آخر الأخبار

مؤشرات لتصدّع في ائتلاف نتنياهو وربما يسعى لذلك!

شارك

كاتب المقال: أمير مخول – مركز تقدّم للسياسات

تشهد الساحة السياسية الاسرائيلية وحصريا اليمينية الحاكمة حالة من الترقب والتوتر يرافقها اصطفافات داخلية وتجاذبات قد تؤدي الى تصدع في كتلة الائتلاف الحاكم. ويبدو انه لاول مرة يقف حزب الليكود الحاكم امام الخيار أما الاذعان الى ترامب على حساب حلفائه من اقصى اليمين وبدعم من الحرديم ومن المعارضة الرسمية، أو الانكفاء حفاظا على الائتلاف ومع احتمالية صدام مع ترامب. فيما تؤكد التقديرات الاسرائيلية الرسمية والاعلامية بأن ترامب يتشبث بخطته ومصر على انهاء الحرب في سياق خلق أفق اقليمي. في المقابل ألغى نتنياهو عدة التزامات كانت على جدول اعماله لصالح التشاورات المكثفة مع مستشاريه استعدادا للقاء ترامب اليوم التالي 29/9.

بالاضافة الى الوزير ساعر الذي اندمج وحزبه في الليكود، فقد انتظمت مجموعة من قيادات الليكود تدعو نتنياهو الى اعتماد جوهر المبادرة وعلى حساب التحفظات، واعتماد المرونة كمبدأ أساسي، باستثناء نقطتين رئيسيتين: "في الوقت الحالي، لا داعي للإصرار على جميع التفاصيل. إذا لم نتنازل عن نزع سلاح القطاع وإعادة جميع المختطفين، أحياءً وأمواتًا، فيمكن إيجاد صيغ لكل شيء آخر". ولخّصوا توقعات نتنياهو بجملة قاطعة: "على رئيس الوزراء بذل قصارى جهده للعودة يوم الاثنين باتفاق، بالطبع بافتراض استعداد حماس لإطلاق سراح المختطفين ونزع سلاح القطاع".

هناك مؤشرات بحدوث تباعد بين الليكود وحزبي الصهيونية الدينية بصدد مقترح ترامب، قد يسعى نتنياهو الى الاستفادة من صوتي كل من سموتريتش وبن غفير للأيهام بأنه يواجه صعوبات سعيا لتغييرات في مقترح ترامب، لكن هناك قوى في الليكود الحاكم معنية بمقترح ترامب وبالتخلص من الشراكة مع الصهيونية الدينية لصالح كسب الحرديم وجزء من المعارضة كما يطرح غانتس على المعارضة الانضمام الى الائتلاف على حزبي أقصى اليمين، فيما يؤكد لبيد توفير شبكة أمان لنتنياهو في حال اقرار اطار الاتفاق. التوجهات ليست محسومة لكن الاحتمالات جدية.

ما قد يشير الى احتمالية اذعان نتنياهو لارادة ترامب لتصبح اكثر واقعية، هو التكتّم لدى رئيس الحكومة الاسرائيلية على استعداداته ومقابل استبعاد وزراء حكومته. فيما أن ترامب قد أصدر تصريحات تبدو قطعيّة لا تقبل التأويل بشأن منع الضم والتهجير. ما يشير الى أن ترامب يلحظ فرصة تاريخية في ايجاد صيغة حل امريكي ابعد من وقف الحرب على غزة، بل على مستوى اقليمي شامل وفقا له. وهو معني بشكل رئيس ايجاد صيغة تقبل بها كل من السعودية والامارات، ما يعني الاشارة الى الحل الشامل ودولة فلسطينية ولو من باب الموقف المبدئي.

يتجاوز ترامب ليس فقط الحكومة الاسرائيلية وحيث كما يتضح هناك اتصالات مكثفة بين مسؤولي السفارة الامريكية والاحزاب الحريدية وعدد من اعضاء الليكود ورؤساء المعارضة، الا ان ترامب بخطته انما يتجاوز المعارضة الاسرائيلية ويجعلها في موقف حرج وسعيا لتطويعها لصالح مشروعه السياسي في المنطقة بما فيه العودة الى مفردات الحديث عن سلام اسرائيلي فلسطيني وعلى اساسه اسرائيلي عربي واقليمي، وكله يستند الى طرح انهاء الاحتلال والدولة الفلسطينية التي تحظى بأوسع اجماع دولي رسمي اضافة الى الشعبي، والى اعتراف الدول الكبرى جميعها باستثناء واشنطن.

يحتاج ترامب الى تبريد التوترات التي تفتعلها اسرائيل وحصريا تجاه كل من مصر والاردن. والى منع التوتر بين اسرائيل وتركيا، وتجاوز احتمالية حرب اقليمية في المنطقة حذّر منها وزير الخارجية المصري امام الامم المتحدة. كما ان ادارة ترامب قلقة من اتساع النفوذ الصيني في المنطقة، سواء تجاريا ام بتصدير الاسلحة التي تتحدى الاسلحة الامريكية ونفوذها من خلال الهيمنة على مرافق استراتيجية حساسة وبنى تحتية في دول المنطقة بما فيها في اسرائيل وموانئها وبنيتها التحتية الحديثة.

