آخر الأخبار

هل إسرائيل على أعتاب دكتاتورية فاشية؟

شارك

إسرائيل تشهد في هذه المرحلة واحدة من أخطر التحولات السياسية في تاريخها الحديث، حيث يسعى بنيامين نتنياهو إلى إعادة صياغة قواعد اللعبة الديمقراطية بما يخدم مشروعه السلطوي. تصريحاته الأخيرة حول نيته استكمال حظر الحركة الإسلامية ليست مجرد خطوة إجرائية أو مناورة انتخابية، بل هي مؤشر واضح على توجه نحو نظام استبدادي يضيق ذرعاً بأي صوت عربي أو معارض، ويعمل على تكريس هيمنة اليمين المتطرف على مؤسسات الدولة.

ما يخطط له نتنياهو لا يقتصر على الحركة الإسلامية الجنوبية أو القائمة الموحدة، بل يتعداه إلى استهداف كل الأحزاب العربية. وجود هذه الأحزاب، مهما اختلفت توجهاتها، يشكل تهديداً مباشراً لاحتكار نتنياهو للسلطة، لأنها تمنح المجتمع العربي أدوات سياسية للتعبير والمشاركة. لذلك يسعى إلى تجريد هذا المجتمع من حقه الطبيعي في التمثيل، وتصويره كعدو داخلي يجب إخراجه من اللعبة الديمقراطية. إن حظر أي حزب عربي يعني عملياً حظر المجتمع العربي بأسره، وتحويله إلى كتلة صامتة بلا أدوات سياسية، وهو ما يمثل معركة وجود وليست مجرد خلاف سياسي.

توقيت هذه التصريحات ليس عفوياً. نتنياهو بارع في استغلال الأحداث الأمنية والعسكرية ليقطف ثمارها سياسياً. في لحظة الأزمات الداخلية، يلجأ إلى تضخيم ما يسميه “الخطر الإسلامي” ليكسب دعم قاعدته اليمينية، ويحوّل الأنظار عن ملفات الفساد والأزمات الاقتصادية والاجتماعية التي تلاحقه. كما يراهن على فتح مواجهة مع المحكمة العليا إذا رفضت هذه الخطوات، ليحوّلها بدورها إلى خصم سياسي يتهمه بدعم “الإخوان المسلمين”، في محاولة لتأليب الرأي العام ضد مؤسسات الدولة نفسها.

في المقابل، المعارضة الإسرائيلية تبدو عاجزة عن تقديم بديل سياسي متماسك. الانقسامات العميقة بين قادتها تجعلهم غير قادرين على الاصطفاف في مواجهة سياسات نتنياهو. بعضهم يدرك أن هذه السياسات تهدد الديمقراطية، لكنه يتجنب الوقوف علناً إلى جانب الأحزاب العربية خشية خسارة جزء من قاعدته الانتخابية. هذا التشرذم يمنح نتنياهو هامشاً واسعاً للمناورة، ويكشف أن المعارضة غير قادرة على مواجهة مشروعه السلطوي أو حماية ما تبقى من الديمقراطية.

الرسالة التي يجب أن تصل بوضوح هي أن الدفاع عن الحركة الإسلامية أو القائمة الموحدة ليس دفاعاً عن حزب بعينه، بل هو دفاع عن وجود المجتمع العربي السياسي وعن بقايا الديمقراطية التي يحاول نتنياهو سحقها تدريجياً. إذا نجح في هذه الخطوة فلن يتوقف عندها، بل سيواصل استهداف كل الأحزاب العربية، ليحوّل إسرائيل إلى نظام استبدادي يرفع شعار الديمقراطية بينما يمارس أبشع صور الإقصاء والتمييز. هذه معركة وجود، معركة على الحق في المشاركة والتمثيل، وعلى هوية الدولة نفسها.

كل العرب المصدر: كل العرب
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا