آخر الأخبار

لماذا يستهدف اللوبي الإسرائيلي بأميركا أسامة أبو ارشيد؟

شارك الخبر

في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على الرابط أعلاه للمشاهدة على الموقع الرسمي

مساء يوم الجمعة، الخامس عشر من نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، أي بعد خمسة أسابيع تقريبا من بدء عملية "طوفان الأقصى"، وفي ولاية فيرجينيا المحاذية للعاصمة الأميركية واشنطن، التقيتُ بأستاذ العلوم السياسية الدكتور أسامة أبو ارشيد، في مطعم بدعوة من صديق مشترك. كان مطعم "البوادي" الواقع بالقرب من مسجد دار الهجرة مزدحما، وصفُّ الانتظار يمتد إلى طريق أرلينغتون المجاور. أما علّة ذلك الازدحام -غير المعتاد- فهي أن صاحب المطعم، فلسطيني الأصل والمنحدر من غزة، قد استُشهد اثنان من أفراد عائلته في الحرب الدائرة، فخصَّص ريع ذلك اليوم بأكمله إلى أهل غزة.

وفي أجواء نوفمبر الباردة، جلسنا وسط ضجيج المطعم وضجيج السياسة. ولخصوصية الزمان والمكان، كان الحديث متمحورا حول تبعات "الطوفان" على المسلمين والعرب والفلسطينيين في الولايات المتحدة. وفي غير مرّة، كان أبو ارشيد يعرّج في حديثه على شراسة الاستهداف الذي يواجهه يوميا، دون الدخول في التفاصيل، إثر تصدّره للعمل المتصل بالقضية الفلسطينية، وهو المدير التنفيذي لمنظمة "أميركيون مسلمون لأجل فلسطين".

انتهت الجلسة، وصحبته بعدها إلى سيارته المصفوفة بعيدا. وفي طريقنا، أخبرني أنه ذاهب إلى المكتب في منتصف الليل لإتمام بعض المهام المتراكمة. لكن الذهاب للمكتب لم يعد كما كان سابقا في ظل تهديدات القتل التي وصلته حتى باب منزله، وذلك على إثر اتهام المدعي العام لولاية فيرجينيا جيسون مايرز منظمة "أميركيون مسلمون لأجل فلسطين" بعلاقة مزعومة مع حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، ورفعه قضية مدنية على المنظمة التي يرأسها أبو ارشيد. توالت التهديدات، مصحوبة بهجمة إعلامية شرسة قادت أسامة إلى الطلب من موظفي مؤسسته الحقوقية ألا يحضروا لمقر العمل إلا للضرورة، كما اضطرت عائلته للابتعاد والعيش في ولاية أخرى ليست قريبة من الولاية التي يقطن فيها أبو ارشيد.

لم تكن هذه الملاحقة أمرا مستجدا على أبو ارشيد، الذي وُضع على قوائم الترقب بسبب نشاطه السياسي لفلسطين وبتحريض من قِبَل المجموعات الداعمة لإسرائيل والمؤسسات التي تنتمي إلى "اللوبي الداعم لإسرائيل" لأكثر من سبعة أعوام، بين 2010-2017، وهي القائمة التي يُضاف إليها مَن تُثار حولهم شبهات العلاقة بأشخاص أو حركات أو منظمات تشك السلطات الأميركية بانخراطها في أنشطة إرهابية، بحسب وصف مكتب التحقيقات الفيدرالي (أف بي آي).

لكن ما يتعرض له أبو ارشيد اشتدّ كثيرا، وهو يفسّر ذلك بالقول إن الإسرائيليين يريدون اجتثاث المقاومة من غزة، ويريدون اجتثاث كل مَن يدعم فلسطين في الولايات المتحدة، وهم يستخدمون هجوم السابع من أكتوبر ذريعة لهذا الأمر. وهذا الدعم هو الذي وُضع أبو ارشيد بسببه على قوائم الترقب مرة أخرى في مايو/أيار من العام الحالي بعد أن كان قد رُفع عنها منذ عام 2017.

لم يعد داعمو إسرائيل مهتمين بصورتهم، ولا لتحولات الرأي العام، ولا حتى باستعادة التعاطف الذي فقدوه من شرائح واسعة، خاصة الشباب. يقول أبو ارشيد إن أهداف هؤلاء تتمحور فقط حول سحق أي صوت مؤيد للحقوق الفلسطينية، حتى لو كانت أصواتا يهودية مثل ما استهدفت منظمتَيْ "كود بينك" و"أصوات يهودية من أجل السلام".

وعلى مدار الأيام والأسابيع اللاحقة، حكى لنا أبو ارشيد قصته، التي تسلط الضوء على الحملة الممنهجة لاستهداف العمل الفلسطيني الفاعل في الولايات المتحدة، وعلى المنظمات والشخصيات التي تقف وراء هذه الحملة، والإستراتيجيات التي يتبعونها لتحقيق أهدافهم، لا سيما مع تصاعد الأصوات الرافضة لجرائم إسرائيل والدعم الأميركي غير المشروط لها.

أما قبل أيام قليلة، فقد أعلن مجلس العلاقات الأميركية الإسلامية رفع دعوى قضائية ضد مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي بسبب قائمة مراقبة سرية لأميركيين مسلمين أو من أصول فلسطينية، وأشار المجلس إلى أن ما يتعرض له أسامة أبو أرشيد "مثال على ما يواجهه مسلمو أميركا من تمييز".

ثقوب في الجدار

كان وقع المظاهرات الطلابية في أميركا وتزايد وتيرتها في الآونة الأخيرة مؤشرا واضحا على تحول يجري في المشهد السياسي والاجتماعي الأميركي. أدرك داعمو إسرائيل ذلك مبكرا، لذلك فقد أثارت تلك الجموع الغاضبة، التي انتشر صوتها في الولايات الأميركية المختلفة، ردود أفعال شديدة الحدّة من جانبهم. أدرك هؤلاء أيضا أن قضية إسرائيل لم تعد محصنة في الرأي العام بحسب ما أظهر أكثر من استطلاع رأي، وأن تهمة معاداة السامية والتشهير بمؤيدي فلسطين في مواقع مثل "كناري ميشن" لم تعد كافية لتخويف المعارضين لإسرائيل.

فمثلا، أجرت مؤسسة غالوب تقريرا يحلل جميع الاستطلاعات السابقة التي أجرتها حول فلسطين وإسرائيل، منذ عام 2010 وحتى نهاية 2016، وصدرت في عام 2017. أما النتيجة فقد لخصتها صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية بقولها: "كلما عرف الأميركيون أكثر عن إسرائيل، كلما قلَّ حبهم لها".

صاحبت حزمة الإدراكات تلك حملات تشويه للحراك الطلابي، بدءا من تهمة معاداة السامية، ودعم الإرهاب، وصولا لادعاءات تلقّي الطلاب تمويلا من جهات خارجية. أتى كل ذلك مصحوبا بعنف شديد من الشرطة بما لا يتلاءم مع طبيعة الاحتجاجات السلمية التي انطلقت في بلد "ديمقراطي" يعتز بأن نموذجه "الحضاري" قائم على "حرية التعبير".

استهداف العمل الفلسطيني في أميركا والناشطين فيه تضاعف إثر التحولات الكبيرة في الرأي العام، خاصة لدى شريحة الشباب، والأقليات، وما يُعرف بالتيار التقدمي في الحزب الديمقراطي. (الجزيرة)

دفع هذا العنف المتظاهرين لاتهام إدارات الجامعات وأجهزة الأمن بالتحيز للرواية الإسرائيلية وداعميها. هذه المزاعم عضّدها تحقيق صحيفة "واشنطن بوست" بضلوع أثرياء في دعم وحث عمدة مدينة نيويورك إيريك آدامز بفض اعتصامات المدينة بالقوة، وسعيهم لتشذيب السياسة الأميركية والرأي العام الأميركي باتجاه معاداة مظاهرات الطلبة المناصرة لفلسطين. وللمفارقة، تُعد نيويورك المدينة التي تحوي أعلى نسبة لليهود خارج أراضي فلسطين التاريخية بإجمالي سكان يقرب من 1.8 مليون، بحسب آخر إحصائية صدرت في عام 2024، كما أن هذه المدينة هي التي انطلقت منها شرارة الاعتصامات من قلب جامعة كولومبيا. مع الإشارة إلى أن هذه المجموعة من الأثرياء لم ينحصر تأثيرها ونطاق عملها في نيويورك، بل امتد للرقعة الأميركية بأكملها.

وفق هذا الواقع، يذكر أبو ارشيد أن استهداف العمل الفلسطيني في أميركا والناشطين فيه تضاعف إثر التحولات الكبيرة في الرأي العام، خاصة لدى شريحة الشباب، والأقليات، وما يُعرف بالتيار التقدمي في الحزب الديمقراطي. يضيف أبو ارشيد أن هذا التحول لم يبدأ بعد السابع من أكتوبر، بل يمكن إرجاع آثاره بالتوازي مع تولي باراك أوباما مقاليد رئاسة أميركا منذ عام 2009، وهو الذي تبنى في بداية رئاسته تحديدا موقفا مختلفا عن أقرانه من الرؤساء السابقين تجاه إسرائيل، حيث دعا أن يكون للسياسة الأميركية مسافة تفصلها عن السياسة الإسرائيلية. وهذه المسافة الفاصلة لم تكن تعني بالتأكيد ضربا في مشروعية إسرائيل، أو تقليصا في أهميتها الإستراتيجية، بل عَنَت فقط أخذ مسافة، ربما تكون خطوة أو خطوتين لفك الالتصاق التام.

أما الإعلان عن سياسته الجديدة تلك، فق ....

لقراءة المقال كاملا إضغط هنا للذهاب إلى الموقع الرسمي
الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك الخبر

إقرأ أيضا