آخر الأخبار

التهجير المجدد لمدينة غزّة هو الأخطر

شارك

العنصر الاكثر خطورة في قرار الكابنيت الاسرائيلي هو التهجير المجدد لسكان ومقيمي الخيم في مدينة غزة والذين يصل عددهم الى المليون فلسطيني اي نصف سكان القطاع. إن ما يجعل التهجير المجدد اكثر خطورة وكارثيةً من احتلال ما تبقى من القطاع المحتل اصلا والخاضع للسيطرة الحربية الاسرائيلية برا وبحرا، هو كونه قابل للتفيذ.

كان من اللافت اصطفاف القوى داخل اجتماع الكابنيت 7 آب/ اوغسطس في التصويت على المخطط الذي تم اقراره، فقد عاد رئيس حزب شاس الحريدي اريه درعي بعجالة كبيرة من سويسرا كي يشارك في التصويت ضد الاحتلال ومن اجل الصفقة وانهاء الحرب والى جانب موقف الجنرال زمير ولمواجهة موقف نتنياهو. الا انه كما صرّح بعد التصويت، قد أيّد موقف نتنياهو بالكامل بعد ان اقتنع بأنّه يُبقي المجال للصفقة وقد يشكل تسريعا لها ولانهاء الحرب. في المقابل عارض سموتريتش كل البنود التي تم اقرارها حكوميا، باعتبارها تُبقي مجالا للصفقة ولانهاء الحرب وحتى الخطة العسكرية تقوم على امكانية وقفها في اية لحظة في حال نضجت مفاوضات الصفقة.

الخلاف اسرائيليا وحتى بين زمير ونتنياهو هو ليس على طرد جماعي لسكان غزة المدينة وخيامها بالقوة، بل حول مفهوم الاحتلال والمخاطر على المحتجزين الاسرائيليين، وعلى المزيد من استنزاف الجيش وحول الجدوى لا المبدأ. لقد تم حسم الخلاف بين المستويين السياسي والعسكري لصالح موقف نتنياهو وبخلاف موقف الجيش. لقد شكّل تهديد نتنياهو لزمير بالاقالة او دفعه للاستقالة، نقطة تحوّل في علاقات الجيش بالحكومة. كما انه في المقابل يشير الى ان اخضاع منظومات الدولة للسلطة التنفيذية تسير بتسارع. بعد اجتماع الكابنيت باشر زمير الى عقد سلسلة اجتماعات لقيادة الجيش وحصريا المنطقة الجنوبية ووضع مخططات تنفيذية لتهجير مجدد لمدينة غزة. هذا وفقا لقرار الكابنيت والجدول الزمني.

في حال اقدمت اسرائيل على تهجير مدينة غزة وخطة الكابنيت، فإن معنى القرار هو حرب طويلة الامد سوف تتدحرج الى حرب استنزاف اسرائيليا وحرب افناء للوجود السكاني الفلسطيني في غزة. فيما أنّ اطالة امد الحرب الى أجل غير مسمى واضافة اهداف تشمل حكما عسكريا (يطلقون عليه ادارة مدنية)، فيه مؤشرات الى اطالة حالة الطواريء، وتزداد الشكوك بأن اعتمادها قد يشكّل اساسا سياسيا لالغاء انتخابات 2026 واطالة نتنياهو لأمد حكومته.

في المقابل فإن الجهود التفاوضية والدبلوماسية العربية امام ادارة ترامب نحو انهاء الحرب وصفقة على اساس دفعة واحدة شاملة لجميع المحتجزين الاسرائيليين وليس لجميع الاسرى الفلسطينيين، ومقابل تنازل حماس عن السلطة واعتبار غزة منطقة منزوعة السلاح، قد تؤدي الى تحقيق هذا الهدف.

بدوره، يشير الموقف الألماني بفرض حظر تصدير بعض الاسلحة والذخيرة الى اسرائيل والتي "من المحتمل ان تُستخدم في احتلال كامل القطاع" الى بداية تحول دولي من اعلان الموقف الى اتخاذ خطوات فعلية لفرضه. تواجه اسرائيل هذا الموقف باعتباره هدية للارهاب وتقوم ردود الفعل الاسرائيلية على التذكير بالتاريخ الالماني في اشارة الى النازية والمحرقة. بينما يبدو الموقف المانيا وهي ثاني اكبر مصدرة للسلاح الى اسرائيل بعد الولايات المتحدة، الى ان ألمانيا باتت ترفض الربط بين انتقاداتها لسياسات اسرائيل او اتخاذ خطوات ضدها وبين اللاسامية والتاريخ الالماني، ما يعني تراجعا جوهرية في الرواية الاسرائيلية الصهيونية بصدد تعريف اللاسامية.

الخطوات الاسرائيلية الاحتلالية المتسارعة في الضفة الغربية تندرج في مساعي نتنياهو لمنع الدولة الفلسطينية امام حملة الاعترافات الدولية، وتسعى للحظو بالدعم الامريكي المطلق في ذلك وهنا تندرج زيارة رئيس مجلس النواب الامريكي الى الحرم الابراهيمي في الخليل وتصريحاته بأحقية اسرائيل واليهود بالضفة الغربية او بلغته "يهودا والسامرة" و"ارض اسرائيل". كما ان تطهير شمال القطاع عرقياً يتيح المجال لمخططات توسيع مسطّحي اسدود وعسقلان على مناطق شمال غزة، كما يتيح الاستيطان في حال الاستدامة.

قرار نتنياهو والذي بات قرار الكابنيت بحظر ادارة عربية لغزة تشارك بها السلطة الفلسطينية يتماشى مع عقيدة نتنياهو ومهمته التي حددها لنفسه في منع قيام دولة فلسطين. في هذا السياق يندرج تصريح وزير الخارجية الامريكي ماركو روبيو باتهام فرنسا بالمسؤولية عن وقف مفاوضات الصفة وانهاء الحرب، وذلك لاعترافها بدولة فلسطين.

تشير تصريحات روبيو، على الرغم تجاوز ترامب له في مسألة الحرب غزة، الى ان الولايات المتحدة سوف تتبنى موقف اسرائيل برفض الاعترافات بدولة فلسطين، واشتراط انهاء الحرب الاسرائيلية على غزة بوقف عجلة الاعترافات الدولية بدولة فلسطين.

وفقا للاعلام الاسرائيلي فإن هناك احتمالية بانقلاب ترامب على نتنياهو والحزم بصدد وقف الحرب، وذلك باعتبار الولايات المتحدة تتضرر سياسيا ومصلحيا اقليميا ودوليا نتيجة لحرب الابادة على غزة، وضمن ذلك حملة الاعترافات الدولية مما يتحدى الموقف الامريكي ويحرجه فعليا ويؤدي الى تحولات امريكية داخلية في تأييد اسرائيل.

في الخلاصة فإن المركّب الاكثر خطورة في قرار حكومة اسرائيل والقابل للتنفيذ، هو أخلاء مدينة غزة وهدمها بعد تهجير نحو مليون فلسطيني منها، وهو الهدف الذي تمت جدوليته لغاية السابع من اكتوبر القادم باعتباره تاريخا رمزياً. فيما الصراع الاسرائيلي بين المستويين السياسي والعسكري تم حسمه لصالح حكومة نتنياهو وضمان اذعان الجيش له بشكل لا يقبل التأويل.

لا يزال مفتاح القرار الاسرائيلي في يدي ترامب في حال قرر الحزم وحسم الموقف لصالح انهاء الحرب على اساس صفقة واحدة شاملة. وعليه من المحتمل ان تبقى مسألة صيغة الصفقة مفتوحة في حال ابرامها، فإما باتجاه صفقة شاملة لمرة واحدة وانهاء الحرب، او دفعتين على اساس انهاء الحرب. في المقابل لا تزال احتمالية تنفيذ قرار الكابنيت الاسرائيلي بالكامل، بما فيه اطالة أمد الحرب لتصبح حربا مفتوحة تستنزف اسرائيل وتفتك بالوجود الفلسطيني.

احتمالية اجراء الانتخابات للكنيست الاسرائيلي او إلغائها وإرجائها الى امد غير محدد، قد تكون مرتبطة بمدى المضي في تطبيق قرار الكابنيت بالكامل وبذريعة حالة الطواريء التي ستنبثق عنه.

تثبت تصريحات روبيو بأن حملة الاعترافات الدولية بفلسطين نافدة سياسيا ولها أثرها الايجابي فلسطينيا وعربيا ودوليا والمقلقة اسرائيليا.

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.com

كل العرب المصدر: كل العرب
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا