نشهد في هذه الأيام موجات حر شديدة وغير مسبوقة تؤثر على معظم المناطق في البلاد. وأشارت توقعات بعض الخبراء ان موجات الحر الحالية لم تشهدها المنطقة منذ أكثر من 80 عاماً، في حين ان درجات الحرارة قد تصل في بعض المناطق الى 45 درجة مئوية، وسط تحذيرات من تأثيرات هذه الموجة على الحياة اليومية وعلى الجمهور الواسع.
وفي ظل استمرار موجة الحر هذا الأسبوع وخلال الأيام المقبلة تحدث، د. أشرف أبو شقارة -مدير القسم الباطني "ب" ومختص امراض باطنية وقلب في المركز الطبي زيڤ في صفد، الذي تسلم إدارة قسم الأمراض الباطنية للتو بعد ان اشغل منصب نائب مدير قسم الامراض الباطنية لفترة خمس سنوات سابقة، تحدث عن أهم المخاطر التي من الممكن ان تؤثر على حياة المواطنين مشيراً الى انه خلال موجات الحر الشديد، يزداد خطر الإجهاد الحراري وضربة الشمس والجفاف. ضربة الشمس تحديدًا تعتبر حالة طارئة، إذ تؤدي لارتفاع خطير في حرارة الجسم لأكثر من 40 درجة مئوية، مما يُسبب فشل في آليات التبريد الطبيعية للجسم، والى تلف في الدماغ أو حتى الوفاة إذا لم يتم علاجها سريعًا.
كما أن الجفاف الشديد يؤدي لانخفاض ضغط الدم، اضطراب في الوعي، تسارع نبضات القلب، وفشل كلوي حاد.
وعن الفئات الأكثر تعرضاً للخطر أشار د. أبو شقاره ان كبار السن تعتبر الفئة الأكثر تأثراً بسبب ارتفاع درجات الحرارة، وذلك بسبب ضعف آليات تنظيم الحرارة في الجسم وعدم الإحساس بالعطش لديهم. هذا بالإضافة الى فئة الأطفال، اذ ان نسبة الماء في أجسامهم أعلى لكنهم يفقدونه بشكل أسرع، مع العلم انهم لا يعبّرون عن شعورهم بالعطش. بالإضافة الى هؤلاء يعتبر الأشخاص ممن يعانون من الأمراض المزمنة أكثر تأثرا بارتفاع درجات الحرارة خاصة إذا مرضى القلب، الكلى، السكري، والجهاز التنفسي. كما تعتبر النساء الحوامل أكثر عرضة للتأثر بسبب زيادة ثقل الحمل على القلب والدورة الدموية، هذا بالإضافة الى جمهور العاملين في الهواء الطلق مثل عمال البناء أو المزارعين كونهم معرضون لأشعة الشمس الحارقة والحرارة المباشرة.
"ارتداء الملابس الخفيفة والفضفاضة لتهوية الجسم"
وفيما يتعلق بمن يضطرون للعمل في الخارج في ظل وطأة الحر شدد د. أبو شقاره مشيرا الى ان أفضل الأوقات التي قد تساعد على تجنب التأثر بدرجات الحرارة المرتفعة تعتبر الفترة الزمنية ما قبل الساعة 9 صباحًا أو ما بعد الساعة 6 مساءً. بحيث انه يتوجب عليهم شرب كمية كافية من الماء (500–750 مل)، وارتداء قبعة ونظارات شمسية، واستعمال مستحضرات واقية من اشعة الشمس، مع المواظبة على أخذ فترات راحة في الظل، وتناول مشروبات متوازنة الأملاح كل 15–20 دقيقة. اما بعد الانتهاء من النشاط في الخارج فيجب العمل على تبريد الجسم، وتعويض السوائل والأملاح، وتجنب الاستحمام بماء ساخن.
