آخر الأخبار

على حافة الاشتعال: هل تنزلق المنطقة إلى حربٍ إقليمية شاملة؟/ بقلم: مرعي حيادري

شارك

تشهد المنطقة في الأسابيع الأخيرة توترًا متصاعدًا يتوزع بين خروقات على الحدود اللبنانية وتصعيد متقطع في قطاع غزّة، بينما تتحرك الوساطات العربية والدولية لمحاولة تثبيت تهدئة هشة. هذا المشهد المركّب يطرح سؤالًا ملحًّا: هل ما يجري مجرد اشتباكات يمكن احتواؤها، أم أننا أمام مسار يقود إلى مواجهة إقليمية أوسع؟
على الحدود الشمالية، ورغم فترات الهدوء النسبي، تواصل إسرائيل تنفيذ ضربات محدودة وعمليات اغتيال تكتيكية، مبررة ذلك بوجود “تهديدات محتملة”. في المقابل، يردّ حزب الله بعمليات محسوبة تستهدف مواقع عسكرية قريبة من الخط الأزرق، دون الانزلاق إلى حرب شاملة. هذا التوازن الدقيق يبدو كما لو أنّه اختبار مستمر لحدود التصعيد، لكنّ هشاشته تجعل أي خطأ أو عملية غير محسوبة كفيلة بإشعال مواجهة واسعة.
في غزّة، تستمر الهدنة الهشة في التعرّض لخروقات متفرقة، سواء من خلال اشتباكات ميدانية أو ضربات جوية محدودة. التدهور الإنساني يزيد الاحتقان، والمفاوضات في القاهرة والدوحة تتقدم ببطء، بينما تبقى احتمالات العودة إلى القتال قائمة في حال حدوث استهداف كبير أو سقوط عدد كبير من الضحايا. وهكذا تتحوّل الهدنة إلى مساحة رمادية أكثر مما هي اتفاق ثابت.
تتحدد احتمالات التصعيد بثلاثة عوامل رئيسية:

أولًا: انعدام الثقة.
غياب آليات رقابة واضحة يجعل كل طرف يشكّ في التزام الآخر. في بيئة مضطربة كهذه، قد يتحول أي خرق صغير إلى مواجهة واسعة، خصوصًا مع تراكم الحوادث على مدى الأشهر الماضية.

ثانيًا: الضغوط الداخلية.
في إسرائيل، تتزايد الانتقادات للقيادة السياسية والعسكرية، وهناك ضغط شعبي وإعلامي للرد على أي تهديد شمالي. وفي المقابل، يتعرض حزب الله لضغط من جمهوره وحلفائه لإثبات قدرته على الردع وعدم السماح لإسرائيل بتغيير قواعد الاشتباك. هذه الحسابات تجعل التراجع صعبًا وتدفع الطرفين إلى التشدد أكثر مما يريدان.

ثالثًا: تشابك المحاور الإقليمية.
اليمن حاضر في المشهد من خلال عمليات قد تتجدد إذا توسع نطاق التصعيد، فيما تبقى إيران لاعبًا مركزيًا لكنها تفضّل حتى الآن إدارة الصراع من الخلف. غير أن استهدافًا كبيرًا لمصالحها قد يدفعها إلى رد مباشر أو عبر حلفائها، مما يوسّع دائرة المواجهة بشكل تلقائي.
مع ذلك، ورغم كل بوادر التوتر، فإنّ احتمال اندلاع حرب شاملة ليس الأكثر ترجيحًا. الولايات المتحدة لا تريد تفجر جبهة جديدة تُربك حساباتها الدولية، كما تدرك إسرائيل أن حربًا متعددة الجبهات ستكون باهظة التكلفة سياسيًا وعسكريًا. أما الوساطة العربية — خصوصًا المصرية والقطرية — فهي تعمل على تثبيت خطوط التهدئة وتخفيف الاحتقان، إدراكًا منها أن أي مواجهة واسعة ستنعكس على استقرار الإقليم بأكمله.
الخلاصة أن المنطقة تقف اليوم في مساحة خطرة بين الحرب والسلام. لا توجد حرب معلنة، لكن لا توجد هدنة حقيقية أيضًا. ما يجري هو إدارة للتوتر بدلًا من حلّه، وتعايش هشّ بين الجهود الدبلوماسية والاشتباكات الميدانية. ومن دون ضمانات واضحة وآليات مراقبة فعّالة، سيبقى احتمال الانفجار قائمًا، ويمكن أن تندلع شرارته من حادث بسيط يفتح الباب أمام مواجهة أكبر تتداخل فيها جبهات غزّة ولبنان واليمن، وربما أطراف إقليمية أخرى.
اللهم اني قد كتبت وقرأت وحللت واستنتجت..وأن كنت على خطأ فصححوني..
انتهى..

كل العرب المصدر: كل العرب
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا