آخر الأخبار

ما هي حركة ما بعد الإنسانية التي تؤمن بأن الخلود قد يصبح ممكنا في المستقبل؟

شارك الخبر

تخيل عالما تحول فيه الإنسان إلى "سوبرمان" – إنسان خارق أو فائق، تحرر من كثير من القيود البيولوجية، وازداد ذكاؤه أضعافا مضاعفة، مقارنة بإنسان العصر الحالي.

تخيل عالما خاليا من الأمراض والآلام.

هل ذكرك هذا الكلام بقصة خيال علمي؟ ربما، لكن هذه النمط من الفكر الذي يؤمن باليوتوبيا التكنولوجية، أوالطوباوية التقنية، يدخل في لب حركة تسمى transhumanism أو ما بعد الإنسانية، والتي حظيت باهتمام كبير في السنوات الأخيرة مع تسارع وتيرة التقدم التكنولوجي.

فما هي هذه الحركة؟ ولماذا تثير رؤيتها لمستقبل البشر بعض المخاوف والإشكاليات؟

مصطلح "ما بعد الإنسانية" يشير بشكل عام إلى حركة تشكلت وتطورت تدريجيا منذ ثمانينيات القرن الماضي. تدعو الحركة إلى فهم وتقييم الفرص التي أتاحها التقدم التكنولوجي لتحسين أوضاع البشر وتعزيزها، وذلك من خلال تبني مقاربة تستند إلى العديد من فروع العلم والمعرفة.

وتركز الحركة على استخدام العديد من التقنيات لتحقيق ذلك الهدف، لا سيما تقنيات النانو الجزيئية والذكاء الاصطناعي وتكنولوجيا المعلومات والهندسة الوراثية. ويرى بعضهم أن الحركة خليفة لحركة humanism (الأنسنة أو الإنسانوية)، إذ إنها تدعو إلى التطبيق المباشر للعلوم والتكنولوجيا للتغلب على القيود البيولوجية الرئيسية للبشر، فضلا عن الوسائل التقليدية لتحسين الطبيعة البشرية التي تركز عليها حركة الأنسنة أو الإنسانوية، كالتعليم والثقافة والفلسفة.

وتشمل "خيارات التعزيز التي تجري مناقشتها"، كما يقول الفيلسوف السويدي، نيك بوستروم، الذي يعد أحد رواد الحركة، "إطالة أعمار البشر وتحسين صحتهم بشكل جذري والقضاء على المعاناة غير الضرورية وتقوية القدرات الذهنية والجسدية والعاطفية للبشر".

ويضيف بوستروم في مقال على موقعه على الإنترنت: "من بين موضوعات ما بعد الإنسانية الأخرى استيطان الفضاء وإمكانية تصميم آلات فائقة الذكاء..البشرية بوضعها الحالي لا ينبغي أن تكون نقطة النهاية للتطور. [نأمل] في أنه من خلال الاستخدام المسؤول للعلم والتكنولوجيا وغيرهما من الوسائل العقلانية أن نتمكن في نهاية المطاف من أن نصبح كائنات ما بعد إنسانية لدينا قدرات تفوق بمراحل قدرات البشر الحاليين".

إرهاصات

رحلة البحث عن الخلود وتخطي القيود التي تفرضها قوانين الطبيعة أو يفرضها التكوين الجسدي للإنسان ليست بالجديدة على البشرية، وهناك العديد من الأمثلة التي سجلها التاريخ – من ملحمة الملك السومري القديم جلجامش الذي خرج في رحلة للبحث عن إكسير الحياة الذي يمنح الأبدية لمرتشفه، إلى أسطورة ينبوع الشباب الدائم التي ذُكرت في مؤلفات المؤرخ هيرودوت، إلى عباس بن فرناس الذي صمم جناحين على أمل أن يتمكن من التحليق في الجو كالطير.

كما أن العيش لسنوات طويلة بجسم وعقل سليمين ليس فقط رغبة بشرية قديمة الأزل، ولكنها فكرة لطالما سيطرت على فلاسفة الغرب مع بدء عصر التنوير، وهو ما دفع البعض منهم إلى تعلم دراسة الطب. من بين هؤلاء الفيلسوف الفرنسي الشهير رينيه ديكارت الذي كان يعتقد أنه من الممكن التوصل إلى طريقة لتأخير الشيخوخة. بل إن عالم الرياضيات والاقتصاد الفرنسي نيكولا كوندورسيه كتب في أواخر القرن الثامن عشر أن التطورات العلمية ستتواصل بما سيمكن الإنسان من العيش لفترة أطول، وأنه "سيأتي اليوم الذي سيكون فيه الموت ناتجا فقط عن حوادث استثنائية". وكان يؤمن بأن الظروف المعيشية الجيدة ووراثة جينات جيدة وتقدم الطب هي مفتاح العيش إلى الأبد.

رواد ما بعد الإنسانية الأوائل

من أوائل من تبنوا فكر بعد الإنسانية عالم الجينات البريطاني جيه.بي.إس هالدن، الذي تنبأ في مقالة نشرت عام 1924 بعنوان Daedalus Or Science and the Future (دايدالوس أو العلم والمستقبل) بكثير من الفوائد المهولة التي ستتحقق مستقبلا مع تطور العلوم، ولا سيما علم الأحياء. تنبأ هالدن بإنتاج نسخة مصنعة من الهرمونات الأنثوية التي ستحسن صحة النساء في مرحلة انقطاع الطمث وما قبلها، وقال إن "القضاء على الأمراض سيجعل الموت حدثا فيسيولوجيا مثله مثل النوم". واهتم هالدن بشكل خاص في مقاله بزراعة الأجنة خارج أجسام الحيوانات و "علم" تحسين النسل (eugenics)، وتطبيقات علم الأحياء والجينات لتعزيز صحة البشر وتنمية ذكائهم.

ويعتبر عالم الأحياء البريطاني جوليان هاكسلي على نطاق واسع مؤسس الحركة، إذ كان السبب في انتشار المصطلح بعد أن استخدمه عنوانا لمقاله المنشور عام 1957، والذي ذكر فيه أنه سيكون باستطاعة الجنس البشري تحطيم القيود التي تحدد قدراته: "نستطيع بالفعل، ولدينا مبرراتنا، أن نؤمن بوجود هذه الفرص والإمكانيات، وبأن بإمكاننا إلى حد كبير التغلب على القيود والإحباطات التعيسة لوجودنا. لدينا بالفعل ما يبرر اقتناعنا بأن حياة البشر كما نعرفها عبر التاريخ حياة مؤقتة بائسة متجذرة في الجهل، وأنه باستطاعتنا تخطي حدودها والتوصل إلى وجود يستند إلى ضوء المعرفة والعلم".

تأسيس الحركة

وقد تبنى فكرة ارتقاء البشرية إلى ما هو أبعد من حدودها رواد حركة ما بعد الإنسانية التي نشأت في الثمانينات وركزت على التقدم العلمي الكبير، ولا سيما في مجال تكنولوجيا الحاسب الآلي ورحلات الفضاء وتجميد الأنسجة والبويضات والأجنة. واجتمع رواد الحركة رسميا في جامعة كاليفورنيا بلوس أنجليس والتي أصبحت مقرا لفكرهم.

وكان من أبرز رموز الحركة المهندس الأمريكي كيه. إريك دركسلر الذي كتب عن آفاق استخدام تقنية النانو والتجميع الجزيئي، والفيلسوف الأمريكي جيمز هيوز وعالم الروبوتات الكندي هانز مورافيتش.

وفي التسعينيات، برزت ضمن حركة ما بعد الإنسانية عقيدة تحررية تنادي بالتخلص من القيود البشرية من خلال التكنولوجيا. وأسس الفيلسوف البريطاني ماكس مور والمحامي والفيلسوف توم بِل معهد الإكستروبيا Extropy Institute. ويعني مصطلح إكستروبيا وفقا لمور "أن ننشد مزيدا من الذكاء والحكمة والتأثير، أن ننشد حياة غير محدودة الأجل وإزالة الحواجز السياسية والثقافية والبيولوجية والنفسية التي تقف في طريق التطور".

ويشدد معتنقو الفكر الإكستروبي على أهمية التفكير العقلاني، ويشتركون في نظرة متفائلة للمستقبل الذي يتوقعون أن يشهد تقدما هائلا في مجال الحواسب الآلية، وتقنية النانو. ويتنبأ كثير منهم بأن البشر سيتوصلون في يوم من الأيام إلى العيش الأبدي، أو على الأقل العيش لفترات أطول بكثير مقارنة بمتوسط أعمارهم الحالي، وامتلاك التقنيات التي تجعل من الممكن إعادة هؤلاء الذين تم تجميد أجسامهم أو أدمغتهم إلى الحياة.

وفي عام 1998، أسس الفيلسوفان السويدي نيك بوستروم والبريطاني ديفيد بيرس رابطة ما بعد الإنسانية العالمية World Transhumanist Association التي روجت للحركة بوصفها فرعا جادا من فروع الأكاديميا. وغيرت الرابطة اسمها في عام 2008 إلى Humanity+ (+الإنسانية)، وشرعت في تقديم رؤية أكثر شمولية لفكرة ما بعد الإنسانية تضم تحت مظلتها بعضا من فروع الفكر الإكستروبي وتدعو إلى استخدام آمن وأخلاقي للتكنولوجيا بغية ت ....

لقراءة المقال كاملا إضغط هنا للذهاب إلى الموقع الرسمي
بي بي سي المصدر: بي بي سي
شارك الخبر

إقرأ أيضا