أطلق مركز مساواة يوم الجمعة 21.11.2025 في الحديقة الصناعية في مدينة الناصرة، وبالتعاون مع دائرة تعميق المساواة في نقابة العمال مبادرة تهدف الى تحصيل حقوق مدينة الناصرة من الميزانيات الحكومية بمشاركة العشرات من أعضاء البلدية المنتخبين.ات ، إضافة الى الخبراء والخبيرات والنشطاء من أبناء وبنات المدينة. وخلال اللقاء تم تشكيل طواقم عمل متخصصة لمتابعة قضايا التربية والتعليم ، الصناعة والتشغيل، الرفاه الاجتماعي، المواصلات، البيئة، الصحة، الثقافة والرياضة ، السياحة، البناء والأسكان والبنية التحتية. وستعمل هذه الطواقم على إعداد مقترحات مهنية حول احتياجات الناصرة، تمهيدًا لعرضها أمام اللجنة المعيّنة والوزارات الحكومية، بهدف وضع خطة تطوير متكاملة تستند إلى معطيات دقيقة ورؤية مشتركة.
افتتحت المديرة التنفيذية لمركز مساواة، سهى سلمان موسى، اللقاء بالتأكيد على أهمية التنظيم المجتمعي في تحصيل الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، مشيرة الى مرافقة جسر الزرقاء لتحصيل قرار حكومي. وأشارت إلى محاولات الوزيرة ماي جولان السيطرة على ميزانيات التطوير وتحويلها للشرطة بدل تطوير البلدات العربية. وأكدت أن الأزمة التي تعيشها الناصرة ليست قدرًا، بل نتيجة سياسات قابلة للتغيير عبر العمل المهني والشراكة الواسعة. وشددت على أن هذه المبادرة ليست حدثًا عابرًا، بل خطوة استراتيجية لصياغة رؤية تُلزم الوزارات بتحمّل مسؤولياتها.
رئيس دائرة تعميق المساواة في نقابة العمال، عزيز بسيوني أشار الى أهمية التعامل مع قضايا التشغيل والصناعة التي يمكن اعتبارها من أهم المواضيع التي تشغل بال أهل الناصرة بسبب نسب البطالة العالية التي يعاني منها بالذات الشباب والنساء في المدينة, وهذا يحتم بناء خطة اقتصادية شاملة تعزز فرص العمل، وتدعم الصناعات المحلية وتستقطب الصناعات الكبيرة وتدعم المبادرات المهنية التي تخلق مسارات تشغيل حقيقية ومستدامة.
وشاركت من خلال تقنية الزوم المديرة العامة لبلدية الناصرة، ناهدة منصور، مؤكدة على التزامها بمسار تشاوري واسع مع أهالي المدينة بهدف تطوير الناصرة وإخراجها من أزمتها الراهنة. وأوضحت أن العجز المالي في ميزانية البلدية يبلغ نحو 349 مليون شيكل، مشيرة إلى أن البلدية ستتوجّه إلى جميع المكاتب الحكومية لتحصيل ميزانيات التطوير وهبات الموازنة، والعمل على تأمين الموارد اللازمة للنهوض بالمدينة وتعزيز الخدمات المقدمة لسكانها.
واستعرض مدير مركز مساواة، جعفر فرح، أبرز المعطيات التي جمعها المركز حول ميزانيات التطوير المخصّصة للناصرة، والتي يُفترض استنفادها لتحسين البنى التحتية والخدمات الأساسية في المدينة. وأوضح أن الناصرة بحاجة إلى نحو 191 غرفة تعليمية جديدة لمعالجة الاكتظاظ، وأن وزارة الإسكان لم تطرح منذ عام 2023 أي مشاريع تسويق للشقق السكنية، الأمر الذي يُفاقم أزمة السكن. كما أشار إلى رفض عدد من طلبات التمويل في مناقصات وزارة الإسكان بسبب غياب المصادر الذاتية اللازمة لاستكمال المشاريع. وشدّد فرح على أهمية الدمج بين العمل المهني والنشاط الشعبي للتأثير على عمل اللجنة المعيّنة لضمان تحصيل الحقوق كاملة.
وتحدث عضو بلدية الناصرة المنتخب عن الجبهة، المهندس شريف زعبي، عن أهمية استعادة المدينة لعافيتها بعد واحدة من أصعب المراحل التي مرّت عليها خلال السنوات الأخيرة. وأعلن عن مبادرة لتشكيل "بلدية ظل" تكون إطارًا مهنيًا ومجتمعيًا يرافق عمل البلدية، ويضغط بالتوازي مع البلدية والمؤسسات الأهلية لتحصيل حقوق الناصرة من الوزارات والمكاتب الحكومية، ولضمان متابعة جديّة لاحتياجات المدينة وتطويرها.
وتحدثت عضو بلدية الناصرة المنتخبة عن القائمة الموحدة، إيمان صالح، عن أهمية استعادة الثقة بين مختلف المكوّنات السياسية والاجتماعية في المدينة، مؤكدة أن تجاوز أخطاء الماضي يشكّل خطوة أساسية للحفاظ على الناصرة وتطويرها. وشدّدت على ضرورة العمل المشترك والمسؤولية الجماعية لضمان مستقبل أفضل للمدينة وأهلها.
