في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
في أعقاب صدمة السابع من أكتوبر 2023، يتعامل جهاز الأمن الإسرائيلي بجدية مع كل تصريح وتحذير يطلقه مسؤولون سياسيون بارزون،
رشقة صاروخية كثيفة من إيران: 7 مواقع سقوط على الأقل تصوير نجمة داود الحمراء
خصوصا حين يتعلق الأمر بوزير الأمن الأسبق أفيغدور ليبرمان، الذي سبق وأن حذّر من نوايا حماس القتالية ولم يُؤخذ على محمل الجد من قبل رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو وأجهزة الاستخبارات.
ليبرمان كتب أمس (الجمعة) على حسابه في منصة X : "من يظن أن المواجهة مع إيران انتهت فهو مخطئ ومُضلِّل. الإيرانيون يعملون بكثافة ويعززون دفاعاتهم وقدراتهم العسكرية يوميا. الأعمال في مواقع النووي استؤنفت. لم يكن عبثا أن دولا رائدة أعادت تفعيل آلية العقوبات "سناب–باك" على النظام الإيراني. يبدو أن الإيرانيين يحاولون مفاجأتنا هذه المرة. أتوجه مباشرة إلى مواطني إسرائيل: احتفلوا بعيد العُرش، اقضوا الوقت مع العائلة والأصدقاء، لكن كونوا يقظين وقريبين من الملاجئ. هذه الحكومة لا يمكن الاعتماد عليها، وحتى إصلاح أضرارها يبقى الاعتماد على الجيش الإسرائيلي وعلى أنفسنا".
لكن في المؤسسة الأمنية يؤكدون حاليا أنه لا توجد أي إشارات على أن إيران تخطط لتوجيه ضربة لإسرائيل أو حتى تنوي ذلك. كما نُقل عن مصدر مطّلع لموقع واينت أن إسرائيل بدورها لا تعتزم حاليًا مهاجمة إيران أو الدخول معها في مواجهة عسكرية.
مع ذلك، فإن تغريدة ليبرمان ليست بلا أساس. إذ تعمل إيران فعلا على إعادة بناء منظومة دفاعها الجوي التي دُمّرت، وهي تتوجه إلى الصين وروسيا وربما أيضا إلى كوريا الشمالية لطلب المساعدة. كما تُبذل جهود لإعادة تأهيل قدرات إنتاج الصواريخ الباليستية المتطورة والدقيقة، وينقصها عنصر رئيسي ضروري لإنتاج الوقود الصلب للصواريخ الباليستية بعيدة المدى.
في المقابل، لا توجد مؤشرات على أن إيران تسعى في الوقت الحالي إلى استئناف برنامج تخصيب اليورانيوم أو العودة إلى تصنيع السلاح النووي كما فعلت قبل أن تهاجمها إسرائيل ما يقلق أجهزة الأمن الإسرائيلية هو احتمال أن تستخدم إيران مخزونها الحالي نحو 400 كغم من اليورانيوم المخصب حتى 60% لصنع جهاز نووي بدائي أو "قنبلة " تؤدي إلى تلوث إشعاعي في إسرائيل. لكن حتى لذلك لا توجد دلائل.
القلق الأبرز في إسرائيل نابع من أن إيران أوقفت عمل مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، الأمر الذي يصعّب معرفة ما يجري داخل منشآتها النووية.
في الوقت ذاته، تواصل إيران دعم وكلائها في المنطقة: حزب الله، الميليشيات الشيعية في العراق، الحوثيين وحماس، في محاولة للحفاظ على قدراتها الهجومية غير المباشرة، بينما لا يبدو أن المرشد الأعلى علي خامنئي قد حسم قراره بشأن إعادة تفعيل برنامج التخصيب وتطوير السلاح النووي. وبحسب التقديرات، حتى لو اتخذ القرار الآن، فإن استعادة القدرات النووية ستتطلب عامًا على الأقل، خصوصًا بعد تصفية معظم علماء البرنامج النووي الإيراني.
الخشية: "سوء تقدير"
حتى الآن، لا تُظهر المسارات الثلاثة (الصواريخ الباليستية، الوكلاء، المشروع النووي) تقدما متسارعا. كما أن إيران تفتقر حاليا إلى منظومة رادارات وإنذار كافية لرصد هجوم إسرائيلي محتمل. وإضافة إلى ذلك، فقدت إيران قواعدها في سوريا التي كانت تمكّنها من متابعة الوضع داخل إسرائيل عن قرب.
خطاب قادة النظام والحرس الثوري يعكس القلق. فهم يعتقدون أن المفاوضات التي أجرتها واشنطن معهم قبل الهجوم الإسرائيلي في حزيران كانت مجرد خدعة لطمأنتهم. والآن، مع قرار مجلس الأمن (بناء على طلب ثلاث دول أوروبية) إعادة فرض العقوبات التي كانت قائمة قبل اتفاق 2015، يخشى الإيرانيون أن تستغل إسرائيل فترة الأسابيع الفاصلة قبل سريان القرار لتوجيه ضربة جديدة.
من هنا ينبع القلق الإسرائيلي: تصريحات مثل تغريدة ليبرمان قد تُفهم في طهران كتهديد أو مؤشر على نية إسرائيلية للهجوم القريب، مما قد يدفع الإيرانيين إلى التفكير بضربة استباقية. وهذا ما يُطلق عليه (سوء تقدير) أي قراءة خاطئة لنوايا إسرائيل بناء على تصريح سياسي بارز سبق أن شغل منصب وزير الأمن.
حاليا لا توجد أي مؤشرات على أن إيران تعتزم التحرك، ولا أن إسرائيل تخطط لمهاجمتها. لكن في إسرائيل يرون أن على السياسيين، سواء من المعارضة أو الائتلاف، توخي الحذر في تصريحاتهم، بما في ذلك السفير الأميركي في إسرائيل مايك هاكبي، الذي أثارت تصريحاته الأخيرة قلقًا شديدًا لدى الإيرانيين.
في نهاية المطاف، يبدو أن ليبرمان أراد من خلال تصريحه التشديد على فكرته بعدم إمكانية الاعتماد على الحكومة الحالية تماما كما لم يكن بالإمكان الاعتماد عليها قبل مأساة السابع من أكتوبر. لكن دعوته للمواطنين بالبقاء قرب الملاجئ خلال العيد بدت مبالغا فيها، ولم تأخذ بالحسبان حساسية الموقف الإيراني وإمكانية أن تُفضي إلى "سوء تقدير".