آخر الأخبار

الأمطار تغرق خيام النازحين في غزة: ليلة قاسية تكشف هشاشة المأوى وتحذيرات من خطر الذخائر غير المنفجرة

شارك
Photo by Abed Rahim Khatib/Flash90

مع ساعات الفجر الأولى، تحوّلت مناطق واسعة من تجمعات النازحين في غزة إلى برك مياه. الخيام امتلأت بالطين، الأغطية ابتلت، والناس أمضوا الليل وهم يحاولون حماية ما تبقى لديهم. عشرات العائلات قالت إن الأمطار لم تكن مجرد حالة طقس، بل كارثة جديدة تُضاف إلى عام كامل من الخوف والجوع وانعدام الأمان.

في منطقة غرب مدينة غزة، وقفت أم سامر فوق قطعة خشب رفعتها على حجارة صغيرة لتُبعد أطفالها عن المياه التي غمرت الخيمة. قالت: "المطر نزل علينا ونحن نايمين. صحّينا على المياه داخل الفرشة. ما في شي ناشف… حتى ملابس الأطفال." خلفها، كانت الخيمة ترتجّ مع كل هبّة ريح، فيما يحاول الجيران حفر مجرى بسيط لتصريف المياه بأدوات بدائية.

قرب دير البلح، تحدث يوسف (42 عامًا) عن ليلة اعتبرها الأصعب منذ نزوحه: "المطر كشف الحقيقة… إحنا مش ساكنين بخيام، إحنا ساكنين بقماش ما بصدّ ولا نقطة. مافي أرض مرتفعة، كله طين. الأطفال بقوا يرتجفوا من البرد." وأشار إلى أن بعض العائلات اضطرت لترك خيامها والاحتماء ببقايا مبانٍ متصدعة رغم خطر انهيارها.

92% من المباني دمرت

تقديرات الأمم المتحدة تشير إلى أن أكثر من 92% من المباني السكنية في غزة دُمّرت أو تضررت خلال الحرب، ما دفع مئات الآلاف للاعتماد على خيام لا توفر أي حماية حقيقية. المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك عبّر عن قلق بالغ من تعرض آلاف العائلات "بشكل كامل لظروف طقس قاسية"، مؤكدًا أن ذلك يفاقم المخاطر على الصحة العامة.

مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية قال إن فرق الاستجابة نشرت خلال الأيام الماضية مواد إغاثة عاجلة، بينها خيام وملابس شتوية ومواد عازلة، لكن الكميات تبقى أقل بكثير من حجم الحاجة. فرق المياه والصرف الصحي تمكنت من إصلاح بعض محطات الضخ، الأمر الذي خفّف مؤقتًا من خطر فيضان مياه الصرف الصحي في أماكن التجمعات.

الشركاء العاملون في الميدان قالوا إن العمل على منع الفيضانات بشكل فعّال يحتاج إلى معدات غير متوفرة داخل غزة، بما في ذلك أدوات تصريف المياه، وإمكانيات لرفع الأنقاض المنتشرة بأطنان هائلة حول التجمعات السكنية.

الذخيرة غير المتفجرة

في المقابل، تتصاعد مخاوف السكان والمنظمات الدولية من الذخائر غير المنفجرة. ناشطون محليون قالوا إن أطفالًا أصيبوا خلال جمع الحطب أو اللعب قرب ركام المنازل، بينما اضطرت عائلات إلى نصب خيامها في مناطق يُشتبه بوجود ذخائر فيها لعدم وجود بدائل أكثر أمنًا. فرق الأمم المتحدة المختصة سجلت أكثر من 10 إصابات منذ بدء وقف إطلاق النار، وقدمت تدريبات توعية لأكثر من 49 ألف شخص.

تقرير لمجلة إيكونومست أشار إلى أن غزة ربما أصبحت أكثر منطقة في العالم تحتوي على مخلفات حرب غير منفجرة، مع تقديرات تفيد بوجود ما يتجاوز 7 آلاف طن من الذخائر المنتشرة في نحو 40% من المناطق السكنية. من بين الحالات المؤلمة التي وثّقتها المجلة، إصابة الطفلين يحيى ونبيلة الشرباصي (6 سنوات) بعد أن عثرا على قنبلة ظنّاها لعبة.

منظمات الإغاثة الدولية تتوقع أن إزالة هذه الذخائر قد تستغرق ما بين 20 و30 عامًا حتى مع توفر دعم هندسي واسع، محذّرة من أن وجود كميات كبيرة من المتفجرات تحت الأنقاض سيجعل عملية التطهير عملية طويلة ومعقدة.

النازحون الذين قابلناهم قالوا إنهم يشعرون بأنهم يعيشون بين ثلاثة أخطار: المطر الذي يغرق الخيام، والأمراض التي تنتشر مع الشتاء، والذخائر المخفية تحت الركام. وبينما تستمر الجهود الإنسانية بحدها الأدنى، يترقب الناس يومًا يكون فيه المأوى الذي ينامون فيه قادرًا على منع الماء… أو الخوف.

بكرا المصدر: بكرا
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا