تُعد الفنانة ميمي جمال واحدة من أبرز الوجوه النسائية في تاريخ الفن المصري، وصاحبة مسيرة ممتدة لأكثر من 7 عقود، قدّمت خلالها مئات الأدوار في المسرح والسينما والتلفزيون، جمعت فيها بين الكوميديا الخفيفة والدراما الاجتماعية، وظل حضورها على الشاشة مرتبطا بالبساطة والأداء الصادق.
وفي حديثها مع "العربية.نت"، أكدت أن التكريم الأخير الذي تلقته منحها شعورا بالرضا، وأهدت التكريم إلى روح زوجها الراحل الفنان حسن مصطفى.
منذ بداياتها في سن الطفولة وحتى أدوارها الأخيرة، استطاعت أن تحفر لنفسها مكانة خاصة في قلوب الجمهور، مستندة إلى موهبة فطرية وثقافة فنية اكتسبتها من وقوفها المبكر على خشبة المسرح، واحتكاكها المباشر بكبار الممثلين والمخرجين.
ميمي جمال لم تكن مجرد ممثلة تتنقل بين الأدوار، بل كانت شاهدة على مراحل مهمة من تطور الفن المصري، بدءا من المسرح الكلاسيكي، مرورًا بسنوات الازدهار السينمائي، وصولًا إلى الدراما التلفزيونية الحديثة. حضورها كان دائمًا عنوانًا للحيوية والالتزام، وهو ما جعلها تحافظ على مكانتها حتى مع تغيّر الأجيال وتبدل الأذواق الفنية.
وفي الدورة الثامنة عشرة من المهرجان القومي للمسرح المصري، جاء تكريمها كإشارة تقدير لمسيرة حافلة بالعطاء، وفرصة لاستعادة ذكريات مشوار بدأ بخطوات طفلة صغيرة على المسرح، وتحول إلى سجل طويل من الأعمال التي شكّلت وجدان المشاهد المصري. وفي حوارها مع "العربية.نت"، تحدثت الفنانة ميمي جمال عن هذه اللحظة، وما تعنيه لها بعد كل هذه السنوات من العمل المتواصل.
وقالت الفنانة القديرة إن تكريمها في المهرجان القومي للمسرح المصري يُعد لحظة خاصة في مسيرتها الفنية، مشيرة إلى أن هذا التكريم هو بمثابة رسالة شكر واعتراف رسمي من الوطن برحلة فنية طويلة. وأوضحت أن هذا النوع من الاحتفاء يمنح الفنان إحساسًا عميقًا بالرضا، لأنه يختصر سنوات من الجهد والعمل على خشبات المسرح وكواليس السينما والتلفزيون.
وأوضحت ميمي جمال أن المسرح كان دائمًا بيتها الأول والمدرسة التي صقلت موهبتها، حيث تعلمت منه الانضباط والالتزام، بالإضافة إلى الخوف الإيجابي الذي يدفع الفنان لبذل أقصى ما لديه على الخشبة.
وأضافت: "الجمهور لا يرحم، والمسرح علمني أن أكون في قمة تركيزي وأحافظ على مساحة زملائي، فالفن الحي يحتاج إلى يقظة ووعي دائم".
وأضافت الفنانة أن هذا التكريم يحمل في طياته مشاعر وفاء لزوجها الراحل الفنان حسن مصطفى، الذي وصفته بأنه كان سندها ورفيق رحلتها. وأشارت إلى أنها تهدي هذا الاحتفاء لروحه، لأنه عاش فنانًا ملتزمًا أعطى الكثير للمسرح والفن المصري، دون أن ينال التكريم الرسمي الذي يستحقه في حياته.
وأشارت ميمي جمال إلى أن بدايتها الفنية تعود إلى طفولتها، حيث وقفت على خشبة المسرح لأول مرة وهي في التاسعة من عمرها، ولم تكن ترفض أي دور يُعرض عليها، معتبرة أن التجربة المبكرة والتنوع في الأدوار هما ما ساعداها على بناء خبرة حقيقية.
وذكرت أن الفشل كان في أحيان كثيرة هو معلمها الأول، لأنه يمنح الفنان فرصة لاكتشاف الأخطاء وتصحيحها.
وأوضحت أنها رغم كل سنوات الخبرة، ما زالت تشعر بالرهبة قبل أي عرض مسرحي، مضيفة أن الفنان الذي يفقد هذا الإحساس، يتلاشى شغفه بالفن.
وأفادت أن مسيرتها الفنية لا تُقاس بعدد الأعمال بل بتأثيرها في الجمهور وعمق حضورها في ذاكرة المشاهدين. وأشارت إلى أن الأدوار التي تترك أثرًا حقيقيًا هي التي يعيشها الناس ويتذكرونها بعد سنوات، معتبرة أن هذه هي المكافأة الحقيقية للفنان.
واعتبرت ميمي جمال أن تكريم الدولة للفنان يختلف عن أي تقدير آخر، لأنه يأتي كرسالة من الوطن بأن ما قدمه الفنان كانت له قيمة ومعنى، قائلة: "التكريم من الدولة مثل جرعة فيتامين تدفعك للاستمرار، وتشعرك بأن تعبك لم يذهب سدى".
وعبرت الفنانة عن امتنانها لكل من ساندها في مشوارها، معتبرة أن هذا التكريم لن يكون نهاية المطاف، بل دافعًا لمواصلة العمل وتقديم أدوار تحمل نفس الصدق والحب الذي رافق رحلتها منذ بدايتها وحتى اليوم.