آخر الأخبار

آبي أحمد قبل التحدي وفتح الباب للمنازلة، فماذا لدى المصريين

شارك الخبر

 حذّر رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد من أن بلاده سوف “تذلّ” أي دولة تهدد سيادتها، في رسالة مبطنة إلى المصريين تظهر أن إثيوبيا قد قبلت التحدي وفتحت الباب للمنازلة بعد أن أرسلت القاهرة أسلحة إلى الصومال وأبدت دعما واضحا لمقديشو ضد مذكرة تفاهم تتيح لأديس أبابا منفذا إلى البحر الأحمر.

وقال آبي أحمد في احتفال بيوم السيادة الأحد في أديس أبابا “لن نسمح بأي مساس بنا، وسنذلّ كل من يجرؤ على تهديدنا من أجل ردعه”. وأضاف “لن نتفاوض مع أحد بشأن سيادة إثيوبيا وكرامتها”، وفق ما نقلته وكالة الأنباء الإثيوبية الرسمية.

ويثير الرد الإثيوبي التصعيدي الشديد التساؤل: ماذا لدى المصريين ليفعلوه لو تطور الأمر إلى تصعيد جدي، ولو قرر آبي أحمد تنفيذ تهديداته؟

وحرص الإعلام المصري على التعامل مع إرسال أسلحة إلى الصومال على أنه رسالة تحذير إلى إثيوبيا مفادها أن القاهرة تمتلك أوراقا لتحدي أديس أبابا. ورغم أن حجم ما أرسله المصريون لا يمثل تهديدا، وهو أقرب إلى أسلوب المناكفة، فقد لوّح آبي أحمد، الذي يجد نفسه في موقع قوة بعد الضعف الذي أبدته القاهرة تجاه مآلات أزمة سد النهضة، بالتصعيد.

ولا يُعرف إلى أي حد يمكن أن يذهب رئيس الوزراء الإثيوبي بالتهديدات الموجهة إلى مصر التي تشارك بحضور رمزي في بعثة الاتحاد الأفريقي الانتقالية لحفظ السلام في الصومال (أتميس) بهدف مساعدة القوات الصومالية في القتال ضد حركة الشباب. لكن إثيوبيا مشارك رئيسي في البعثة، وهو ما يطرح السؤال: ماذا لو أحاط الجنود الإثيوبيون الموجودون بالآلاف في الصومال بالجنود المصريين وصوروهم مثلما حدث في شمال السودان؟

وإذا كان المصريون قد برروا المرة الماضية الوضع بأن جنودهم كانوا في مهمة تدريبية، كيف سيردون الآن على أي احتكاك مع الإثيوبيين؟

ماذا لو أحاط الجنود الإثيوبيون الموجودون بالآلاف في الصومال بالجنود المصريين مثلما حدث في السودان

وكشف مصدر عسكري مصري لـ”العرب” أن تصريحات رئيس الوزراء الإثيوبي هي “استكمال لمنظومة العداء الممنهج الذي تتبعه أديس أبابا حيال القاهرة منذ بناء سد النهضة وتطوراته، وترفض مراعاة الحقوق التاريخية لدولتي المصب (مصر والسودان)، وعلى وجه التحديد مصر. وتهديداته لا تلقى أثرا في القاهرة التي تدرك قوتها العسكرية”.

وشدد المصدر على أن تصعيد آبي أحمد يشير إلى اعتماده على قوى خارجية “تكن العداء لمصر، وتحاول جذبها نحو صراعات لا طائل منها، وتستهدف إضعافها واستنزاف مواردها، ومصر مقتنعة بأن الحرب دمار شامل للمنتصر والمهزوم، وهناك محددات معروفة تعتمد عليها الدولة المصرية للدفاع عن سيادتها”.

ويقوم تصعيد آبي أحمد على امتلاكه أدوات عملية للضغط على مصر، منها الوضع الذي وصل إليه سد النهضة، حيث من المزمع أن يكتمل البناء والتشغيل النهائي قبل نهاية العام الجاري، ويملك بضعة آلاف من الجنود الذين مازالوا موجودين في الصومال ويمكن أن يحشد المزيد من الجنود على الحدود سريعا، بينما مصر لا تستطيع إرسال إلا قوة صغيرة، ما يجعلها في وضع مكشوف عسكريا، وقد تتعرض لحصار وربما أسر.