وحول الملابس التي يتوجب على من يعمل في الخارج ارتداؤها للوقاية من الإصابة بضربة الشمس أشار د. أبو شقاره، ان الأقمشة الخفيفة والفضفاضة تعتبر المفضلة اذ انها تسمح بتهوية جيدة للجسم خاصة تلك المصنوعة من مثل القطن والكتان، على ان تكون ذات ألوان فاتحة (أبيض، بيج، أزرق فاتح) كي تعكس أشعة الشمس، وتجنب الأقمشة الصناعية الثقيلة أو الضيقة التي تحبس الحرارة.
"شرب المياه حتى دون الشعور بالعطش"
وتطرق د. أبو شقاره الى المعتقدات والممارسات الخاطئة الشائعة المتعلقة بالتأثر بدرجات الحرارة حيث قال ان الاعتماد على الإحساس بالعطش فقط كمؤشر لشرب الماء (خاصة لدى كبار السن) يعتبر خاطئا، اذ يتوجب شرب كميات كافية من المياه حتى دون الشعور الكافي بالعطش. كما ان هنالك العديد ممن يشربون كميات كبيرة جدًا من الماء بدفعة واحدة بدلًا من توزيعها على مدار اليوم. بالإضافة هنالك من يؤمن بتغطية الجسم بالكامل بأقمشة ثقيلة ظنًا أنها تحمي من الشمس، مع العلم ان تهوية الجسم تعتبر عاملا هاما للحد من التأثر بدرجات الحرارة العالية. وأضاف أيضا مشيرا الى ضرورة عدم إهمال التهوية في السيارات أو الغرف المغلقة. ولفت الى انه في العديد من حالات الإصابة بالجفاف او ضربات الشمس، يعملون على تأجيل طلب المساعدة الطبية عند ظهور أعراض خطيرة، وهو امر في غاية الخطورة على حياة المصاب.
"تسارع التنفس ونبضات القلب أهم اعراض الإصابة"
وحول اهم اعراض الإصابة بضربة الشمس او الجفاف قال د. ابو شقاره ان الارتفاع الشديد في درجة حرارة الجسم أحيانا الى أكثر من 40 درجة مئوية تعتبر الإشارة الأكثر ملاحظة، بالإضافة الى تسارع نبضات القلب والتنفس، جفاف الجلد واحمراره (أحيانًا دون تعرق)، الصداع الشديد، الدوران، الغثيان والقيء التشوش الذهني وحتى فقدان الوعي. ففي هذه الحالة يجب نقل المصاب إلى مكان مظلل أو مكيف ونزع الملابس الزائدة لتسهيل تبريد وتهوية الجسم، تبريد الجسم باستخدام كمادات ماء بارد أو رش ماء على الجلد. اما إذا كان المصاب يتمتع بوعيه فمن المفضل ان يشرب المياه ومشروبًا يحتوي على أملاح. اما إذا فقد المصاب الوعي أو ظهرت علامات تشنج فيجب طلب الإسعاف فورًا وبدء الإنعاش القلبي الرئوي إذا لزم.
"تجنب المشروبات الكحولية التي تزيد فقدان السوائل"
وأختتم د. أبو شقاره حديثه في التشديد على اهم النصائح والتعليمات التي يتوجب على الجمهور الواسع اتباعها في ظل استمرار وطأة الحر الشديدة وقال ان شرب الماء بانتظام حتى دون الشعور بالعطش يعتبر الأهم، مع المواظبة على تناول وجبات خفيفة وغنية بالخضار والفواكه الغنية بالماء مثل البطيخ والخيار، تجنب المشروبات الكحولية أو عالية الكافيين التي تزيد فقدان السوائل، الحد من النشاط البدني في أوقات الذروة، استخدام المراوح أو التكييف في الأماكن المغلقة، البقاء في أماكن مظللة أو مكيفة، مراقبة الأعراض المبكرة للجفاف أو الإجهاد الحراري ومراقبة كبار السن والأطفال وأصحاب الأمراض المزمنة بشكل مستمر.