آخر الأخبار

هل سيغيّر النقاش حول الجندر مستقبل المنافسات الرياضية؟

شارك الخبر

فتحت الألعاب الأولمبية الأخيرة في باريس الباب على مصراعيه حول قضية الجندر وتأثيرها في المنافسات الرياضية، خاصة بعد الجدل حول الملاكمة الجزائرية إيمان خليف وزميلتها التايوانية لين يو تانغ، وإمكانية تمتعهما بسمات بيولوجية معينة تمنحهما أفضلية على الرياضيات الأخريات.

يمكن القول إن إشكالية ضمان منافسة عادلة في الرياضة مع احترام الاختلاف البيولوجي والجندري هي من أكبر التحديات التي تواجه المسابقات الرياضية حالياً، وستلعب دوراً حاسماً في تحديد مستقبلها. تجد اللجان المنظمة للرياضات نفسها أمام معضلة التوفيق بين حق الجميع في المنافسة وضمان منافسة عادلة قدر الإمكان.

ولفهم أبعاد هذه الإشكالية وتاريخها، استشرنا ثلاثة أطباء وباحثين متخصصين في الجندر والرياضة، ولديهم دراسات منشورة في هذا المجال.

لماذا الفصل بين منافسات الذكور والإناث؟

قبل عام 1870، كانت الأنشطة المخصصة للنساء مثل السباحة وركوب الخيل تهدف للترفيه فقط، ولم تكن تنافسية. في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، بدأت النساء في تشكيل أندية رياضية تنافسية غير رسمية. وقد اكتسبت الرياضات النسائية الاحترافية زخماً منذ النصف الثاني من القرن العشرين. لم يُسمح للنساء بالمشاركة في الألعاب الأولمبية حتى عام 1900 في باريس. ولم تشارك النساء في جميع فئات الرياضات الأولمبية حتى الألعاب الأولمبية الصيفية لعام 2012، وفقاً للأكاديمية الدولية للعلوم والتكنولوجيا الرياضية.

تقول الدكتورة البريطانية إيما هيلتون، عالمة الأحياء النمائية في جامعة مانشستر، في حديث مع بي بي سي، إن اختبارات الجنس التي تُجرى على اللاعبين في البطولات الدولية بدأت لأسباب تتعلق بمحاولات الغش، حيث كانت بعض الدول تدفع رجالاً للمشاركة في منافسات النساء بهدف الفوز بالميداليات. ويذكر الدكتور تومي لاندبرغ، المحاضر الأول المساعد في قسم علم وظائف الأعضاء السريري في معهد كارولينسكا السويدي، لبي بي سي، أن هذه الممارسة كانت تتم في خمسينيات القرن الماضي من خلال فحص بصري للاعبات، عُرف باسم "استعراض العراة".

تضيف هيلتون أنه مع مرور السنوات، أصبح من الواضح ضرورة استخدام طرق أخرى للتثبّت من جنس اللاعبات. تقول: "بدأنا باستخدام تحليل الصبغيات (الكروموسومات المحددة للجنس) في أواخر الخمسينيات أو الستينيات. كان الاختبار يبحث عن كروموسومات محددة، حيث تمتلك النساء كروموسومي X (XX)، بينما يمتلك الرجال كروموسوم X وآخر Y (XY)".

يشير طبيب الغدد الصماء الأسترالي ديفيد هاندلزمان إلى أن "الجنس هو حالة بيولوجية موضوعية تشمل الجنس الوراثي والكروموسومي والغدد التناسلية والهرمونية والمظهرية (بما في ذلك الأعضاء التناسلية)". أما الجندر، فهو "بناء اجتماعي ذاتي ومرن، يحدد الدور والتوجه الجندري للفرد بشكل ذاتي".

ويقول في إحدى دراساته إن الفصل بين الذكور والإناث في المسابقات الرياضية نشأ بالأساس من الحاجة إلى منح الإناث "فرصة للفوز"، نظراً لأن الذكور "أطول وأقوى وأسرع، ويتمتعون بقدرة أكبر على التحمل بفضل حجم عضلاتهم الأكبر، وكثافة عظامهم الأعلى، والدورة الدموية الأسرع ومستويات الهيموغلوبين المرتفعة". هذه العوامل كلها تؤثر بشكل مباشر على الأداء الرياضي.

والهيموغلوبين هو مادة موجودة في خلايا الدم الحمراء، مسؤولة عن نقل الأكسجين إلى أعضاء وأنسجة الجسم عند التنفس، وإعادة ثاني أكسيد الكربون إلى الرئتين ليخرج عن طريق الزفير، مما يؤثر على الأداء الرياضي. يتراوح تركيز الهيموغلوبين الطبيعي لدى الذكور بين 14 و18 غم/ديسيلتر، بينما يتراوح بين 12 و16 غم/ديسيلتر لدى الإناث.

مع تطور العلم والاختبارات الطبية، ظهر أن هناك لاعبات في فئة الإناث يتمتعن بأفضلية بيولوجية، مما أدى إلى الجدل الذي نشهده اليوم. كيف حدث ذلك؟

ما سبب أفضلية بعض الرياضيات؟

كما ذكرنا أعلاه، لدى النساء كروموسومان من نوع إكس (XX)، بينما لدى الرجال كروموسوم إكس واحد وآخر واي (XY). وتقول الدكتورة هيلتون إن العلماء في أوائل التسعينيات "بدأوا بإجراء الاختبارات لتحديد جنس اللاعبين، عن طريق أخذ عينة من الخد أو الدم، وتركز الاختبار في هذه المرحلة على البحث عن وجود كروموسوم Y بدلاً من X".

وأضافت: "كان هذا الاختبار الجزيئي يهدف أيضاً إلى الكشف عن وجود بروتين المنطقة Y المحدّد للجنس الذكري (المعروف أيضاً بعامل تحديد الخصية)، وهو المسؤول عن بدء تطوّر الأعضاء التناسلية لدى الذكور".

وأوضحت الباحثة أن "اللجنة الأولمبية قرّرت في تلك المرحلة وقف هذه الاختبارات، لأنّها كانت تؤّدي إلى نتائج غير متوقعة لدى بعض اللاعبات"، إذ أشارت النتائج إلى وجود نوع من الاضطرابات في النموّ الجنسي لدى بعضهنّ، مما بيّن أن لديهنّ كروموسوم Y الخاص بالذكور.

وأضافت أن "ذلك كان مهيناً، إذ كانت صور اللاعبات ونتائج الاختبارات تُنشر على المجلات".

وأشار لاندبرغ إلى أن هذه الفحوصات أُجريت عدة مرات في الألعاب الأولمبية قبل اتخاذ قرار التوقّف عنها في أولمبياد أتلانتا بالولايات المتحدة عام 1996.

وأدركت اللجنة الأولمبية الدولية آنذاك وجود مشكلة أخلاقية في نشر هذه التفاصيل، مما يعرّض خصوصية اللاعبات للخطر.

لذا، لم ترغب في معالجة الأمر بحسب هيلتون، لأنها اعتقدت أن "هؤلاء اللاعبات، رغم امتلاكهن بعض الخصائص الذكورية، إلا أن ذلك لا يؤثر بشكل كبير في الرياضة". وتعتقد الطبيبة والباحثة أن تكلفة هذا القرار كانت كبيرة على اللاعبات الأخريات.

وقالت هيلتون: "في الواقع، اكتشفت هؤلاء اللاعبات (اللواتي أظهرت نتائج فحوصهنّ نتائج غير اعتيادية) أنهنّ يعانين من حالة طبية لم يكنّ على علم بها، وهي لا تؤثر فقط على أدائهنّ الرياضي بل تتعلق أيضاً بصحتهنّ وخصوبتهنّ".

من جانبه، أكد لاندبرغ لـبي بي سي أن هناك اختلافات كبيرة بين الاتحادات الرياضية في ما يتعلق بالفحص الجيني للجنس، وكذلك المعايير اللازمة للمشاركة في فئة النساء.

وقال: "على سبيل المثال، يضع الاتحاد الدولي للسباحة (فينا) ضمن معايير الأهلية الحق في إجراء الفحص الجيني للجنس".

وأضاف: "هناك اتحادات دولية أخرى تحتفظ بالحقّ نفسه ضمن معاييرها إذا اقتضت الحاجة، مثل اتحاد الملاكمة".

ويرى لاندبرغ أن الاختلاف في قوانين الاتحادات المختلفة "ينبع أساساً من اختلاف في الفلسفات والأفكار، إذ يوازن كل اتحاد بين ضمان منافسة عادلة وآمنة لجميع اللاعبات وبين ضمان أن تكون البطولة شاملة لجميع اللاعبين على اختلافهم".

وتشير هيلتون إلى أزمة عداءة المسافات المتوسطة الجنوب أفريقية كاستر سيمينيا، التي ....

لقراءة المقال كاملا إضغط هنا للذهاب إلى الموقع الرسمي
بي بي سي المصدر: بي بي سي
شارك الخبر

إقرأ أيضا