تشهد إسرائيل واحدة من أخطر أزمات المياه في تاريخها الحديث، بعد عام مطير كارثي انخفضت فيه كميات الأمطار بنسبة 50% مقارنة بالمعدل السنوي، لتُسجل السنة الهيدرولوجية 2024–2025 كالأكثر جفافًا منذ بدء القياسات عام 1976. النتيجة المباشرة كانت تراجع مخزون المياه الطبيعي بمقدار 680 مليون متر مكعب، أي ما يعادل كامل إنتاج محطات التحلية في البلاد.
لم تقتصر الأزمة على الجفاف فحسب، بل تفاقمت بسبب تأخر تشغيل محطة التحلية "سوريك 2"، التي كان يُفترض أن توفر 200 مليون متر مكعب سنويًا منذ عام 2023. التأخير، الذي نتج عن الحرب في غزة وقيود من وزارتي الدفاع والمالية، أدى إلى فقدان 140 مليون متر مكعب إضافية كان يمكن إنقاذها.
طبريا
في محاولة عاجلة للحد من الانهيار، ستبدأ سلطة المياه خلال أكتوبر بضخ 20 مليون متر مكعب من المياه المحلّاة إلى بحيرة طبريا لأول مرة في تاريخها، بهدف رفع منسوبها بمقدار 12 سنتيمترًا فوق الخط الأحمر الأدنى، ومنع تدهور جودة المياه وانتشار الطحالب.
التقديرات الرسمية تشير إلى أن العامين المقبلين سيكونان أيضًا أقل من المتوسط المطري (80% فقط من المعدلات المعتادة)، ما يعني استمرار الضغط على قطاع المياه. ورغم أن خطة سلطة المياه تهدف إلى رفع قدرة التحلية من 800 مليون متر مكعب سنويًا اليوم إلى 2.1 مليار بحلول 2050، إلا أن الاعتماد الكبير على أربع محطات مركزية (سوريك، أشدود، عسقلان وعيمق حيفر) يجعل المنظومة عرضة لمخاطر عسكرية أو هجمات سيبرانية.
الزراعة
إلى جانب ذلك، تبقى الزراعة في قلب الجدل. فبينما حاولت سلطة المياه تقليص مخصصات المياه العذبة للقطاع الزراعي بنسبة 30% بحلول 2026، رفض وزير الطاقة إلي كوهين القرار تحت شعار "الزراعة هي صهيونية"، من دون طرح بدائل لتقليص الاستهلاك.
الأزمة تكشف هشاشة البنية المائية لإسرائيل، التي تواجه مزيجًا معقدًا من التغير المناخي، النمو السكاني السريع، والاعتماد المفرط على محطات التحلية. ويخشى خبراء أن يتحول الجفاف الحالي إلى تهديد إستراتيجي إذا تزامن مع مواجهات عسكرية جديدة في المنطقة.