ عملية، لا تزال الفكرة تنطوي على ثغرات عدة، على رأسها أنه لا يوجد حتى الآن ت ....

لقراءة المقال كاملا إضغط هنا للذهاب إلى الموقع الرسمي
الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك الخبر

إقرأ أيضا