آخر الأخبار

العنصرية: بي بي سي تلتقي "سفاح عصر الفصل العنصري" في جنوب أفريقيا

شارك الخبر

التقت بي بي سي مع مجرم جنوب أفريقيّ مدان في عمليات قتل جماعيّ في زمن الفصل العنصري.

وقال لويس فان شور، الذي قتل العشرات من ذوي البشرة السوداء، إنه فعل ذلك تحت سمع وبصر الشرطة.

وأضاف لويس أن آخرين غيره يستحقون اللوم في عمليات القتل التي نفذّها بينما كان يعمل حارساً أمنيا.

وفي حديثه لبي بي سي، كشف لويس النقاب عن تفاصيل مروّعة أثارت بدورها تساؤلات عن سبب إطلاق سراحه من السجن في وقت مبكر.

وإذا تسنّى لك عزيزي القارئ الوقوف في غرفة نوم سفّاح، فستبحث عينُك تلقائيا عن أي تفاصيل، ولقد وجدنا سرير لويس فان شور شديد الترتيب، فغطاء السرير يبدو كما لو كان قادما للتوّ من عند الكوّاء.

وكان الهواء في الغرفة مشبعا بدخان السجائر، وكانت المَنفضة مليئة بأعقاب السجائر، ومن السقف، كانت تتدلى ورقة عليها جيش من الذباب الميت.

هذا هو المحيط الذي يعيش فيه لويس فان شور المعروف باسم "قاتل الأبارتهيد"، أما الرجل نفسه فقد فقَدَ أسنانه، كما تدهورت صحته، وبعد سكتة قلبية، بتر الأطباء ساقيه، ليعيش على كرسي متحرك، ما يؤلمه نفسياً، ألما شديداً.

ويحكي لويس أنه عندما قرر الأطباء بتر ساقيه، طلب منهم ألا يخدروه بشكل كُلي وأن يكون التخدير موضعيا حتى يتسنى له مشاهدة عملية البتر.

يقول لويس: "كان الفضول يأكلني، شاهدتهم وهم يباشرون عملية القطع ... كانوا ينشرون العظم".

وفي حديثه لبي بي سي، حاول لويس إقناعنا بأنه "ليس ذلك الوحش الذي يتحدث عنه الناس"، لكن وصفه الحماسيّ لعملية نشْر عظام ساقيه أفسدت محاولته تلك.

وعلى مدى ثلاث سنوات من حقبة الثمانينيات في القرن المنصرم، وفي ظل نظام الفصل العنصري -الذي كان يميّز البِيض على حساب السود في جنوب أفريقيا- قتل لويس فان شور ما لا يقل عن 39 شخصا رمياً بالرصاص.

وكان كل ضحاياه من السود، وأصغرهم سناً صبياً لم يتجاوز بعدُ الثانية عشرة، ووقعت عمليات القتل هذه في مدينة "إيست لندن" بمحافظة كيب الشرقية.

كان لويس فان شور وقتذاك يعمل حارس أمن، يتولى بموجب تعاقُد مهمة تأمين شركات ومطاعم ومحلات تجارية ومصانع ومدارس مملوكة بنسبة 70 في المئة لأشخاص من ذوي البشرة البيضاء.

ولطالما ادّعى لويس أن كلّ مَن قتلهم كانوا "مجرمين" قبض عليهم متلبسين أثناء تسللهم إلى داخل المنشآت التجارية التي كان يقوم على حراستها.

"كان قاتلا من ذلك النوع الذي يحتمي وراء القانون" على حد تعبير الصحفية والسينمائية الجنوب أفريقية آيسا جاكوبسون التي أمضت نحو 20 عاما تحقق في قضايا لويس فان شور.

وعن الضحايا، تقول جاكوبسون: "في معظم الحالات، كانوا أشخاصا نال منهم اليأس، يبحثون في سلال المهملات، ربما كانوا يسرقون طعاما".

حوادث القتل المدان فيها لويس فان شور، الذي كان يقتل في بعض الليالي أكثر من ضحية، كانت تثير الرعب في نفوس السود من سكان مدينة إيست لندن، التي شاع فيها خبر أن رجلا ملتحياً يقوم بإخفاء الناس في الليل، غير أن لويس فان شور لم يكن يطلق الرصاص في الخفاء.

كان لويس يُبلغ الشرطة بنفسه عن كل عملية قتل يقوم بها في الفترة ما بين 1986 و1989، حتى خرج الزعيم المناهض للفصل العنصري نيلسون مانديلا من السجن في عام 1990 ليضع حداً لهذا النوع من الإفلات من العقاب الذي كان يتحصن به لويس وأشباهه.

وأخذ رداء التغيير يكسو عموم جنوب أفريقيا، وبضغوط من ناشطين وصحفيين، ألقي القبض على حارس الأمن لويس فان شور في عام 1991.

وكانت محاكمة لويس واحدة من أكبر المحاكمات في تاريخ جنوب أفريقيا، حيث احتشد العشرات للإدلاء بشهاداتهم، كما قُدّمت آلاف الصفحات كأدلة جنائية.

ومع ذلك لم ينل لويس عقابا عادلا، إذ أن أذرُع نظام الفصل العنصري كانت لا تزال وقتذاك موجودة في جميع السلطات ومنها الجهاز القضائي.

ورغم قتله 39 إنسانا، قضى لويس فان شورفي السجن 12 سنة فقط، ذلك أن المحكمة أدانته بقتل سبعة أشخاص فقط، أما الـ 32 الآخرين فقد اعتبرت المحكمة أن قتلهم كان "مبرَّرا" وهذا هو رأي الشرطة حتى الآن.

وكانت القوانين في ظل نظام الفصل العنصري تعطي عناصر الأمن الحق في استخدام القوة القاتلة ضد المتسللين إلى المنشآت التجارية إذا قاوموا الاعتقال أو حاولوا الهرب.

وقد اعتمد لويس فان شور على هذه القوانين في معرِض دفاعه عن نفسه أمام المحكمة، قائلا إن ضحاياه كانوا يهربون بعيدا عنه عندما كان يطلق عليهم الرصاص.

وعكفت بي بي سي على فحص تقارير شُرَطية قديمة، وتقارير تشريح الجثث، فضلا عن أقوال شهود، فيما يتعلق بما قالت المحكمة إنه "عمليات قتل مبررة".

وكانت الملفات الأكثر أهمية مبعثرة بين مئات الصناديق، ومختفية بعيدا في خزائن.

وأحد أكثر الأدلة ترويعا، بحسب الصحفية والسينمائية آيسا جاكوبسون، تضمّنتْه شهادة أحد الذين أصابهم لويس فان شور، لكن دون أن يُسقطه قتيلا، وتدحض شهادة هذا الرجل ما ادّعاه لويس من أن ضحاياه كانوا يهربون بعيدا عنه عندما كان يطلق عليهم الرصاص.

وقال آخرون إن لويس فان شور أطلق عليهم الرصاص بينما كانوا رافعين أيديهم في وضعية الاستسلام.

فيما قال بعض آخر إنه كان يهزأ بهم ويخيّرهم بين القبض عليهم أو إطلاق الرصاص – قبل أن يطلق الرصاص على صدورهم.

وقال أحد الضحايا، إن لويس أطلق عليه الرصاص في بطنه، ثم طلب الجريح أن يشرب ماء، فكان ردّ الجاني أن ركله في مكان الجرح.

وكان حُرّاس الأمن في ذلك الوقت يحملون مسدسا نصف آليّ عيار 9 مم، عادة ما يكون محشوا برصاصات فارغة، والتي تُحدث بدورها تمزقات داخلية شديدة حال دخول جسم الضحية.

وفي إحدى المرات، أصاب لويس فان شور رجلا أعزل بثماني طلقات، وفي إحدى أكثر حوادثه وحشية، وتحديدا في يوم 11 يوليو/تموز من عام 1988، أطلق لويس فان شور الرصاص على صبي في عامه الرابع عشر، كان قد تسلل إلى مطعم بحثاً عن بضعة نقود.

الصبي آنذاك، والذي لن نذكر اسمه حفاظا على خصوصيته، قال للشرطة، طِبقاً لما ورد في شهادته، إنه اختبأ في دورة للمياه عندما رأى لويس فان شور ومعه المسدس، لكن الأخير طلب من الصبي أن يخرج من دورة المياه، ثم طلب منه أن يقف إلى جوار حائط، قبل أن يطلق عليه الرصاص أكثر من مرة.

وأضاف الصبي: "وبينما كنتُ مستلقيا على الأرض، جاء لويس وركلني في فمي، وجذبني لأعلى ثم صدمني في طاولة قبل أن يطلق عليّ الرصاص مجددا".

ولم تلقَ شهادة الصبي تصديقا من جهات التحقيق، فيما اتُهم باقتحام المطعم، وقد واجه كثير من الشباب السود نفس مصير هذا الصبي بعد أن أدلوا بشهاداتهم في وقائع تعرّضهم للاعتداء ولإطلاق الرصاص على يد لويس فان شور.

وعلى الرغم من استماع المحكمة لأمثال هذه الشهادات، لم يأخذ بها القاضي معتبرا إياها "غير موثوقة".

ولا توجد هيئات محلفين في النظام القضائي الجنوب أفريقي، حيث يُعتبر رأي القاضي نهائيا.

وف ....

لقراءة المقال كاملا إضغط هنا للذهاب إلى الموقع الرسمي
بي بي سي المصدر: بي بي سي
شارك الخبر

إقرأ أيضا