رصد فريق من العلماء توسعا مقلقا في منطقة تعرف باسم "شذوذ جنوب الأطلسي" (SAA)، وهي منطقة ضعف في المجال المغناطيسي للأرض الذي يحمي الكوكب من الإشعاع الكوني والجسيمات الشمسية الضارة.
ووفقا لدراسة حديثة، فقد تضاعفت مساحة الشذوذ تقريبا منذ عام 2014، لتصبح أكبر من ضعف مساحة ولاية تكساس، بينما تتحرك تدريجيا نحو الغرب باتجاه قارة إفريقيا.
وأظهرت الدراسة أن توسع الشذوذ وتحركه ناجمان عن تدفقات غير منتظمة من الحديد المنصهر في اللب الخارجي للأرض، ما يؤدي إلى تشكّل أنماط مغناطيسية غير مستقرة تُضعف الدرع المغناطيسي في تلك المنطقة.
ويعد المجال المغناطيسي درعا طبيعيا يصد الإشعاع الشمسي والجسيمات المشحونة، وينشأ من حركة الحديد السائل على عمق آلاف الكيلومترات تحت سطح الأرض، فيما يُعرف بـ "الدينامو الأرضي".
غير أن هذا النظام الديناميكي ليس ثابتا؛ فهو يتقلب مع الزمن، ما يؤدي إلى تغيرات في قوة المجال المغناطيسي وموقعه.
يحذر العلماء من أن إضعاف المجال المغناطيسي في منطقة شذوذ جنوب الأطلسي ليس مجرد ظاهرة علمية، بل له تداعيات عملية خطيرة، خصوصا على الأقمار الصناعية والمركبات الفضائية التي تمر عبرها.
ففي هذه المنطقة، تتعرض الأجهزة الفضائية إلى مستويات أعلى من الإشعاع قد تؤدي إلى تعطل إلكترونياتها أو تلف بياناتها أو تضرر أنظمتها الحيوية.
وقال البروفيسور كريس فينلي، أستاذ المغناطيسية الأرضية في الجامعة التقنية بالدنمارك: "يتغير المجال المغناطيسي في إفريقيا بطريقة تختلف عن أمريكا الجنوبية. هناك شيء غير عادي يحدث في هذه المنطقة يؤدي إلى ضعف أشد في المجال المغناطيسي".
وتعد الأقمار الصناعية التي توفر خدمات GPS والاتصالات والتنبؤات الجوية من أكثر الأنظمة عرضة للخطر عند عبورها هذه المنطقة.
وكشفت الدراسة، التي اعتمدت على بيانات جمعتها أقمار Swarm التابعة لوكالة الفضاء الأوروبية (ESA) على مدار 11 عاما، عن تغيرات أخرى في شدة واتجاه المجال المغناطيسي حول العالم.
ففي شمال كندا، تقلصت منطقة المجال المغناطيسي القوي بنسبة 0.65% من مساحة سطح الأرض، بينما تحركت المناطق الضعيفة في نصف الكرة الجنوبي غربا تحت إفريقيا، وتقدمت مناطق أخرى في المحيط الأطلسي شرقا.
وفي المقابل، تحركت المناطق المغناطيسية القوية تحت مضيق بيرينغ غربا، وأخرى بالقرب من إندونيسيا والمحيط الهادئ شرقا، ما يشير إلى ديناميكية شديدة في سلوك المجال المغناطيسي للأرض.
ويشدد العلماء على أن هذه التغيرات، رغم أنها غير محسوسة للبشر مباشرة، إلا أنها قد تؤثر في أنظمة الملاحة والاتصالات والبنية التحتية الفضائية، بل وحتى في دقة الأجهزة التي تعتمد على القياس الجيومغناطيسي.
وتوفر أقمار Swarm الصناعية منذ عام 2013 مراقبة دقيقة للمجال المغناطيسي، ما يمنح العلماء نظرة فريدة إلى أعماق الأرض حيث تنشأ هذه القوى الخفية.
المصدر: ديلي ميل