آخر الأخبار

نتنياهو وحكومته لم يقرأوا قصة شعرة معاوية

شارك

نتنياهو وحكومته لم يقرأوا قصة شعرة معاوية

بقلم: محمد دراوشة

يبدو أن بنيامين نتنياهو وحكومته لم يقرأوا قصة شعرة معاوية، أو أنهم قرأوها وقرروا أن يمزقوها عن عمد. تلك الحكمة السياسية التي تقول إن على الحاكم أن يبقي شعرة بينه وبين خصومه، إن شدّوها أرخاها، وإن أرخوها شدّها. أما إسرائيل اليوم، فهي لا تشد ولا ترخي، بل تقطع الشعرة وتتباهى بذلك، في مشهد من الغرور السياسي الذي لا يعرف حدودًا.

منذ سنوات، تمعن إسرائيل في اعتداءاتها على الفلسطينيين، وتوسّع من دائرة استهدافها لتشمل كل من يمدّ يدًا للتهدئة أو الوساطة. لكن ما حدث مؤخرًا مع دولة قطر يثير الدهشة والغضب. قطر، التي لطالما لعبت دورًا دبلوماسيًا هادئًا، استضافت قيادات من حركة حماس بناءً على طلب مباشر من إسرائيل والولايات المتحدة، في إطار ترتيبات غير معلنة تهدف إلى ضبط التوترات في غزة والمنطقة.

ومع ذلك، ها هي إسرائيل ترد الجميل بالإهانة، وتهاجم قيادات حماس على الأراضي القطرية، في سابقة خطيرة تعيد إلى الأذهان ما فعلته سابقًا عندما استهدفت إسماعيل هنية في الأردن، رغم أن الأردن حينها كان يسعى لتقريب وجهات النظر. هذا التصرف لا يُعد فقط تجاوزًا سياسيًا، بل هو انتهاك صارخ للأعراف والمواثيق الدولية التي تحكم العلاقات بين الدول، وتمنع الاعتداء على أراضي دولة ذات سيادة، خصوصًا إذا كانت تلك الدولة لم تبادر بأي عداء.

الأمر لا يتوقف عند الوساطة السياسية. فخلال بطولة كأس العالم 2022، استضافت قطر عشرات الآلاف من الإسرائيليين على أراضيها، وفتحت أبوابها لهم رغم عدم وجود علاقات دبلوماسية كاملة بين البلدين. بل إن الرحلات الجوية المباشرة بين تل أبيب والدوحة كانت سابقة تاريخية، في إطار تسهيلات مؤقتة للمونديال. ورغم أن العلاقات الرسمية بين قطر وإسرائيل تقتصر على مكاتب تمثيل تجاري، وليست سفارات كاملة، فإن هذا النوع من التمثيل كان كافيًا لتنسيق ملفات حساسة، من بينها ملف غزة، وصفقات الغاز، وحتى الترتيبات الأمنية خلال المونديال.

فما هذا التمادي؟ وما هذه الصلافة؟ هل تعتقد حكومة نتنياهو أن بإمكانها أن تهاجم من تشاء، أينما تشاء، دون أن تدفع ثمنًا سياسيًا أو دبلوماسيًا؟ أم أنها تعيش حالة من الغرور الاستراتيجي، مدفوعة بدعم غير مشروط من بعض القوى الدولية، خاصةً الولايات المتحدة، تجعلها تتصرف وكأنها فوق القانون؟

لو قرأ نتنياهو قصة شعرة معاوية، لعلم أن القوة وحدها لا تصنع الأمن، وأن التوازن بين الشدة واللين هو ما يحفظ المصالح ويمنع الانفجار. لكن يبدو أن حكومته اختارت طريقًا آخر: طريق الحوتسباه החוצפה הישראלית، ذلك المصطلح العبري الذي يجمع بين الوقاحة والغرور، ويعني التصرف بلا خجل أو حدود.

وإذا استمرت إسرائيل في هذا النهج، فإنها لا تفتح فقط جبهات جديدة، بل تخسر الحلفاء الصامتين، وتدفع المنطقة نحو مزيد من التصعيد. فحتى الدول التي كانت تتعامل معها بحذر، ستعيد حساباتها، وربما تراجع علاقاتها، حين ترى أن الوساطة والتهدئة لا تُقابل إلا بالإهانة.

كل العرب المصدر: كل العرب
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا