آخر الأخبار

الصدفة البحتة تكشف عن الكيمياء السرية للذهب

شارك

منذ آلاف السنين، ارتبط الذهب في أذهان البشر بالثبات والديمومة، فهو لا يصدأ، لا يتآكل، ولا يتفاعل بسهولة مع المواد الأخرى. هذه الخواص جعلت المعدن الأصفر رمزا للثروة والاستقرار، ومعدنا مفضلا للحُلي والكنوز وحتى المعاملات المالية.

لكن، ماذا لو أخبرك أحد العلماء أن الذهب يمكن أن يتحول كيميائيا ويكوّن مركبا جديدا غير مألوف، كل ذلك في لحظة غير مخطط لها؟ هذا ما حدث بالفعل في مختبر "سلاك" الوطني لتسريع الجسيمات في الولايات المتحدة.

مصدر الصورة الذهب ارتبط في أذهان البشر بالثبات والديمومة (شترستوك)

تجربة بالصدفة

كان فريق بحثي تابع للمختبر يعمل على دراسة كيفية تشكّل ألماس من مواد هيدروكربونية، تحت ظروف ضغط وحرارة تماثل تلك الموجودة في أعماق الكواكب، هذه التجارب تحتاج أجهزة خاصة تسمى "خلايا السندان الماسي"، تضغط العينة بين قطعتي ألماس صناعي لتصل إلى ملايين البارات من الضغط، ثم تُسخّن بأشعة سينية شديدة الطاقة.

هنا يأتي دور الذهب، حيث استخدم العلماء شريحة رقيقة من الذهب داخل التجربة، ليس لكونه موضوع البحث، بل لأنه يمتص الأشعة السينية ويساعد على تسخين العينة بشكل متساوٍ وسريع.

وحين حلّل العلماء النتائج، لم يجدوا ألماسا فقط، بل وجدوا شيئا لم يتوقعوه على الإطلاق، وهو مادة جديدة مكوّنة من الذهب والهيدروجين، أطلقوا عليها اسم "هيدريد الذهب"، هذه النتيجة كانت صادمة، لأن الذهب عادة لا يدخل في تفاعلات كيميائية بسهولة، خصوصا مع عنصر خفيف وصغير مثل الهيدروجين.

مصدر الصورة في هذه الحالة تتبلور الذرات بشكل غير طبيعي (جامعة كورنيل الأميركية)

سر كيمياء الذهب

مع الفحص تبين السبب، بحسب الدراسة التي نشرها الباحثون في دورية "آنجهفانته كمي إنتِرناشونال إديشن،" تحت الضغط الهائل ودرجات الحرارة العالية، ظهرت حالة غريبة تعرف باسم "الحالة الأيونية الفائقة".

في هذه الحالة، تشكلت ذرات الذهب في صورة شبكة بلورية صلبة وثابتة، بينما ذرات الهيدروجين تحركت بحرية وسط هذه الشبكة، وكأنها "سائل" يتدفق داخل "قالب" صلب.

إعلان

بالإضافة إلى ذلك، فهذه الحركة الحرّة لذرات الهيدروجين جعلت المادة موصلة جيدة للكهرباء، مع خصائص فيزيائية غير معتادة.

تطبيقات متوقعة

هذا الاكتشاف يثبت أن الذهب يمكن أن يكون نشطا كيميائيا تحت الظروف المناسبة، كما أنه يفتح الباب لتحقيق فهم أفضل لما يحدث في أنوية الكواكب العملاقة مثل المشتري وزحل، حيث توجد ضغوط ودرجات حرارة مشابهة.

من جانب آخر، إذا أمكن للعلماء صنع هيدريدات معادن أخرى، فقد نحصل على مواد ذات خصائص فائقة التوصيل أو مقاومة قصوى للحرارة.

مرة أخرى، يشير هذا الاكتشاف إلى واحدة من أكثر الظواهر في العلوم، وهي "السرنديبية"، تلك الاكتشافات الصدفوية، فبعض أهم الاكتشافات لم تأتِ من خطط مدروسة بدقة، بل من لحظات مفاجئة، في هذه الحالة فالعلماء كانوا يبحثون عن ألماس، لكنهم وجدوا ذهبا في صورة جديدة لم تُر من قبل.

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

إقرأ أيضا


حمل تطبيق آخر خبر

آخر الأخبار