ينطلق هذا الأسبوع برنامج تأشيرات جديد للصين يهدف إلى جذب المواهب التقنية الأجنبية، في خطوة يُنظر إليها على أنها تعزز حظوظ بكين في خضم تنافسها الجيوسياسي مع واشنطن، حيث تدفع سياسة التأشيرات الجديدة للولايات المتحدة الساعين لوظائف بالبلاد إلى البحث عن بدائل.
وفي حين أن الصين لا تعاني من نقص في المهندسين المحليين المهرة، فإن البرنامج جزء من جهود بكين لرسم صورة لنفسها على أنها دولة ترحب بالاستثمارات والمواهب الأجنبية، حيث تُلقي التوترات التجارية المتزايدة بسبب الرسوم الجمركية الأميركية بظلالها على التوقعات الاقتصادية للبلاد، بحسب "رويترز".
وفي وقت سابق من هذا الشهر، أعلنت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب أنها ستطلب من الشركات دفع 100 ألف دولار سنويًا للحصول على تأشيرات "H-1B" للعمال، والتي تستخدمها شركات التكنولوجيا على نطاق واسع لتوظيف المواهب الأجنبية الماهرة.
وقال مايكل فيلر، كبير الاستراتيجيين في شركة جيوبوليتيكال ستراتيجي: "لقد أضرت الولايات المتحدة بنفسها بالتأكيد في ما يتعلق بتأشيرات H-1B، والتوقيت مثالي لتأشيرة K الصينية".
وتعمل دول أخرى، بما في ذلك كوريا الجنوبية وألمانيا ونيوزيلندا، على تخفيف قواعد التأشيرات لجذب المهاجرين المهرة.
ويقول خبراء الهجرة إن عامل الجذب الرئيسي لتأشيرة "K" هو عدم اشتراط وجود صاحب عمل كفيل، وهو ما يُعدّ من أكبر العقبات أمام الراغبين في الحصول على تأشيرات "H-1B" الأميركية.
وتتطلب تأشيرة "H-1B" كفالة صاحب العمل، وتخضع لنظام القرعة، حيث لا يتوفر سوى 85 ألف فرصة سنويًا. وقد تثبط الرسوم الجديدة البالغة 100 ألف دولار المتقدمين لأول مرة.
وقال بيكاش كالي داس، الطالب الهندي في جامعة سيتشوان: "إنها بديل جذاب للمتخصصين الهنود في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات الباحثين عن خيارات تأشيرات مرنة ومبسطة".
كانت الهند أكبر مستفيد من تأشيرات "H-1B" العام الماضي، حيث بلغت نسبة الحاصلين عليها من الهنود 71%.
على الرغم من وعودها، تواجه تأشيرة "K" عقبات؛ إذ تذكر إرشادات الحكومة الصينية شروطًا مبهمة تتعلق بـ "العمر، والخلفية التعليمية، والخبرة العملية".
ولا توجد أيضًا تفاصيل حول الحوافز المالية، أو تسهيلات التوظيف، أو الإقامة الدائمة، أو كفالة الأسرة. وعلى عكس الولايات المتحدة، لا تمنح الصين الجنسية للأجانب إلا في حالات نادرة.
تُمثل اللغة عائقًا آخر، فمعظم شركات التكنولوجيا الصينية تعمل بلغة الماندرين، مما يحد من فرص العمل لغير الناطقين بالصينية.
وقال خبراء إن التوترات السياسية بين دلهي وبكين قد تُصبح أيضًا عاملًا قد يحد من عدد المتقدمين الهنود للحصول على تأشيرة "K" الذين ترغب الصين في قبولهم.
وقال فيلر: "ستحتاج الصين إلى ضمان شعور المواطنين الهنود بالترحيب وقدرتهم على أداء عمل ذي جدوى دون الحاجة إلى لغة الماندرين".
ركزت الصين تقليديًا على توظيف الكفاءات من العلماء المولودين في الصين العاملين في الخارج والصينيين المغتربين.
وشملت الجهود الحديثة تقديم حوافز لشراء المنازل ومكافآت توقيع تصل إلى 5 ملايين يوان (702,200 دولار).
وقد نجحت هذه الإجراءات في إعادة جذب المواهب الصينية العاملة في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات في الولايات المتحدة، خاصة في ظل تزايد تدقيق واشنطن على الروابط مع الصين.
ويوجد في الولايات المتحدة أكثر من 51 مليون مهاجر -15% من سكانها- مقارنة بمليون أجنبي فقط في الصين، أي أقل من 1% من سكانها.
وفي حين أنه من غير المرجح أن تُجري الصين تعديلات جوهرية على سياسة الهجرة للسماح بدخول ملايين العمال الأجانب، يرى المحللون أن تأشيرة "K" قد تُعزز حظوظ بكين في تنافسها الجيوسياسي مع واشنطن.