آخر الأخبار

نتنياهو بين الانتهازية السياسية وتزييف الإنجازات

شارك

نتنياهو بين الانتهازية السياسية وتزييف الإنجازات

بقلم: محمد دراوشة

يطل بنيامين نتنياهو هذا الأسبوع على المشهد السياسي الإسرائيلي، مستغلًا كل فرصة ممكنة لتثبيت نفسه كزعيم لا بديل له، حتى لو كان ذلك على أنقاض العدالة، وعلى حساب دماء الأبرياء. فبعد أن تراجعت مكانة إسرائيل عالميًا إثر حربها الجائرة على غزة، والتي خلفت آلاف الضحايا من المدنيين، يسعى نتنياهو إلى قلب المعادلة عبر خطوات محسوبة بدقة، لكنها لا تخلو من الانتهازية.

زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب الأخيرة كانت بمثابة دفعة قوية لنتنياهو، إذ أظهرت استطلاعات الرأي تحسنًا في شعبيته، ما دفعه إلى التحرك بسرعة لتبكير موعد الانتخابات التمهيدية داخل حزب الليكود، بهدف تثبيت نفسه كمرشح أول للحزب، تمهيدًا لانتخابات عامة مبكرة في ربيع 2026. هذه الخطوة ليست بريئة، بل تأتي في سياق محاولة استثمار اللحظة السياسية لتحقيق مكاسب شخصية، وتجاوز أزماته القضائية التي تشمل تهمًا بالفساد وخيانة الأمانة.

نتنياهو لا يتردد في نسب أي تحرك دبلوماسي إلى نفسه، متحدثًا عن اتفاقيات سلام محتملة مع السعودية وإندونيسيا، وكأنها إنجازات فردية، متجاهلًا السياق الإقليمي المعقد، ومتغافلًا عن حقيقة أن إسرائيل باتت معزولة أخلاقيًا في نظر كثير من شعوب العالم. فهل يمكن لاتفاق واحد أن يغسل آثار حرب دموية؟ وهل يمكن لابتسامة دبلوماسية أن تمحو صور الأطفال تحت الأنقاض؟

اللافت أن نتنياهو يقدم نفسه كـ”الأنسب” لقيادة إسرائيل، رغم تاريخه الحافل بالفضائح والدماء. وإذا ما قرر الناخب الإسرائيلي منحه الثقة مجددًا، فربما يكون ذلك انعكاسًا دقيقًا لواقع سياسي باتت فيه الانتهازية تُكافأ، والمحاسبة تُؤجل، والعدالة تُدهس تحت أقدام المصالح. فكيف يمكن لشخص متهم في قضايا فساد وخيانة أمانة، ومصنف من قبل جهات حقوقية دولية كمجرم حرب، أن يُعاد تأهيله سياسياً وكأنه لم يكن؟ كيف يمكن لمجتمع يدّعي الديمقراطية أن يختار من يراكم الأزمات ويُمعن في تقويض فرص السلام؟

إن استمرار نتنياهو في الواجهة السياسية ليس دليلاً على قوته، بل على ضعف البدائل، وعلى استعداد بعض الناخبين لتجاهل الحقيقة مقابل وهم الإنجاز. وجوده المستمر على رأس السلطة، رغم الاتهامات الموجهة إليه بارتكاب جرائم حرب والضلوع في قضايا فساد وخيانة أمانة، يعكس خللاً عميقًا في البنية السياسية والأخلاقية للمجتمع الإسرائيلي. فحين يُمنح من يزرع الفوضى ويُمعن في تقويض فرص السلام فرصة جديدة للقيادة، فإن ذلك لا يعني فقط شرعنة فساده، بل يعني أيضًا قبولًا ضمنيًا باستمرار سياسات القمع والتوسع والاستعلاء، وكأن إسرائيل لم تتعلم شيئًا من تاريخها ولا من غضب العالم تجاه جرائمها في غزة.

بئس هذا المرشح، وبئس هذا الزمن الذي يُكافأ فيه من يزرع الفوضى ويجني من ورائها مكاسب انتخابية، بينما تُهمّش الأصوات التي تنادي بالسلام والعدالة والمحاسبة.

كل العرب المصدر: كل العرب
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا