نظّمت "عوجن"، وهي منظمة مالية اجتماعية غير ربحية، أمس الخميس، "مؤتمر عوجن 2025 - تحديات، فرص وتأثير اجتماعي"، وذلك في متحف أرض إسرائيل في تل أبيب، والذي خُصص جزء منه للحديث عن المجتمع العربي واحتياجاته الاجتماعية والاقتصادية،
مصدر الصورة
ومساهمة صندوق القروض الاجتماعية التابع لعوجن، في دعمها.
وأشار خالد حسن، مدير تطوير اقتصاد المجتمع العربي في "عوجن"، إلى أن المجتمع العربي كان في صلب مؤتمر عوجن 2025، حيث ناقش المؤتمر من بين القضايا المختلفة، قضية التمكين الاقتصادي والعدالة الاجتماعية للمجتمع العربي. أضاف: "يأتي مؤتمر عوجن السنوي 2025 ليؤكد أن التحدّيات الاقتصادية في المجتمع العربي ليست هامشية، بل قضية مركزية تتطلب أدوات مالية عادلة، وشراكات حقيقية، ورؤية ترى في المجتمع العربي فرصة للنمو والاستقرار للجميع".
وتناول المؤتمر هذا العام التحديات الاقتصادية والاجتماعية الكبرى التي تواجه البلاد بعد عامين من الحرب، والتي كانت عوجن خلالهما في طليعة تقديم الدعم الاقتصادي للفئات المتضررة. كما بلور المؤتمر اتجاهات عمل لتعزيز الصمود، والنمو، والتعافي، من خلال توظيف الابتكار المالي الذي تقوده عوجن، وتعزيز الخدمات المصرفية الاجتماعية بهدف تقليص الفجوات الاجتماعية وخلق تكافؤ فرص للمصالح التجارية الصغيرة والفئات الاجتماعية المهمّشة في إسرائيل.
كان من بين المتحدثين: حسان طوافرة، المدير العام السابق لسلطة التطوير الاقتصادي للمجتمع العربي، محمد عودة، من أصحاب المطاعم، وزير المالية الأسبق ورئيس حزب "إسرائيل بيتنا"، عضو الكنيست أفيغدور ليبرمان؛ الوزير المسؤول عن إعادة تأهيل الشمال والجنوب زئيف إلكين؛ رئيس المجلس الوطني للاقتصاد البروفيسور آفي سمحون؛ المشرف على البنوك دانييل ححيشوِيلي؛ المسؤولة عن المنافسة ميخال كوهين؛ رئيس بنك Esh البروفيسور شموئيل هاوزر؛ مؤسس شركة ميلانكوس إيال فلدمان؛ رئيس "معوز" جيف شفارتس؛ المدير العام لـ"عوجن" ساغي بلاشه.
تحدث مدير عام عوجن، ساغي بلاشه، خلال المؤتمر عن أهمية وجود بنوك اجتماعية تأخذ بعين الاعتبار جميع فئات المجتمع: "في الولايات المتحدة يوجد بنك واحد لكل 77 ألف أميركي. في إسرائيل هناك ثمانية بنوك، بنك واحد لكل 1.2 مليون شخص. هذا يعني أن مستوى المنافسة في البلاد أقل، والمنافسة تتركز على الفئات القوية، والشرائح العليا، والشركات الكبيرة، وبشكل أقل بكثير على المصالح الصغيرة".
وأضاف بلاشه: "في إسرائيل هناك ثلاث فئات سكانية لا تتمتع بإمكانية الوصول الجيد للخدمات البنكية، العائلات من الطبقة المتوسطة وما دون، المصالح الصغيرة وخاصة في الضواحي، والمنظمات غير الربحية. ولهذا نحتاج إلى بنوك اجتماعية، كما هو الحال في العالم. في أوروبا 30% من البنوك هي بنوك اجتماعية أو تعاونية، وفي الولايات المتحدة 43% هي بنوك تعاونية".
وأشار بلاشه إلى أن "لدى عوجن أكثر من مليار شيكل من الأصول، ونحن في نمو ملحوظ ولدينا خطوط ائتمان من البنوك التقليدية. عندما نصبح بنكًا، سنتمكّن من النمو عشرات المرات. البنك يتيح تجنيد ودائع وفتح حسابات جارية، وهذا يعني أنه سيكون بإمكاننا تجنيد حجم أكبر بكثير من الائتمان. نحن ننتظر موافقة سلطة سوق المال لانضمام رابطة ‘أوفِك‘ الائتمانية إلينا، والتي لديها القدرة على تقديم خدمات مصرفية. ومن لحظة الحصول على الموافقة، سنكون قادرين على العمل خلال نصف عام".
تحوَلات في المجتمع العربي
من جانبه، استعرض طوافرة، بعض التحولات الاجتماعية والاقتصادية الجيدة التي شهدها المجتمع العربي في البلاد خلال العقد الأخير، كما أثنى على الدور الذي تقوم به "عوجن" لدعم ذلك. وتحدث عن تقدّم ملحوظ في معظم المؤشرات، من قبيل ارتفاع كبير في نسبة التعليم العالي، وزيادة مشاركة النساء العربيات في سوق العمل إلى نحو 50% بعد أن كانت أقل من 30% لعقود. كما تجاوزت نسبة الاستحقاق للبجروت في التعليم العربي نظيرتها في التعليم العبري لأول مرة. ولكن بالمقابل، رغم هذا التقدّم، ارتفعت مستويات الجريمة والعنف لتصبح تهديدًا يوميًا للمجتمع العربي وللدولة ككل. وتحدث هنا عن أهمية اتاحة الائتمان، كعامل حاسم لضمان استمرار النمو من جهة، والحد من التوجّه الى السوق السوداء من جهة أخرى، والتي تغذي الجريمة. وأشار في هذا السياق إلى فجوات واضحة، في مجالات مثل الائتمان، وكذلك القروض السكنية (مشكنتا) التي يُمنح أقل من 1% منها للبلدات العربية. وانتقد طوافرة تقصير البنوك في بعض المجالات حين يتعلق الأمر بالمجتمع العربي، واعتبر أن المعطيات تستدعي إعادة التفكير في المسار الاقتصادي، عبر رؤية تعتمد على اعتبار المجتمع العربي فرصة اقتصادية كبيرة تتطلب شراكات محلية، وفهمًا عميقًا للسوق، واستثمارًا طويل الأمد، خاصة في ظل غياب بنوك متخصصة تخدم مليوني مواطن عربي.
بالمقابل، أثنى على دور "عوجن"، معتبرًا أنها بذلت جهدًا تجاريًا حقيقيًا بالنظر إلى هذه الفرصة، وأن المسؤولين فيها يستحقون التقدير. وأوضح أن المسؤولين إلى جانب الطاقم، حدّدوا الإمكانات، وأنشأوا وحدة تعنى بالمجتمع العربي، ويعملون مع شركاء محليين، وينجحون في إدخال خدمات جديدة، وائتمان اجتماعي، إلى المجتمع العربي، داعيًا المشاركين في المؤتمر ومختلف المؤسسات للتفكير بالطريقة نفسها. وأوضح أن "هناك إمكانيات، وهناك فرصة، وأعتقد أن كل من يدخل هذا المجال سيستفيد، ومن جهة أخرى سنربح جميعًا القضاء على الجريمة والعنف".
قطاع المطاعم
في ندوة مهنية وصريحة خلال المؤتمر، ناقش عدد من كبار العاملين في قطاع المطاعم في إسرائيل التعقيدات الإدارية والاقتصادية التي يواجهها هذا المجال. وكشف النقاش عن الفجوة بين الصورة اللامعة التي تُنسب للقطاع وبين الواقع اليومي، الذي يتميّز بهامش ربح منخفض، وإجراءات حكومية مرهقة، وصعوبات في التمويل، وتحديات في القوى العاملة تفاقمت بعد جائحة كورونا.
كان من بين المشاركين، محمد عودة، وهو صاحب مطعمين في المجتمع العربي. وتحدّث عودة عن تعدّد الأدوار المطلوب من صاحب المطعم اليوم، فهو يعمل كتقني، وكمعالج نفسي، وكمسؤول مشتريات، وكمسوّق في الوقت نفسه. وأكد أن رضا الزبون يمنح شعورًا كبيرًا بالإنجاز يجعل صاحب المطعم ينسى كل الجهد والعمل الشاق المبذول.
وفي حديثه عن صعوبات التمويل، شدّد عودة على المعاملة الصعبة التي تتلقاها المطاعم من البنوك، خصوصًا في المجتمع العربي، حيث يُنظر إلى هذا القطاع كعمل ذي مخاطر عالية.
كما أشار إلى البُنى التحتية المتردّية في المجتمع العربي بشكل عام، وأنه "بخلاف تل أبيب، يضطر أصحاب المطاعم في البلدات العربية إلى الاهتمام بأنفسهم بالبنى التحتية الأساسية مثل شق طرق (تؤدي للمطاعم)، النظافة، وتوفير مواقف السيارات حول المطاعم".
ووصف عودة مطاعمه كمكان للقاء اليهود والعرب، وأكد على دور الطعام في الربط بين الناس، والحاجة إلى رأب الصدع في المجتمع، قائلاً: "نحن أبناء عم".
المصدر:
بانيت