وقع نحو 300 من المخططين والمعماريين على عريضة بعنوان "كفى للدمار – نعم لإعادة إعمار غزة"، أعربوا فيها عن صدمتهم العميقة إزاء ما وصفوه بأعمال التدمير والقتل والتجويع والتهجير الجماعي التي طالت المدن والمناطق المدنية في قطاع غزة. وأوضح الموقعون أنهم لا ينسون ما وصفوه بـ"جرائم حماس المروعة" في 7 أكتوبر، من قتل ودمار وخطف مدنيين، لكنهم شددوا على أن هذه الفظائع لا تبرر الاستهداف العشوائي للمدنيين، بمن فيهم النساء والأطفال، أو تدمير القطاع بشكل شبه كامل.
وجاء في نص العريضة أن نحو 280 ألف وحدة سكنية دُمرت في القطاع، إضافة إلى أكثر من 2,300 مؤسسة تعليمية، وعشرات المستشفيات والعيادات، ومئات المساجد والكنائس، والأسواق، والمتاجر، والمصانع، والبنى التحتية، والمناطق الزراعية. ووصف الموقعون حجم الدمار بأنه غير مسبوق منذ الحرب العالمية الثانية، ليس فقط من حيث الأرقام، بل من حيث محو مساحات حياة كاملة وموروث إنساني وثقافي يمتد لآلاف السنين. وأشاروا أيضًا إلى أن هذا الدمار يجري بالتوازي مع عمليات هدم وتهجير في الضفة الغربية على يد القوات الإسرائيلية والمستوطنين، معتبرين أن هذه الممارسات تتناقض مع المبادئ الجوهرية للهندسة المعمارية والتخطيط الحضري وأخلاقيات المهنة، التي تهدف إلى خلق بيئة مستدامة، مزدهرة، عادلة، وملائمة لكل إنسان.
في ختام العريضة، دعا الموقعون إلى وقف فوري للدمار في مدن غزة، ووقف اقتلاع وتهجير السكان في القطاع والضفة الغربية، وإلغاء مشروع "المدينة الإنسانية"، مع ضرورة السماح للسكان بالعودة إلى منازلهم وأحيائهم ومدنهم، والعمل العاجل على إعادة إعمار شاملة وسريعة وعادلة للقطاع.
حالة تناقض كبير
وأوضح البروفيسور أورن يفتحئيل، أحد المبادرين للعريضة، أن الفكرة بدأت بالتبلور عقب مؤتمر اتحاد المخططين الذي عُقد في مدينة نتيفوت في مارس الماضي، حيث دار نقاش حاد حول تأثير التخطيط على الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي. وقال: "من النقاش مع أعضاء الاتحاد المؤيدين للحرب خرجت فكرة بيان الموقف. لاحقًا أقمنا أمسية نقاش بعنوان ‘الخطوط الحمراء للتخطيط’ أدارتها البروفسورة توبي فنستر، وشارك فيها جميع منظمي البيان".
وأضاف يفتحئيل أن المخططين والمعماريين الإسرائيليين يعيشون حالة من التناقض الكبير، موضحًا: "هناك من يعملون على تطوير الساحات العامة وتوفير الظلال والبنية التحتية السكنية للجميع في المدن المحيطة بغزة، وعلى بعد خمسة كيلومترات فقط، الجرافات تواصل تدمير مدن القطاع. استمرار هذا الوضع لفترة طويلة يمس بالروح وبأبسط مبادئ المهنة. من المهم بالنسبة لنا القول إنه لا يكفي وقف الدمار، بل يجب التفكير في المستقبل. حتى لو تحقق حلم سموتريتش وبن غفير وخرج مليون من سكان غزة، فإننا سنواصل العيش هنا مع ستة ملايين فلسطيني آخرين في إسرائيل والضفة الغربية".
وشملت قائمة الموقعين أساتذة جامعيين، ومحاضرين في كليات الجغرافيا والهندسة المعمارية، ومخططين ومعماريين ناشطين، بينهم البروفيسورة نوريت ألفاسي، والبروفيسور ميخائيل سوفر، والبروفيسور أرنون جولان، والبروفيسور أمنون بر أور، والبروفيسورة ألونا نتسان-شيفتن، إلى جانب عدد من المعماريين البارزين في القطاع الخاص.