آخر الأخبار

انتفاضة داخلية ضد العنف.. قبل فوات الأوان/ بقلم: المحامي عماد زايد

شارك

حين نصمت أمام الدم، نصبح جزءًا من الجريمة، يزداد القتل يومًا بعد يوم، وعلى أتفه الأسباب.
يتساقط الضحايا في الشوارع والمدارس والبيوت، وكأن الدم أصبح مشهدًا اعتياديًا لا يثير فينا سوى تأففٍ عابر، أو لعنةٍ نطلقها ثم نمضي إلى حياتنا.
مشاهد العنف لم تعد تدهشنا، بل صرنا جزءًا من دورة التبلّد العامة، نعيش في مجتمعٍ يغلي من الداخل دون أن يتحرك حقًا أحد.

يبرر البعض هذا الانفلات بوجود “مؤامرة”، أو “مخطط خارجي”، وربما يكون في ذلك شيء من الصحة.
لكن الحقيقة الأقسى أننا — نحن — جزء من المشكلة.
فما كان لأي مخطط أن ينجح لولا وجود القابلية فينا.
نحن من سمحنا للعنف أن يتسلل إلى بيوتنا، ومدارسنا، ومجالسنا، وحتى إلى لغتنا اليومية.
نحن شركاء: بالفعل، أو بالصمت، أو بالاكتفاء بالشجب والتنديد واللعن، ثم العودة إلى حياتنا كأن شيئًا لم يكن.

الصمت أمام العنف ليس حيادًا، بل مشاركة غير معلنة في استمرار الجريمة.

السؤال الذي يفرض نفسه: إلى متى؟
هل سنبقى ندور في هذه الدائرة المفرغة، نكرر ذات العبارات، ونغسل أيدينا من الدم بالكلمات؟
هل سنظل ننتظر من “القيادات” أن تتحرك، وهي غارقة في أبراجها العاجية، لا تسمع إلا صدى صوتها، ولا ترى إلا مصالحها؟

إن المطلوب اليوم ليس بيانات ولا لجانًا، بل انتفاضة داخلية حقيقية، تبدأ من داخل كل بيت وكل نفس.
انتفاضة على العنف، على السلبية، على الخوف، وعلى ثقافة تبرير القتل تحت أي مسمى.
صرخة من أجل حقّ بسيط، لكنه أصبح نادرًا: أن نعيش في أمن وأمان.

فلنبدأ من أنفسنا قبل أن نطلب من العالم أن يتغيّر.
لنعد النظر في كلماتنا، في ردود أفعالنا، في تربية أبنائنا، وفي صمتنا الذي صار تواطؤًا.
كفى انتظارًا، وكفى تبريرًا.
لقد آن الأوان أن نتحرك — لا بالعنف، بل بالوعي، لا بالغضب، بل بالعقل والرحمة.

لنُطلق انتفاضتنا الداخلية ضد ثقافة الموت،
ولنزرع في وجداننا حبّ الحياة،
كي نعيد إلى مجتمعنا ملامحه الإنسانية التي ضاعت بين الخوف والدم.

ربما لا نُغيّر العالم بين ليلة وضحاها،
لكننا نستطيع أن نُغيّر أنفسنا،
ومن هناك يبدأ كل إصلاح، وكل نهضة، وكل حياة تستحق أن تُعاش.

كل العرب المصدر: كل العرب
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا