التاريخ القديم لآل سعود، اعتمد على سياسة الحديد والنار، وهو تاريخ خياني والوثائق التاريخية البريطانية السرية تؤكد ذلك. والتاريخ الحديث للسعودية ليس أحسن حالاً من القديم. فكل فترة ملوك آل سعود تتضمن الكثير من البقع السوداء من مؤامرات وتواطؤ وخنوع والتي لا يمكن إزالتها بسهولة.
المعروف لدى الشعب العربي بشكل عام ان النظام السعودي هو نظام تآمري يعمل ضد المصلحة الوطنية للشعب العربي. وكان يُنظر إلى السعودية على أنها خائنة للقضية الفلسطينية : ولي العهد السعودي محمد بن سلمان يحاول محو هذه البقع السوداء بطرق مختلفة. ومن أجل ذلك ركز على حل الدولتين والاعتراف بالدولة الفلسطينية. والسؤال المطروح لماذا هذا التركيز وهل له خفية معينة؟ بعض الخبراء يرون أن خطوات السعودية الأخيرة في الأمم المتحدة ليست سوى وسيلة لتصحيح تلك الصورة السلبية في العالمين العربي والإسلامي. إذاً توجد مصلحة سياسية سعودية.
محللون يرون أن السعودية "مستعجلة في حل الدولتين لتقتح الطريق للتطبيع مع إسرائيل علانية. لكن المحلل السعودي عزيز الغشيان المحلل في مركز أبحاث "منتدى الخليج الدولي" الذي يوجد مقره في واشنطن، يؤكد أكثر من ذلك ويعترف في تحليل له في مجلة "القاهرة للشؤون العالمية"، بإن " استعداد السعودية لتطبيع العلاقات مع إسرائيل ليس أمراً جديداً، وهو في الواقع يعود إلى أواخر الستينيات".
ولكن ماذا تستهدف السعودية إذاً من وراء الحملة الدولية للاعتراف بدولة فلسطينية؟ فهل للأمر دوافع تحركها سياستها الخارجية التي تخدم مصالحها الخاصة أم إنها خدعة دعائية لتلميع صورة السعودية على حساب القضية الفلسطينية؟
في سبتمبر/ أيلول 2024، أعلنت السعودية، بالاشتراك مع النرويج، عن إطلاق "التحالف العالمي لتفعيل حل الدولتين" وعقد أول اجتماعين له في الرياض. وفي ديسمبر/ كانون الأول 2024، صوّتت الجمعية العامة للأمم المتحدة بأن حل الدولتين يحل المشاكل بين إسرائيل والفلسطينيين
ممثلون عن 125 دولة عضو في الأمم المتحدة شاركوا مؤخرا في اجتماع نيويورك، حول حل الدولتين والذي دعت اليه السعودية وفرنسا أسفر عن وثيقة "إعلان نيويورك"، وقّعتها جميع الدول الأعضاء في جامعة الدول العربية، بالإضافة إلى الاتحاد الأوروبي وحوالي 17 دولة أخرى.
لكن ليس مهما حجم المشاركة بل المهم هو النتيجة. فما هي النتيجة الإيجابية لهذا المؤتمر؟ هل امتثلت اسرائيل لوثيقة المؤتمر؟ بالطبع لا. كريستيان كوتس أولريشسن، المحلل المتخصص في شؤون الشرق الأوسط في معهد بيكر للسياسات العامة، يرى ان المستفيد الوحيد من هكذا مؤتمرات هو السعودية ويقول: أنه "نظرا لمكانة السعودية في العالم العربي والإسلامي، ورعاية المملكة للحرمين الشريفين: مكة المكرمة والمدينة المنورة، فإن أي شيء تفعله المملكة العربية السعودية له وزنه".
يعني مصلحة سعودية خاصة.
محللون يرون أن "إعلان نيويورك" هو عودة لمبادرة السلام العربية التي قادتها السعودية عام 2002 ورفضتها إسرائيل. وماذا عن الرد الإسرائيلي والأمريكي؟ أمريكا وإسرائيل لم تشاركا في اجتماع نيويورك ولا تزال المبادرة السعودية الفرنسية تواجه معارضة كبيرة من إسرائيل وحليفتها الولايات المتحدة وقد انتقدته كلتاهما. حتى أن إدارة ترامب وصفت المؤتمر بأنه "خدعة دعائية.