في السادس والعشرين من الشهر الماضي أصدر محمود عباس إعلاناً دستورياً، ينصّ على أنّه "في حال شغور منصب رئيس السلطة الفلسطينيّة، في حالة عدم وجود المجلس التشريعي، يتولّى نائب رئيس اللجنة التنفيذية لمنظّمة التحرير، نائب رئيس دولة فلسطين، مهامّ رئاسة السلطة الوطنيّة مؤقتاً، لمدّة لا تزيد على تسعين يوماً”. قرار أبو مازن يأتي لتأكيد وضمان وصول الشيخ الى رئاسة السلطة، وهو المرضي عنه أمريكياً وإسرائيليا. وإذا كانت أمريكا وإسرائيل راضيتان عن شخص فمن الطبيعي أن يكون هذا الشخص بعيدا عن الوطنية ولا تهمه مصلحة شعبه بل تهمه بالدرجة الأولى مصلحة من أوصله للحكم.
الآن أصبح كل شيء واضحاً في مسألة الرئاسة الفلسطينية. حسين الشيخ هو المرشح الأكثر حظا لمنصب الرئيس المقبل للسلطة، لأن محمود عباس “فصّل” مسبقا كل الشروط على قياس الشيخ، بترتيب مسبق مع واشنطن وتل أبيب. لكن هذا ليس كل شي .قيادي فلسطيني رفيع المستوى (طلب عدم ذكر اسمه) أخبرني بان محمود عباس عقد ما أسماه بـ “صفقة شرف شفوية” مع حسين الشيخ حيث اشترط عليه مقابل تسميته للرئاسة، عدم المس بابنه ياسر، الذي يعتبر من كبار رجال الأعمال في السلطة، وإبقاء الامتيازات المتوفرة له.
وأخبرني القيادي الفلسطيني أيضاً بأن عباس قام بتعيين ابنه ياسر مستشاراً خاصاً له، بدون مرسوم رسمي، حيث شارك في وفود السلطة رغم عدم وجود أي دور رسمي له في السلطة وليس له جزءا من الحياة السياسية الفلسطينية.
ولكن لماذا أصدر عباس هذا المرسوم في الوقت الراهن، بمعنى ما هي الخلفية لذلك؟ يبدو بوضوح أن تصريحات الرئيس الأمريكي ترامب لعبت دوراً في اسراع عباس في إصدار المرسوم. ولم يكن هذا القرار الأول من نوعه لصالح الشيخ، فقبل ذلك أصدر عبّاس خلال السنوات الماضية عدة قرارات ومراسيم، تصبّ كلها في صالح الشيخ ، ما جعلته الأكثر حظاً لاستلام منصب الرئيس.
اللافت للنظر ان المرسوم الرئاسي صدر بعد أيام فقط من تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي قال إنّه سينظر بإمكانية الافراج عن البرغوثي، الذي تشير جميع استطلاعات الرأي إلى أنّه الأوفر حظاً والأكثر شعبياً لقيادة السلطة الفلسطينية، خصوصاً أنّ ترامب قال إنّه لا يرى أنّ الرئيس عباس قادراً على حكم غزة. مرسوم عباس حظي باهتمام الإعلام الإسرائيلي، فقد ذكر يوني بن مناحم، في مجلة «إيبوك» العبرية بكل وضوح، أن "رئيس السلطة الفلسطينية أبو مازن، اختار حسين الشيخ، نائباً له بطلب من الولايات المتحدة وموافقة إسرائيل"
المرسوم الذي أصدره عباس لصالح خلفه الشيخ يأتي في وقت تعيش فيه السلطة فضيحة فساد كبيرة بطلها نظمي مهنا مدير عام المعابر الحدودية وهو أحد المقرين جداً من عباس. وكان مهنا قد هرب الى ألبانيا عقب تصاعد شبهات تتعلق بتورطه في قضية تهريب آثار، وتحويل أراضٍ عامة إلى ملكيته الشخصية، بالتعاون مع شخصيات نافذة. ويعتبر ملف المعابر من أكثر الملفات حساسية. المفروض بعباس في هذه الحالة أن يقوم بإصدار توجيهاته للشرطة للمطالبة بجلب مهنا عبر الانتربول الدولي من أجل محاكمته على ملفات الفساد. لكنه بدلاً من ذلك، أصدر قرارا بإحالة مهنا للتقاعد.
على فكرة، فإن محمود عباس أصدر في الرابع من شهر تموز هذا العام مرسوماً بتعيين سامي مهنا (ابن نظمي) سفيراً لسلطة رام الله ي ألبانيا. فإما أن "أبو مازن" لا يعلم بما يفعله مهنا وهذه مصيبة، أو أنه يعلم ولذلك تم التعيين، لاعتبارات شخصية وهذه أكبر من مصيبة.
المصدر:
كل العرب