وتستطيع إثيوبيا حض بعض القوى الصومالية على مضايقة القوات المصرية، وربما إحراجها، في ظل معرفتها بتفاصيل الجغرافيا السياسية في الصومال بحكم الجوار والتشابكات الاجتماعية، وعدم امتلاك مصر معلومات كافية عن الأوضاع على الأرض، لأن الصومال منطقة جديدة للعمل والتحرك والرصد.

وقال عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية السفير صلاح حليمة إن “تصريحات آبي أحمد لا تشكل تهديدا مباشرا لمصر التي لم تهدد سيادة إثيوبيا أو سيادة الصومال، بل على النقيض من ذلك أديس أبابا هي التي تثير المشاكل في المنطقة، وتنتهك بعض المواثيق الدولية”.

وأوضح في تصريح لـ”العرب” أن “توقيع اتفاقية تبادل عسكري بين مصر والصومال جرى بين دولتين ذاتي سيادة. والاتفاقية تنضوي تحت إطار النظام المعمول به داخل الاتحاد الأفريقي وجامعة الدول العربية، وتتعلق بالأمن والتنمية، وجاءت بناء على طلب الصومال، وليس هناك ما يهدد إثيوبيا التي ترفض الالتزام بالقوانين الدولية في سد النهضة أو في إطار مساعيها لإيجاد موطئ قدم جنوب البحر الأحمر وتحاول فرض الأمر الواقع بطريقتها الخاصة”.

وتتمسك القاهرة في خطابها المعلن بطريق الحلول التفاوضية للأزمات الإقليمية عموما، ومن بينها الأزمة مع إثيوبيا بسبب سد النهضة، والأزمة مع أرض الصومال بسبب الاتفاق الإثيوبي معها بعيدا عن الحكومة المركزية، وأن قيادة دولة الإمارات العربية المتحدة تحتفظ بعلاقات جيدة مع القاهرة وأديس أبابا ويمكنها أن تلعب دورا مهما في تقريب المسافات بما يحافظ على مصالح الطرفين.

والتقى رئيس دولة الإمارات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان وزير الخارجية المصري بدر عبدالعاطي في أبوظبي، الأحد، وبحث معه سبل تجنب المزيد من التصعيد في المنطقة.

وأكد بيان صادر عن الخارجية المصرية أن اللقاء شهد تبادل الرؤى والتقديرات بشأن التطورات الجارية في المنطقة وحالة التصعيد غير المسبوقة، وسبل التهدئة وتجنب المزيد من التوتر، ومن بين ذلك أمن البحر الأحمر والوضع في الصومال.

ووافقت أرض الصومال على تأجير 20 كيلومترا من سواحلها لمدة 50 عاما لإثيوبيا التي تريد إنشاء قاعدة بحرية وميناء تجاري على الساحل.

ولفت السفير صلاح حليمة إلى أن إثيوبيا تخشى التواجد المصري في الصومال لأن لديها قوات ضمن “أتميس” تنتهي مهمتها نهاية العام الجاري، ولها سوابق للتدخل في الصومال، وتحاول اختلاق قضايا قومية لاحتواء ما تواجهه من اضطرابات داخلية بحثا عن التفاف القوميات الإثيوبية حول الحكومة المركزية.

واتهمت إثيوبيا الشهر الماضي جهات لم تسمها بالسعي إلى “زعزعة استقرار المنطقة” بعد أن أرسلت مصر معدات عسكرية إلى الصومال عقب توقيع اتفاق تعاون عسكري بين القاهرة ومقديشو. وعرضت مصر نشر قوات في الصومال في إطار بعثة جديدة بقيادة الاتحاد الأفريقي من المقرر أن تحل محل “أتميس” العام المقبل.

العرب

الراكوبة المصدر: الراكوبة
شارك الخبر

إقرأ أيضا