اعلن الوزير بن غفير مخاطبا نتنياهو بأن لا تفويض له للقبول بأقل من سحق حماس، فيما يدرك الوزير انه لا يريد اسقاط الحكومة مهما كانت الذريعة، وعليه أصرّ على انعقاد لجنة الامن الداخلي في الكنيست التي تخضع لرئاسة حزبه وبحضوره التظاهري لمناقشة بالقراءة التمهيدية لمشروع قانون اعدام الاسرى الفلسطينيين المتهمين بقتل اسرائيليين، ويبدو حضور الوزير في سياق رد الفعل على مشروع الرئيس ترامب وعشية اجتماع الاخير مع بنتنياهو 29/9، وذلك رغم طلب نتنياهو عدم مناقشة الموضوع.

فيما يبدو ان قرار لجنة الامن القومي هو استعراضي في جوهره، اذ يشمل سجل القوانين الاسرائيلية قانون الاعدام، كما ويبدو بأن في الخطوة تندرج في معركة بن غفير الانتخابية للكنيست القادمة حيث شكل هذا القانون مركبا اساسيا في دعايته الانتخابية في العام 2022.

تبدو الورطة الاكبر هي في حزب الصهيونية الدينية برئاسة سموتريتش، حيث ان الضم وبسط السيادة في جوهر الاتفاق الائتلافي مع الليكود من 28/12/2022، فيما يسدّ ترامب وفقا لتصريحه الواضح الباب على هذا المشروع والذي بدوره يشكل شرطا اساسيا في خطة الحسم التي تشكل جوهر عقيدة سموتريتش وستروك. يواجه سموتريتش اتهامات داخل حزبه واكثر بين مؤيدي تيار الضهيونية الدينية بأنه أخفق في خلق اجماع اسرائيلي يهودي على المشروع الاستيطاني وفي مسألة الضم التي تصطدم مع ترامب الذي علقوا عليه امالهم بأنه سيضمنها.

لتجد الصهيونية الدينية نفسها مضطرة الى ارسال وفد قيادي مستعجل برئاسة يوسي دغان رئيس مجلس المستوطنات في ضمال الضفة، الى واشنطن للاجتماع مع نتنياهو في اللحظة الاخيرة قبيل اجتماعه مع ترامب في مسألة السيادة والضم ومنع دولة فلسطينية. في المقابل يتلقى سموتريتش ضربة غير متوقعة من رئيس المجلس الاستيطاني بيت ايل الذي صرّح الى اذاعة الجيش بأنه "مقابل ازالة التهديد من غزة ينبغي التريث بصدد السيادة في يهودا والسامرة". للتنويه فإن نتنياهو يسعى منذ فترة طويلة الى تقوية الجناح الاستيطاني داخل الليكود على حساب وجود حزب الصهيونية الدينية.

في الخلاصة:

يواجه نتنياهو أحد أصعب المآزق السياسية الحاكمة بالنسبة له فإما يقنع ترامب بتعديل خطته وإلا سيضطر الى الاذعان له وعلى حساب أقصى اليمين المتحالفين معه. قد يهرب نتنياهو نحو الانتخابات وعندها احتمالات خسارته ستكبر، وقد يغيّر من تركيبة ائتلافه والاعتماد على شبكة الامان من المعارضة والاحزاب الحريدية وانضمام جزء من المعارضة الى حكومته على حساب أقصى اليمين، رغم الاحتمالية الضئيلة بأن يقوم حزبا الصهيونية الدينية بالسعي لاسقاط الحكومة وحتى لو فعلا فليس بالضرورة ان ينجحا في ذلك. قد يدفع الوضع الراهن الى اعادة المعارضة الاسرائيلية النظر في تغييب مشروعها السياسي والاضطرار الى الحديث عن اتفاق اسرائيلي فلسطيني. هذا على الرغم من ضعف المعارضة وعدم تناسقها وافتقارها لاي أفق سياسي.

من الصحيح النظر الى تعمق الازمة السياسية الاسرائيلية وتقلص قدرة نتنياهو على المناورة بصدد انهاء الحرب، كارتداد للتحولات الدولية بصدد قضية فلسطين بوقف الحرب والدولة، ولأخذ ترامب على محمل الجد الموقف العربي الموحد بما فيه تراجعه العلني عن مشروع التهجير وعن الضم وعن تجاوز السلطة الفلسطينية وربط مصير الضفة الغربية وقطاع غزة.

فلسطينيا وعربيا ودوليا فالاولوية هي وقف حرب الابادة والتجويع والتهجيرعلى غزة، والتقدم نحو حل قضية فلسطين والدولة.

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.com

كل العرب المصدر: كل العرب
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا