مع انطلاق موسم قطف الزيتون، الذي يشكّل ركناً أساسياً في حياة المزارعين الفلسطينيين، تصاعدت في الأسابيع الأخيرة، وخاصة اليوم السبت، سلسلة من الاعتداءات العنيفة التي طالت المزارعين وأراضيهم في مختلف مناطق الضفة الغربية. الاعتداءات شملت الضرب، والغاز الحارق، والمنع من الوصول إلى الأرض، وسرقة المحاصيل، وهي ممارسات تتكرّر كل عام وتخلّف آثارًا نفسية واقتصادية عميقة على الأسر الريفية.
منطقة رام الله
في قرية دير نظام شمال غرب رام الله، أصيب ثلاثة مزارعين بجروح ورضوض بعد أن هاجمهم مستعمرون أثناء عملهم في قطف الزيتون قرب المدخل الغربي للبلدة، مستخدمين أعقاب الأسلحة، فيما أُجبر المزارعون على مغادرة أراضيهم. في أعقاب الهجوم، اقتحمت القوات الإسرائيلية القرية لتوفير الحماية للمهاجمين، واعتقلت الشاب معتصم عبد الله التميمي (31 عامًا).
وفي كفر مالك شرق رام الله، استخدم المستعمرون غاز الفلفل الحارق ضد المزارعين والمتضامنين الأجانب، مما تسبب بإصابة عدد من الأشخاص بحروق واختناق. شهود من البلدة أفادوا بأن المهاجمين حاولوا طرد المزارعين بالقوة من أراضيهم، بينما اندلع عراك بالأيدي في محاولة لحمايتهم. في اليوم التالي تكررت الهجمات في البلدة ذاتها.
في كوبر شمال رام الله، يُمنع المزارعون للأسبوع الثاني على التوالي من الوصول إلى أراضيهم بسبب إغلاق البوابة الحديدية التي أقامتها القوات الإسرائيلية خلال الحرب على غزة. كما تم احتجاز مسنٍّ في السبعينيات من عمره بعد مشادة كلامية مع الجنود.
منطقة نابلس وبيت لحم
أما في عقربا جنوب نابلس، فقد هاجم مستعمرون مسلحون مزارعين من بلدة قبلان أثناء عملهم في منطقة وادي الحج عيسى، ما أسفر عن إصابة ثلاثة منهم بجروح طفيفة وإجبارهم على مغادرة أراضيهم. وفي دوما القريبة، أفاد رئيس المجلس القروي بأن الاعتداءات تراوحت بين سرقة الزيتون وتخريب المزارع وتكسير الأشجار وعدّادات المياه، فيما تُمنع العائلات من دخول أراضيها من دون “تنسيق مسبق”.
وفي قرية الرشايدة شرق بيت لحم، حاول مستعمرون سرقة عدد من الأغنام من أطراف القرية، غير أن الأهالي تصدّوا لهم وأفشلوا المحاولة، مما أجبر المهاجمين على الانسحاب.
158 اعتداء حتى الآن
بحسب هيئة مقاومة الجدار والاستيطان، تم رصد 158 اعتداءً ضد قاطفي الزيتون منذ بداية الموسم الحالي، منها 141 اعتداءً نفذها المستعمرون و17 نفذتها القوات الإسرائيلية. هذه الأرقام تكشف نمطًا من العنف المنظّم الذي يستهدف المزارعين خلال موسم الزيتون تحديدًا، وهو الموسم الذي يرمز للارتباط بالأرض والهوية الفلسطينية.
تتجاوز هذه الاعتداءات أبعادها الجسدية لتشكّل انتهاكًا متكررًا لحق الإنسان في العمل والعيش بكرامة. مزارعون فقدوا مصدر رزقهم، وعائلات حُرمت من ثمار عامٍ كامل من الجهد، وأطفال شاهدوا آباءهم يُطردون من أرضهم تحت التهديد. هذا المشهد يعكس واقعًا قاسيًا يتطلب حماية دولية حقيقية للمزارعين، وضمان حقهم في الزراعة والأمان دون خوف أو إذلال.
المصدر:
بكرا