بينما يحتدم السجال داخل المجتمع العربي حول حضور المرأة في لجنة المتابعة العليا، والتي يُنتظر أن تختار رئيسها الجديد في 15 تشرين الثاني/نوفمبر 2025، تتجدد النقاشات حول غياب النساء عن مواقع القيادة وصنع القرار. في موقع بكرا نسلّط الضوء على واقع التمثيل السياسي للنساء، في ضوء الأرقام الصادرة حديثاً والتصريحات الداعية إلى تغيير جوهري في بنية المشاركة السياسية، عربياً وإسرائيلياً على حد سواء.
مرتبة 103!
وفي مارس/ آذار الأخير، نشر البروفيسور عوفر كنيغ تقريراً بحثياً يُظهر أن إسرائيل تشهد تباطؤاً مقلقاً في تمثيل النساء في المؤسسات السياسية، بعد فترة ازدهار شهدت صعوداً بين عامي 1999 و2015. ووفق التقرير، تحتل إسرائيل المرتبة 103 من بين 185 دولة في نسبة تمثيل النساء في البرلمان، والمرتبة 32 من بين 38 دولة في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD)، ما يجعلها من الدول المتأخرة في هذا المجال.
التقرير يشير إلى أن نسبة النساء في الكنيست استقرت خلال السنوات العشر الأخيرة عند نحو 25% فقط، بعدما وصلت إلى ذروة مؤقتة عام 2022 بـ 35 عضوة بفضل تطبيق "القانون النرويجي". في الكنيست الحالية (آذار/مارس 2025) تشغل النساء 29 مقعداً، معظمهن من حزبي يش عتيد والليكود، بينما لا توجد اليوم أي امرأة ترأس حزباً سياسياً.
توسع الفجوة
الفجوة بين إسرائيل ومتوسط تمثيل النساء في دول الـOECD اتسعت من 5% عام 2015 إلى نحو 10% عام 2025، مقابل تقدم دول مثل فنلندا والسويد وكندا التي حققت توازناً أو أغلبية نسائية في حكوماتها. وعلى صعيد الحكومة الإسرائيلية، تراجع عدد الوزيرات من 9 في حكومة بينت–لبيد إلى 5 فقط في الحكومة الحالية، دون أن تشغل أي امرأة حتى الآن أحد المناصب الوزارية الأربعة الأهم: رئاسة الحكومة، الدفاع، المالية أو الخارجية.
وفي المستوى المحلي، بلغت نسبة النساء المنتخبات لرئاسة بلديات أو مجالس محلية 5.8% فقط في انتخابات 2024، بارتفاع طفيف عن انتخابات 2018 (5.6%). كما تبيّن أن تمثيل النساء في عضوية المجالس البلدية لا يزال محدوداً، ما يعكس استمرار الفجوة الجندرية في مواقع التأثير المحلي.
اصلاح المشهد
في هذا السياق، شددت ياعيل يحئيل، مؤسسة مبادرة "50/50" لدمج النساء في السياسة، على أن إصلاح المشهد السياسي يبدأ من داخل الأحزاب والهيئات التمثيلية، بما في ذلك لجنة المتابعة العليا. وقالت في حديثها لـ"بكرا": "وصلنا إلى هذه الأزمة ونحن أمام الحكومة الأكثر إقصاءً للنساء في تاريخ البلاد، إذ تُتخذ جميع القرارات حول طاولات يجلس حولها الرجال فقط. الآن هو الوقت لرؤية جديدة تحمل الأمل والثقة. الانتخابات المقبلة ستكون حاسمة من أجل إعادة بناء الدولة، والمطالبة بأن تضم كل الأحزاب 50% من النساء ستقود إلى حكومة أكثر توازناً تُتخذ فيها قرارات أكثر عدلاً".
وأضافت يحئيل أن "النساء في زمن الحرب والنضال ضد العنف هنّ من يعملن على الترميم والدعم وإدارة منظومات الإصلاح المجتمعي، وحان الوقت لأن يكنّ أيضاً جزءاً من السياسة نفسها"، مشيرةً إلى تجربة رواندا التي أعادت بناء نظامها السياسي بعد أزمة عميقة عبر حكومة تتكوّن من 50% نساء، مضيفة:
وختمت: "هذا ما يجب أن يحدث هنا، والخطوة الأولى أن تلتزم كل الأحزاب بتمثيل نسائي متكافئ".
ويبدو أن النقاش حول تمثيل النساء العربيات في لجنة المتابعة العليا يعكس أوسع قضية بنيوية تتجاوز المجتمع العربي وحده: فجوة مزمنة في المشاركة النسائية على المستوى القطري والمحلي، تستدعي تحركاً سياسياً ومجتمعياً جاداً.
المصدر:
بكرا