انتقلت التهديدات الإسرائيلية ضد "حزب الله" من التصريحات والضربات المحدودة إلى مرحلة أكثر خطورة تنذر بتصعيد واسع، حيث شنّ الجيش الإسرائيلي سلسلة غارات جوية مكثفة على جنوب لبنان.
ولاقت هذه الهجمات انتقادات شديدة من الأمم المتحدة، ممثلة في قواتها المؤقتة في لبنان (يونيفيل)، التي وصفتها بأنها "انتهاكات واضحة لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701".
وحذرت "اليونيفيل" من أن "أي عمل عسكري، وخاصة بهذا الحجم المدمر، يهدد سلامة المدنيين ويقوض التقدم الذي تحقق نحو حل سياسي ودبلوماسي"، داعية إلى الوقف الفوري لتلك الهجمات ولكل "الانتهاكات" الأخرى للقرار الدولي. كما حثت القوة الأممية الأطراف اللبنانية على ضبط النفس والامتناع عن أي رد يمكن أن يؤدي إلى تفاقم الأوضاع.
وتتهم إسرائيل الحكومة اللبنانية بعدم القيام بواجبها تجاه نزع سلاح "حزب الله"، في حين تتجاهل ما يتعين عليها الالتزام به بموجب اتفاق وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه في نهاية نوفمبر الماضي، والذي أنهى قتالا استمر 13 شهراً على الحدود بين الجانبين.
فبحسب بنود الاتفاق، يفترض أن ينزع حزب الله سلاحه، وأن يلتزم الطرفان بوقف إطلاق النار، مع انسحاب إسرائيل من الأراضي اللبنانية، لكنها لا تزال تحتفظ بخمسة مواقع داخل الأراضي اللبنانية.
وذكرت القناة الإسرائيلية الثانية عشرة أن إسرائيل قدمت "أدلة" إلى الولايات المتحدة تزعم فيها أن "الجيش اللبناني لا يمنع إعادة تسلح حزب الله". كما نقلت القناة عن مصادر عسكرية أن إسرائيل منحت الحكومة اللبنانية مهلة زمنية لنزع سلاح الحزب، ملوّحة بعملية عسكرية واسعة النطاق إذا لم يتم تنفيذ ذلك، دون أن تكشف عن الموعد النهائي لتلك المهلة.
وفي المقابل، أبدت إسرائيل استعدادها لما وصفته بـ"احتمال رد من جانب حزب الله"، لكنها توعدت بأن "الثمن سيكون باهظا". ونقلت هيئة البث الإسرائيلية عن مصادر في الجيش قولها إن الهدف من الهجمات الأخيرة هو "تفكيك سلاح حزب الله"، مؤكدة أن العمليات تجري "بتنسيق مع الولايات المتحدة".
ولم تقتصر التهديدات الإسرائيلية على جنوب لبنان، بل امتدت إلى العاصمة بيروت، إذ نقلت وسائل إعلام عبرية عن مصادر لم تسمها قولها إنه "في حال عدم تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار، فإن إسرائيل ستشن هجمات في جميع أنحاء لبنان، بما في ذلك بيروت".
وأعلنت الحكومة اللبنانية التزامها بنزع سلاح حزب الله وحصر السلاح بيد الدولة، مشيرة إلى أنها نجحت في إزالة نحو 85% من مخابئ أسلحة الحزب في جنوب لبنان، وتسعى إلى استكمال العملية بالكامل قبل نهاية العام.
ومن جانبها، أكدت إسرائيل أن غاراتها استهدفت تحديدا "وحدة الرضوان" التابعة لحزب الله، في محاولة لمنع الحزب من استعادة قدراته الهجومية. بينما توعد قائد المنطقة الشمالية في الجيش الإسرائيلي بمواصلة "العمل الهجومي لضمان أمن البلدات الحدودية"، مضيفاً: "لن نسمح لحزب الله بالتموضع قرب حدودنا".
وتزامن التصعيد الإسرائيلي مع إعلان الولايات المتحدة فرض عقوبات جديدة على أفراد اتهمتهم بنقل عشرات الملايين من الدولارات من إيران إلى حزب الله "لتمويل أنشطته الإرهابية".
ومع تصاعد الغارات والتهديدات، تتزايد المخاوف من انهيار الهدنة الهشة وعودة المواجهات على الحدود اللبنانية الإسرائيلية، في وقت تتكثف فيه التحركات الدولية لتثبيت وقف إطلاق النار في قطاع غزة ووضع حد لدائرة العنف التي تعصف بالمنطقة منذ أكثر من عامين.
المصدر:
كل العرب