آخر الأخبار

مجلس الأمن يعتزم فرض عقوبات على طرفي الصراع في السودان لرفع الحرج

شارك الخبر

يقف المجتمع الدولي عاجزا عن وضع حد للصراع الدائر في السودان، ولا تحقق الخيارات المطروحة حاليا من قبيل التوجه إلى فرض عقوبات على طرفي النزاع الهدف المنشود، ويرى سودانيون أنها تندرج في سياق رفع الحرج لا أكثر.

الخرطوم – يتجه المجتمع الدولي نحو التوسع لاستخدام سلاح العقوبات في السودان بعد تراجع فرص إنهاء الحرب عبر سبل المفاوضات السياسية قريبا، وهو ما ظهرت بوادره عبر اتجاه مجلس الأمن الدولي لفرض عقوبات على اثنين من قيادات قوات الدعم السريع بتهم “العنف وانتهاكات حقوق الإنسان”، وسط توقعات أن تطال العقوبات عددا من القادة في الجيش أيضا.

وتدرس لجنة تابعة لمجلس الأمن فرض عقوبات على اثنين من قيادات الدعم السريع، وحال تمت إجازتها ستكون أول عقوبات تفرضها الأمم المتحدة بسبب الحرب الحالية في السودان، والتي اندلعت منتصف أبريل من العام الماضي. وتقر لجنة العقوبات على السودان التي تتألف من 15 عضوا في مجلس الأمن قرارتها بالإجماع، وإن لم يبد أيّ من الأعضاء اعتراضا على الاقتراح بحلول، ظهر الجمعة، سيتم إقرار العقوبات، وبوسع الأعضاء طلب الوقت لدراسة الاقتراح أو وقفه.

ويحمل التلويح بالعقوبات أكثر من دلالة في هذا التوقيت، لأن المجتمع الدولي يهدف إلى التأكيد على استخدام جميع الأوراق لوقف القتال، وقد تمارس المنظمات الدولية دورا أكبر في السودان نتيجة الأوضاع الإنسانية المتردية وتوالي النكبات البيئية والأمنية التي قد تكون مدخلاً مناسبَا لتصويب صورتها أمام الرأي العام العالمي.

وقد يفتح فشل المفاوضات في جنيف الباب أمام التدخل الدولي في السودان، وفقا للبند السابع، والذي طبّق في إقليم دارفور، وذلك قبل العودة إلى الفصل السادس وسحب قوات حفظ السلام الأممية (يوناميد) بطلب من الحكومة السودانية التي شكلت عقب الإطاحة بنظام عمر البشير، وأن الخبرات السابقة نحو تخفيف حدة الصراع في دارفور تجعل احتمال تكرار الأمر في مدن يحتدم فيها الصراع قائمة.

وتواجه منظمات وهيئات أممية انتقادات بسبب ضعف حضورها في أزمتي السودان وغزة، وقد تتلاقى محاولات إعادة تفعيل دورها مع غلق منافذ المفاوضات بين الجيش والدعم السريع، وأن مدى تأثير الصراع على التموضع الروسي والإيراني في المنطقة قد يحسم إمكانية عرقلة أيّ قرارات تصدر بحق قيادات عسكرية مشاركة في الصراع الحالي من عدمه، وأن ورقة البحر الأحمر باتت ضمن أدوات الضغط على الولايات المتحدة، ما يجعل مجلس الأمن قد يقف عند حد العقوبات وعدم التدخل المباشر.

واقترحت الولايات المتحدة فرض حظر دولي على السفر وتجميد الأصول على رئيس عمليات قوات الدعم السريع اللواء الركن عثمان محمد حامد محمد وقائد قوات الدعم السريع، قطاع ولاية غرب دارفور، عبدالرحمن جمعة بارك الله.

وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة الخرطوم صلاح الدين الدومة إن العقوبات المفروضة على قوات الدعم السريع، حال تمريرها، ستكون مقدمة لعقوبات مماثلة على ميليشيات الحركة الإسلامية داخل الجيش، وأن المشكلة تكمن في أن فكرة العقوبات بذاتها لا تحقق المرجوّ منها وتعبّر عن عقلية غربية تعتقد في أنها تترك تأثيرات إيجابية، وجرت تجربتها مع السودان على مدار أكثر من ثلاثة عقود أثناء فترة حكم البشير، وخلال السنوات الأخيرة مع اندلاع الحرب.

وأوضح في تصريح لـ“العرب” أن فاعلية تحركات المجتمع الدولي تجاه السودان يجب أن تكون من خلال الذهاب مباشرة نحو البند السابع، وأن الظروف الإنسانية الحالية تتيح التوجه نحو الفصل بين القوات وحماية المدنيين، وليس من المتوقع أن يترتّب على ذلك اعتراضات صينية أو روسية، لأن السودان ليس بأهمية إيران أو بحر الصين الجنوبي أو تايوان لموسكو، كما أن الأخيرة لن تستطيع فتح جبهة جديدة أمام الولايات المتحدة في ظل أوضاعها الراهنة بسبب تعقيدات الحرب في أوكرانيا.

وأشار الدومة إلى أن الدول الأعضاء الدائمين بمجلس الأمن لا يتوسعون في استخدام حق النقض (الفيتو)، وتستخدمه غالبا الولايات المتحدة لحماية إسرائيل، وأن الوقائع السابقة تشير إلى تمرير قرارات من مجلس الأمن بحق السودان في دارفور من دون استخدام حق النقض، من جانب روسيا أو الصين وقد تمتنعان عن التصويت.

وأنشأ مجلس الأمن نظام العقوبات الذي يستهدف السودان عام 2005 في محاولة للمساعدة في إنهاء الصراع في دارفور، ومدد المجلس في مارس الماضي ولاية لجنة الخبراء المكلفة بمراقبة تطبيق العقوبات المفروضة على السودان حتى مارس المقبل، وتشمل حظر توريد الأسلحة، ومنع سفر أشخاص متورطين في صراع إقليم دارفور غرب البلاد، وتجميد أصولهم المالية.

وأكدت عضو هيئة محامي دارفور نفيسة حجر أن السودانيين يشعرون بالخذلان من المجتمع الدولي ومجلس الأمن، لأنه مع ارتكاب جرائم حرب بحق المدنيين الأبرياء خلال أكثر من 500 يوم لم يكن التدخل سوى بفرض عقوبات على عدد قليل من القيادات، ولا توجد حماية حقيقية للمدنيين، في ظل قصف الطيران الحربي للجيش مواقع مدنية، وصواريخ الدعم السريع التي حولت المنازل إلى ركام.

وأشارت حجر في تصريح لـ”العرب” إلى أن القانون الدولي يتحدث عن حماية المدنيين والأعيان، والآن هناك سلاح التجويع الذي يتم استخدامه من جانب الطرفين عبر الحصار المحكم على مناطق القتال، ويتطلب الوضع الراهن تدخلا فاعلا وليس عقوبات لا يتم تنفيذها على الأرض، لأن الأسماء المحددة تشارك في المعارك ولن تتأثر بما يتم فرضه عليها خارجيا، وهناك قناعة بأن هذه النوعية من القرارات تأتي لرفع الحرج عن المنظمات الدولية.

ولفتت إلى أن المصالح السياسية تطغى على تمرير القرارات أو وقفها، وبالتالي على المستوى الشعبي لا يوجد تعويل عليها، وقد يتم اتخاذ إجراءات وفقًا لأهداف قوى بعينها أو رفض أخرى لأهداف تتعلق بها، دون مراعاة لطبيعة الأوضاع الإنسانية المتردية، وذلك سيكون له تأثيره على نظرة السودانيين للمجتمع الدولي.

وشددت على أن الاكتفاء باستخدام سلاح العقوبات في دارفور لن يحقق المرجوّ منه، والدليل على ذلك مواصلة الانتهاكات مع استمرار العقوبات، بالتالي سيتم النظر للتحركات الحالية من جانب مجلس الأمن على أنها تدور في إطار الأهداف السياسية للإدارة الأميركية قبل الانتخابات الرئاسية في نوفمبر المقبل.

وتقول الأمم المتحدة إن نحو 25 مليون شخص، أي نصف سكان السودان يحتاجون إلى مساعدات إنسانية، وأن المجاعة تلوح في الأفق، كما نزح نحو 10 ملايين شخص، وانتقل أكثر من 2.2 مليون شخص منهم إلى دول أخرى.

العرب

الراكوبة المصدر: الراكوبة
شارك الخبر

إقرأ أيضا