آخر الأخبار

الحرب في أوكرانيا: أهم التساؤلات التي أثارها توغل القوات الأوكرانية في الأراضي الروسية

شارك الخبر

كان توغل أوكرانيا في الأراضي الروسية في السادس من أغسطس/ آب بمثابة مفاجأة ليس فقط لموسكو، بل أيضا للكثيرين داخل أوكرانيا ومعظم المراقبين والمهتمين بالوضع في المنطقة.

ولكن لماذا قررت كييف شن هذا الهجوم الجريء في حين تنتشر قواتها في عدة أماكن على طول خط المواجهة الذي يمتد لألف كيلومتر؟ وبعد مرور ما يقرب من أسبوع، لا يزال الجيش الروسي يكافح لاحتواء التوغل، ولكن المنطق وراء العملية بدأ يتكشف.

وفيما يلي خمسة أسئلة رئيسية حول هذا التطور الجديد في الحرب في أوكرانيا، والذي من المرجح أن يشكل ما قد تكون عليه الأمور في الأشهر المقبلة.

ماذا حدث في كورسك؟

في السادس من أغسطس/آب الجاري، نفذت القوات الأوكرانية هجوماً مفاجئاً على منطقة كورسك الروسية، المتاخمة لأوكرانيا. وكانت هناك ندرة في المعلومات الموثوقة حول حجم هذا الهجوم.

في البداية، بدا الأمر وكأن العملية كانت على مستوى التوغلات المتقطعة السابقة التي شنتها مجموعات التخريب الروسية المعارضة لحكومة فلاديمير بوتين. وقد حاولت هذه المجموعات الدخول إلى روسيا من أوكرانيا، ويبدو أنها تضم مئات الأفراد من ذوي الأصول الروسية.

ولكن مع انتقال هذا الهجوم إلى عمق الأراضي الروسية ــ حيث أفاد مدونون عسكريون روسيون عن وقوع اشتباكات عنيفة على بعد نحو 30 كيلومترا من الحدود، وأخبر حاكم منطقة كورسك الرئيس بوتين أن 28 قرية روسية سقطت في أيدي الأوكرانيين ــ أصبح من الواضح أن القوات الأوكرانية النظامية كانت متورطة في الهجوم.

ويبدو أنه بينما كانت روسيا تركز قواتها العسكرية على عدة نقاط رئيسية على خط المواجهة الرئيسي وسط استمرار القتال العنيف، قررت أوكرانيا الاستفادة من الحدود التي لا تخضع لحراسة كافية والعبور إلى الأراضي الروسية.

وقال مسؤول أمني أوكراني كبير لم يكشف عن اسمه لوكالة فرانس برس: "نحن في حالة هجوم. والهدف هو إضعاف مراكز العدو وإلحاق أقصى قدر من الخسائر بها وزعزعة استقرار الوضع في روسيا في وقت لا تستطيع فيه حماية حدودها".

لماذا هاجمت القوات الأوكرانية كورسك الروسية؟

في البداية، التزمت كييف الصمت بشأن الهجوم ولم يعترف الرئيس فولوديمير زيلينسكي به بشكل غير مباشر إلا في 10 أغسطس/ آب الجاري. وزعم زيلينسكي أن أوكرانيا استمرت في "دفع الحرب إلى أراضي المعتدي". ولم يذكر أسباباً أو أهدافاً واضحة وراء العملية، لكنه أعلن في 12 أغسطس/آب أن حوالي 1000 كيلومتر مربع من الأراضي الروسية أصبحت الآن تحت سيطرة كييف.

ويحاول محللون عسكريون وسياسيون الإجابة على سؤال "لماذا"، ويتفق معظمهم على أن التشتيت التكتيكي قد يكون أحد الأهداف الرئيسية لهذا التوغل.

وعلى مدى الأشهر الماضية، واجهت أوكرانيا صعوبة أثناء احتواء القوات الروسية في شرق أوكرانيا، والتي كانت تتقدم ببطء، واستولت على بلدة تشاسيف يار الاستراتيجية الشهر الماضي. ولا يقل الوضع صعوبة في شمال شرق وجنوب البلاد.

وعلى الرغم من تفوق روسيا في العدد والتسليح في العديد من النقاط على خط المواجهة الذي يبلغ طوله 1100 كيلومتر، قررت السلطات الأوكرانية المخاطرة بإنشاء نقطة قتال ساخنة على بعد مئات الأميال لإجبار الخصم على توسيع نطاق تمركزه. وقال الخبير الأمني مارك غاليوتي لبي بي سي إن أوكرانيا كانت محاصرة في حرب استنزاف خلال الأشهر الماضية مع معاناتها من محدودية الحركة على الأرض، وأنها الآن تحتاج إلى المخاطرة للحصول على ميزة.

وقال قائد في الجيش الأوكراني، أثناء حديث أدلى به لمجلة الإيكونوميست، إن هذا الهجوم كان "مقامرة، فقد أرسلنا وحداتنا الأكثر جاهزية للقتال إلى أضعف نقطة على حدودهم". وأضاف أن هذه المقامرة لم تؤت ثمارها بالسرعة التي كانت تأملها كييف.

وتابع: "قادتهم ليسوا أغبياء... إنهم يحركون القوات، ولكن ليس بالسرعة التي نرغب بها. وهم أيضاً يدركون أننا لا نستطيع توسيع نطاق الدعم اللوجستي لمسافة 80 أو 100 كيلومتر".

كيف كان رد الفعل الروسي؟

سارعت الدعاية الروسية إلى وصف الجهود المبذولة لدحر التوغل الأوكراني بأنها "عملية مكافحة إرهاب".

وأصدرت أوامر بإجلاء ما يصل إلى 121 ألف شخصاً من منطقة كورسك، كما نُقل 11 ألف شخصاً آخرين من منطقة بيلغورود. وأعلنت السلطات الروسية حالة الطوارئ الفيدرالية في المنطقة مع تقديم تعويضات مالية فردية قدرها 115 دولاراً للسكان المحليين.

وشدد رئيس الأركان في الجيش الروسي الجنرال فاليري جيراسيموف عدة مرات الأسبوع الماضي على أن التوغل الأوكراني قد توقف في حين كانت هناك أدلة على الأرض تثبت العكس.

وتجدر الإشارة إلى أن الجنرال جيراسيموف لم يحضر الاجتماع الأخير لمجلس الأمن الروسي، الذي ترأسه الرئيس بوتين، والذي خصص لحل هذه الأزمة. ومن ناحية أخرى، كان أحد أقرب حلفاء بوتين حاضراً؛ وهو رئيس جهاز الأمن الفيدرالي الروسي ألكسندر بورتنيكوف.

وفي أحدث تصريحاته بشأن الأحداث، اتهم الرئيس بوتين أوكرانيا بالهجوم على مدنيين سلميين ووعد "برد مناسب".

وقال غاليوتي إن أوكرانيا تواجه خطراً حقيقياً يتمثل في التعرض لرد قاسٍ من روسيا.

وأضاف: "قد يدعو بوتين إلى موجة تعبئة أخرى ويحشد مئات الآلاف من الجنود الإضافيين إلى قواته المسلحة".

وأشار إلى أن روسيا قد تجد طرقاً أخرى لتصعيد الصراع. ففي الأشهر الأخيرة، واجهت أوكرانيا حملة قصف روسية مدمرة ضد البنية الأساسية للطاقة، مما أدى إلى تدمير معظمها أو إتلافها جزئياً. ومن المحتمل أن تصبح هذه الحملة أكثر شدة.


إقرأ أيضا