السياسي الأمريكي المسلم، زهران ممداني، الذي أثار فوزه بمنصب رئيس بلدية نيويورك زوبعة قوية في البيت الأبيض ضد مرشح ترامب، لأنه فقط مسلم، توجد قواسم مشتركة بينه وبين فلسطيني الشتات.
فالسياسي الشاب ابن الرابعة والثلاثين عاما المرشح عن الحزب الديمقراطي الأمريكي (الجناح اليساري الاشتراكي) ينتمي لعائلة مثقفة جداً من أصول هندية، فوالده محمود ممداني، أستاذ جامعي وبروفيسور في الدراسات الأفريقية والاستعمار والعلوم السياسية في جامعة كولومبيا، وعاش طفولته مع عائلته في جنوب أفريقيا ثم انتقلت العائلة الى نيويورك، التي أكمل فيها تعليمه الجامعي ولا يزال فيها. قواسم مشتركة عديدة بينه وبين فلسطيني الشتات في التنقل بين بلد وآخر.
اللافت للنظر، أن الرئيس الجديد لبلدية نيويورك، زهران ممداني لم يحصل على الجنسية الأمريكية سوى قبل سبعة أعوام فقط وأصبح مواطنًا أمريكيًا متجنسًا في عام 2018. تعاطف مع القضية الفلسطينية مبكراً وهو في تعليمه الثانوي. وعندما كان في كلية بودوين، كان عضوا مؤسسا في منظمة "طلاب من أجل العدالة في فلسطين".
ترامب فقد صوابه وجن جنونه ليس لأن مرشحه خسر المنصب فقط، بل لأن المنصب فاز به أول رئيس بلدية مسلم لأكبر مدينة في الولايات المتحدة، والإسلام هو العدو اللدود لترامب وزبانيته. ولذلك حاول ترامب عبثا ثني سكان نيويورك وإقناع الناخبين اليهود بعدم التصويت لممداني المسلم ولمنع وصوله إلى منصب رئيس بلدية المدينة. وعشية الانتخابات، أطلق ترامب تحذيرا هو أقرب إلى صرخة سياسية منه إلى تصريح انتخابي: "أوقفوا زهران ممداني... أو استعدوا لدفع الثمن". تهديد عنصري واضح.
المسلم زهران ممداني قاد معركة انتخابية حاسمة واضحة وأخلاقية، هز فيها وبقوة قيم ومفاهيم الترامبية التي تمثل الرأسمالية بأبشع وأقسى صورها، وقدم البديل عنها في برنامجه الانتخابي. فوز المسلم الأمريكي في رئاسة بلدية نييويورك، ليس حدثا عاديا. وليس خطأ القول إن فوزه وجه صفعة قوية وغير مسبوقة للترامبية، بأوجهها المختلفة الاجتماعية والسياسية والاخلاقية، والداخلية والخارجية. فقد أحدث خللاً في عقلية ترامب وحالة من عدم التوازن النفسي والأخلاقي، وقد ظهر ذلك في تصرفه.
لقد هدد ترامب سكان نيويورك بالعقاب الجماعي مؤكدا أنه لن يدفع الأموال الاتحادية - كما يجب -لبلدية نيويورك ووصف زهران ممداني بـِ" الإسلامي المتطرف الإرهابي" لتأييده الحق الفلسطيني، وهو بذلك يصعد خطاب "الاسلاموفوبيا"، كما وصف اليهود الذين يعتزمون التصويت لزهران بأنهم أغبياء.
زهران ممداني، الهندي الأصول، الأوغندي المنشأ والأمريكي الجنسية، وضع القضية الفلسطينية من أولويات حيالته السياسية. في نوفمبر 2023، انضم ممداني إلى سينثيا نيكسون في إضراب عن الطعام مدة خمسة أيام دعماً لوقف إطلاق النار الفوري في غزة ومعارضة دعم الرئيس بايدن لإسرائيل في حربها في غزة. وفي عام 2024 أقام إفطارًا لوقف إطلاق النار في غزة خلال شهر رمضان.
في عام 2025، امتنع زهران ممداني عن التوقيع على القرار السنوي الصادر عن جمعية ولاية نيويورك الذي يحتفي بذكرى تأسيس إسرائيل. وعارض عبارة تقول: "إن إسرائيل تواصل السعي لتحقيق السلام مع الأمن والكرامة لنفسها وجيرانها وفي جميع أنحاء العالم من أجل تحقيق نبوءة أن تصبح نورًا للأمم"، لأنّ سلوك الحكومة الإسرائيلية اليمينية−بحسب مدير حملته−يتناقض مع هذا التصور.
المصدر:
كل العرب