بابا الفاتيكان أم بابا الأمريكان؟ ليو الرابع عشر في خدمة اسرائيل
الإعلامي احمد حازم
في مقالي اليومي على صفحات هذا الموقع في الثاني عشر من شهر مايو/أيار الماضي بعنوان "أمريكا زعيمة العالم سياسياً تتزعمه الآن روحياً... بابا أمريكي صدفة أم خطة؟" تساءلت بكل وضوح عن خلفية السرعة في الترقيات المتواصلة خلال سنة ونصف للكاهن لأمريكي في الفاتيكان روبرت بريفوست ليصل الى درجة رئيس الأساقفة وترشيحه واختياره لمنصب زعيم الكنيسة الكاثوليكية في العالم. وتساءلت بالقول:" هل ترقية بريفوست بهذه السرعة وقدومه على رأس الكنيسة الكاثوليكية ينفس السرعة هو بالفعل نتيجة (اختيار)أو نتيجة (خطة) مسبقة؟" وبالنسبة لي لا يزال هذا التساؤل قالما في ظل التقارب في الموقف تجاه الحرب على غزة بين الأمريكي الحاكم في البيت الأبيض دونالد ترامب والأمريكي الحاكم في الفاتيكان روبرت بريفوست الذي يحمل صفة بابا الفاتيكان.
في شهر أبريل/ نيسان الماضي وبالتحديد في عيد القيامة دخل البابا السابق فرنسيس ساحة القديس بطرس، ليحيي عشرات الألاف من الكاثوليك بقداس عيد القيامة، في آخر ظهور علني له قبل وفالته بوقت قصير حيث جدد في رسالته الأخيرة، دعوته لوقف إطلاق النار الفوري في غزة. وكان البابا فرنسيس قد كثف في الأيام الأخيرة من حياته انتقاداته للحملة العسكرية الإسرائيلية على غزة، ووصف في يناير الوضع الإنساني في القطاع بأنه " مأساوي وخطير للغاية ومخز".
البابا الحالي ليو الرابع عشر، الأمريكي المنشأ، وعلى ما يبدو يدعم سياسة الثنائي (ترامبياهو) في غزة، يظهر مواقف تختلف كلياً عن مواقف سابقه الأمر الذي يدعو للاستغراب انضمام البابوية الكاثوليكية الى هذه السياسة.
ان ما يثير التساؤل مجدداً هو اتباع الفاتيكان هذه السياسة. لقد دأبت الكنيسة الكاثوليكية والبابوات الذين توالوا عليها، على الوقوف والدفاع عن حقوق الانسان لكل البشر، إلا ان البابا الحالي ليو الرابع عشر، اتخذ موقفا مغايراً حيث صرح في مقابلة :" الناس دأبت على إطلاق صفة الإبادة بصورة متكررة، وان هناك تعريف فني للغاية لمعنى الإبادة" وانه " ليس مستعدا لتصنيف حرب إسرائيل في غزة على انها إبادة جماعية".
هذا التصريح يتناقض مع ما قاله وفعله سلفه البابا فرانسيس، الذي دعا في عام 2024 "الى اجراء تحقيق في تهمة الابادة الجماعية"، ان البابا الجديد لم يهتم بالتقرير الصادر عن مجلس حقوق الانسان التابع للامم المتحدة، في16 ايلول/ سبتمبر، والذي اكد على "ان اسرائيل ترتكب ابادة جماعية في قطاع غزة، ودعا المجتمع الدولي الى وقفها واتخاذ اجراءات ضد المسؤولين عنها." والسؤال الذي يطرح نفسه عمّا إذا كان موقف البابا ليو الرابع عشر يعود لتوجيه من ادارة الرئيس ترامب، خصوصا وأن هذه الإدارة (كما قيل وقتها) بذلت كل جهدها من أجل انتخاب البابا الجديد، او أن موقفه نتيجة تأثير التغلغل الصهيوني في الفاتيكان؟
على كل حال، كان من المفترض بالبابا ليو الرابع عشر أن يقوم بتعديل موقفه لكي لا يخسِر الفاتيكان الراي العام في العالمين العربي والإسلامي، ولا سيما المسيحيين الفلسطينيين الذين يرون كيف تهدم كنائسهم في غزة وتحول مناطقهم الى مستوطنات.