وأشار الناشط هاني نجم إلى أهمية إقامة لجان شعبية فاعلة في الناصرة، وتعزيز التنسيق بينها وبين الأحزاب السياسية وأعضاء الهيئات المنتخبة، باعتبار هذا التعاون عنصرًا أساسيًا في بناء قوة مجتمعية منظّمة قادرة على الضغط، والمتابعة، وصياغة رؤية مشتركة لتحصيل حقوق المدينة وتعزيز حضورها في مراكز اتخاذ القرار.
وأكد سكرتير جبهة الناصرة، ماهر عابد، استعداد الجبهة للتعاون مع جميع المبادرات الجادة التي تخدم مصلحة المدينة وتسهم في إخراجها من أزمتها الحالية. وشدّد على أن الجبهة ستباشر بعقد اجتماعات مع مختلف المجموعات والمبادرات المحلية، والتواصل مع المؤسسات الفاعلة في المدينة، بهدف مرافقة وبناء خطط عمل مشتركة تعزّز مسار التطوير وتدعم استعادة الناصرة لدورها ومكانتها.
وتم تقسيم الحضور إلى مجموعات عمل تخصصية ناقشت واقع الناصرة في مختلف المجالات. وقدمت كل مجموعة مقترحات أولية، جرى استعراضها من قبل ممثليها تمهيدًا لبناء خطة عمل شاملة للمدينة:
الصحة: قدّمت د. نورعبد الهادي شحبري عرضًا شاملًا لأبرز التحديات الصحية التي تواجه مدينة الناصرة، واقترحت عقد اجتماع موسّع يضم جميع المؤسسات الصحية في المدينة بهدف بلورة خطة استراتيجية لإغلاق الفجوات الصحية القائمة. وأوضحت أن الناصرة خسرت خلال السنوات الأخيرة نحو 3.5 مليون شيكل كان من المفترض تخصيصها لإنشاء وحدة صحة بلدية، إضافة إلى حوالي 5 ملايين شيكل خُصصت لمسارات مشي تُعزز نمط الحياة الصحي وتشجع على الرياضة الشعبية. كما أشارت د. شحبري إلى أن الناصرة تتصدر قائمة البلدات العربية من حيث نسب الإصابة بمرض السكري، ما يستوجب تدخلًا مهنيًا متكاملًا لتحسين الوضع الصحي العام.
التربية والتعليم: قدّم الأستاذ رافع شحبري والأستاذ راجي منصور عرضًا مركّزًا حول التحديات والفرص في جهاز التعليم في الناصرة، مؤكدَين ضرورة مواصلة إعمار الغرف التدريسية وتطوير المضامين التعليمية بما يتلاءم مع احتياجات الطلاب وتطورات العصر. وشدّدا على أهمية معالجة ظاهرة التسرب المدرسي بين الشباب من خلال بناء أطر تربوية داعمة تستجيب لاحتياجات الطلاب وترافقهم أكاديميًا ونفسيًا. كما أشارا إلى ضرورة إقامة إطار تربوي يساند الأهالي، ويوفر لهم المعلومات والإرشاد لتعزيز دورهم في العملية التعليمية. وخلصت المجموعة إلى أهمية إعداد خطة استراتيجية شاملة لجهاز التعليم في الناصرة تمتد لعشرين عامًا، تضمن تطوير البنية التحتية، تحسين الجودة التعليمية، وتعزيز جاهزية الجهاز لمستقبل المدينة. وشاركت في الحوار رئيسة لجنة متابعة قضايا التعليم العربي د. هديل كيال والتي اعربت عن استعداد اللجنة لدعم مطالب الناصرة.
المواصلات: قدّم المهندس ألبير أندريا عرضًا لابرز التحديات التي ناقشتها مجموعة المهندسين في مجال المواصلات، مؤكدًا على أهمية تطوير مسار القطار السريع بين حيفا والناصرة بحيث يخدم أحياء المدينة بشكل مباشر وفعّال. كما شدّد على ضرورة إقامة محطة مركزية حديثة للمواصلات العامة، تكون نقطة ربط بين الخطوط الوافدة من خارج المدينة وتلك التي تخدم التنقل داخل الأحياء، بما يعزز سهولة الحركة، يقلّل الازدحامات، ويرفع مستوى الخدمات للمواطنين.
البناء والاسكان: قدّمت المهندسة هبة بواردي عرضًا لملخص عمل مجموعة الهندسة، مؤكدة على أهمية توسيع مسطح نفوذ مدينة الناصرة وتطوير المخططات التفصيلية للمدينة وأحيائها بما يضمن استجابة حقيقية لاحتياجات السكان. وشدّدت على ضرورة دفع مشاريع التجديد الحضري، خاصة في المنطقة الصناعية القديمة، وتشجيع استصلاح وترميم المباني التاريخية في سوق البلد والأحياء القديمة لتعزيز الطابع العمراني والسياحي للمدينة.
وأجمعت المجموعة على أهمية الاستثمار في تطوير القدرات البشرية داخل قسم الهندسة والتخطيط ولجنة التنظيم والبناء، إضافة إلى ضرورة مشاركة اللجنة المعينة في الناصرة في جلسات اللجنة اللوائية للتخطيط لضمان تمثيل مصالح المدينة في القرارات التخطيطية. كما قدّمت الاقتصادية مروة زعبي عرضًا لبرنامج جديد يهدف إلى مرافقة الأزواج الشابة والعائلات في الحصول على قروض إسكان، وتقديم استشارات مهنية تسهّل دخولهم لسوق السكن وتحسين فرصهم في استقرار اقتصادي واجتماعي.
الصناعة والتشغيل: قدّم الاقتصادي أمين فارس ملخص عمل مجموعة الصناعة والتشغيل، مشيرًا إلى أهمية استكمال المخططات التفصيلية للمنطقة الصناعية المشتركة بين الناصرة والرينة، وتسويق المنطقة الصناعية الجديدة كمساحة قادرة على استقطاب شركات الهايتك والصناعات المتقدمة. واقترح المطالبة بإعادة توزيع مداخيل المناطق الصناعية المقامة على أراضي الناصرة والتي أُلحقت بمنطقة نفوذ نوف هجليل، كما حصل في مناطق مختلفة. كما شددت المجموعة على أهمية استقطاب مشغّلين جدد إلى المدينة، وتطوير برامج تدريب وتأهيل مهني لدمج العمال—وخاصة الشباب والنساء—في سوق العمل بشكل فعّال ومستدام.
الرفاه الاجتماعي: قدّمت رئيسة نعمت في الناصرة، ريهام أبو العسل، ملخّصًا للنقاش الذي دار في مجموعة الرفاه الاجتماعي، حيث شددت المجموعة على ضرورة تطوير البنى التحتية للخدمات الاجتماعية وتعزيز العمل الجماهيري في الأحياء. كما أكدت أهمية إنشاء مراكز مهنية لمرافقة العائلات الفقيرة ودعمها بشكل منهجي ومستدام. وشددت المجموعة على الحاجة الملحّة لتعيين مدير/ة لقسم الرفاه الاجتماعي في أسرع وقت ممكن لضمان قيادة مهنية قادرة على النهوض بالقسم. كما دعت المجموعة إلى إعداد خطة بعيدة المدى لمعالجة التحديات الاجتماعية في المدينة، بالتنسيق بين اللجنة المعينة والجمعيات الأهلية والمؤسسات الحكومية، وعلى رأسها مؤسسة التأمين الوطني، بهدف بناء شبكة دعم متكاملة تخدم مختلف الشرائح.
الثقافة والرياضة: قدّم عضو البلدية ميسرة أبو شحادة ملخّصًا حول التحديات التي ناقشتها مجموعة الثقافة والرياضة، مؤكدًا على أهمية تطوير البنية التحتية للإنتاج الثقافي في الناصرة، بما يشمل المسرح، الرقص الشعبي، الفنون التشكيلية، الموسيقى والغناء والسينما، إضافة إلى دعم الجمعيات الثقافية الفاعلة في المدينة. وشددت المجموعة على ضرورة توفير أطر رياضية متنوعة وتنظيم مسابقات وبطولات بين الأحياء لتعزيز الروح الرياضية وبناء جسور تواصل بين سكان المدينة، واقترحت إعادة إحياء سباق الركض الذي نظمته البلدية على مدار سنوات طويلة. كما أشارت المجموعة إلى أهمية إقامة ست قاعات رياضية بتمويل من "التوتو- وينير"، لتحتضن النشاطات الرياضية في الأحياء وتوفير مساحة آمنة ومجهزة للشباب والأطفال.
السياحة: قدّم طارق شحادة ملخصًا لاقتراحات مجموعة العمل التي تناولت تحديات القطاع السياحي في الناصرة، حيث شددت المجموعة على ضرورة تطوير البنية التحتية القادرة على استقبال السياحة الوافدة بشكل لائق وفعّال. وأكدت أهمية زيادة عدد الغرف الفندقية في المدينة، إلى جانب إقامة مركز استعلامات بلدي يزوّد الزوار بالمعلومات والخدمات المناسبة، ويقود حملات تسويق مهنية لتعزيز مكانة الناصرة كوجهة سياحية مركزية. كما أبرزت المجموعة الدور الحيوي للبلدة القديمة وسوق الناصرة ، مؤكدة على ضرورة الحفاظ على الإرث الثقافي والعمراني والديني المميز لها، وتشجيع دخول السائحين إليها باعتبارها القلب التاريخي والحضاري للمدينة.
وبدأت طواقم العمل بتلخيص مقترحاتها للفترة قصيرة الأمد للسنوات 2025–2026، على أن تشرع خلال عام 2026 في إعداد مسودات خطط عمل استراتيجية تمتد للسنوات 2027–2031، بهدف بناء رؤية شاملة ومتواصلة لتطوير المدينة في مختلف المجالات.
المصدر:
بكرا