أجرى موقع بكرا لقاءً تحليلياً تناول فيه أحد الكتّاب والمحللين السياسيين دلالات القرار الذي وافق عليه مجلس الأمن بشأن قطاع غزة، والذي قُدم بمبادرة من واشنطن، محذّراً من تداعياته السياسية والجغرافية على مستقبل القضية الفلسطينية.
وقال المحلل إن القرار يعكس بوضوح فرض انتداب أميركي مباشر على قطاع غزة تحت مظلة دولية، مشيراً إلى أن التجربة التاريخية للانتداب البريطاني على فلسطين أدت في نهاية المطاف إلى قيام دولة إسرائيل، محذراً من أن السيناريو ذاته يُعاد اليوم بصورة مختلفة في غزة.
وأضاف أن ما يسمى بـ"مجلس السلام" المقترح سيؤدي دوراً أميركياً مباشراً في إدارة شؤون القطاع، بما يكرّس فصله عن بقية فلسطين، ويحوله إلى مشروع عقاري ضخم تحت عنوان إعادة الإعمار، وهو ما ألمح إليه الرئيس الأميركي خلال الأشهر الماضية.
قوة استقرار لنزع سلاح حركة حماس
وأشار إلى أن أخطر ما في القرار هو تشكيل قوة استقرار دولية تكون مهمتها الأولى نزع سلاح حركة حماس، نيابة عن إسرائيل والولايات المتحدة، معتبراً أن ذلك يأتي في إطار تنفيذ أحد بنود خطة ترامب ذات النقاط العشرين، لا سيما في مرحلتها الثانية، والتي جرى التوقيع عليها في مصر.
وأوضح أن هذه الخطوة قد تقود إلى مواجهات خطيرة، وتضع الدول المشاركة في هذه القوة في مواجهة مباشرة مع الفلسطينيين، وهو ما لا يصب في مصلحة أي دولة عربية.
تغييب حل الدولتين
وشدد على أن الصياغات العامة التي تضمنها القرار، مثل الحديث عن "مسار سياسي"، تتجاهل كلياً حل الدولتين، ما يعني عملياً أن قيام دولة فلسطينية أصبح خارج الأفق السياسي، وأن أي مسار سياسي محتمل لن يتجاوز تشكيل أنماط إدارية وأمنية مؤقتة لا تمهّد لاستقلال حقيقي.
وشرح أن الإشارات إلى السلطة الوطنية الفلسطينية جاءت مشروطة بما سُمّي "إصلاح السلطة"، وهو إصلاح مرتبط بتصورات سياسية وأمنية واقتصادية لم تنجح سابقاً، ولن تنجح لاحقاً، على حد تعبيره، ما ينذر بعزل كامل للسلطة عن أي دور فعلي داخل القطاع لصالح قوة دولية تنفذ الأجندة الأميركية.
تفتيت غزة إلى وحدات إدارية
وأكد أن إعلان نيويورك يشير إلى إنشاء كيانات تشغيلية لإدارة شؤون القطاع، وهو ما يعني تفتيته إلى وحدات جغرافية منفصلة تُدار بشكل مستقل، دون أي التزام واضح بانسحاب إسرائيلي كامل أو تسليم الحكم للفلسطينيين، محذراً من أن هذا الواقع يكرّس يوماً تالياً يخدم المصالح الأميركية فقط.
ورأى المحلل أن الاعتراض الفلسطيني الحالي على إعلان نيويورك يبدو متأخراً، خاصة وأن بنوده تكررت في اتفاق مصر السابق، إلا أن الممارسات الإسرائيلية بعد المرحلة الأولى من التصعيد، من قتل وقصف ومنع مساعدات وتهجير، أثبتت أن الاتفاقات السابقة لم تصمد أمام السياسات الإسرائيلية، وهو ما يفسر موقف قوى حركة حماس الرافض.
مخاطر تمتد إلى الضفة الغربية
وأضاف أن الإعلان لا يقتصر على غزة فحسب، بل ينذر بخطط أخطر تمس الضفة الغربية، ويشكل جزءاً من إعادة رسم الجغرافيا الفلسطينية، ويرتبط بمخطط إقامة قاعدة عسكرية أميركية في محيط القطاع.
واختتم بالقول إن المشروع الأميركي في غزة محكوم بالفشل، لأنه يسعى لتبرير إعادة احتلال القطاع والسيطرة على أرضه وموارده ومستقبله، مؤكداً أن أي حل يتجاوز الإرادة الفلسطينية لن يكتب له الاستمرار.
المصدر:
بكرا