آخر الأخبار

غزة تحترق... وإيران تترقّب: مشهد إقليمي على حافة الانفجار..

شارك

غزة تحترق... وإيران تترقّب: مشهد إقليمي على حافة الانفجار..
"""""""""""""""""""""""""""""""""""""
بقلم: مرعي حيّادري

في زحمة الغبار المنبعث من ركام غزة، وتحت ظلال الأشلاء المتناثرة يوميًا بفعل آلة القتل الإسرائيلية، يتكشّف للعالم مشهدٌ أكثر تعقيدًا مما يبدو للعين المجرّدة. ما يجري في غزة ليس مجرد تصعيد عسكري عابر، بل فصل جديد من صراع طويل تتداخل فيه الاعتبارات السياسية، والأهداف الانتخابية، والرسائل الإقليمية المتبادلة، لترسم مشهدًا خطيرًا ينذر بانفجار إقليمي قد لا يُبقي ولا يذر.

أولًا: الانقسام الإسرائيلي... بين نار القرار وخوف التنفيذ..
"""""""""""""""""""""""""""""""""""""
برز في الفترة الأخيرة انقسام واضح بين الكابينت السياسي الإسرائيلي والقيادة العسكرية. فبينما يدفع المستوى السياسي – وخصوصًا تيارات اليمين المتطرف – نحو عملية اجتياح شامل لقطاع غزة، يتريّث الجنرالات ويُطلقون تحذيراتهم من مغبّة هذا الخيار.
الجيش الإسرائيلي يدرك أن غزة ليست ساحة حسم سريع، بل ميدان معقّد ميدانيًا ونفسيًا، مليء بالأنفاق والمفاجآت والمقاتلين العقائديين، ناهيك عن العبء البشري والمدني الضاغط في الميدان وعلى صورة إسرائيل أمام العالم.

ويزداد هذا التوتر مع اقتراب الشتاء، حيث تتحول الأرض إلى مستنقعات طينية، يصعب فيها الحركة، ويصير القتال البري أكثر كلفة. وهكذا، يتجلى التباين الإسرائيلي: كابينت يريد حسمًا إعلاميًا وسياسيًا، في مقابل جيش يحذّر من الغرق في مستنقع غزة مجددًا دون خطة خروج واقعية.

ثانيًا: ترامب والرسائل المتقلبة... بين كسب الصوت اليهودي وحسابات الفوضى..
"""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""
في السياق الدولي، يبرز دونالد ترامب بتصريحات مثيرة ومتضاربة، تعكس رغبته في استثمار المشهد الفلسطيني – الإسرائيلي ضمن حملته الانتخابية.
فمرةً يُصرّح بدعمه المطلق لنتنياهو وحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها، ومرةً يدعو إلى إدخال مساعدات إنسانية عاجلة لغزة، ولكن "دون فرض وقف لإطلاق النار".
هذه الرسائل تكشف عن ازدواجية محسوبة، يراهن من خلالها ترامب على كسب القاعدة اليهودية والإنجيلية في أمريكا من جهة، ومن جهة أخرى تقديم نفسه كزعيم يوازن بين الحزم والإنسانية، دون الدخول في أي التزام واضح بإيقاف الحرب أو دفع نحو حل سياسي.
النتيجة: خطاب أمريكي مربك يُضعف فرص التهدئة، ويُبقي الوضع متأرجحًا بين التصعيد والتدخلات الرمزية.

ثالثًا: إيران تترقب وتُناور... بعيون غزة وصواريخ حزب الله..
""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""
بينما تشتعل غزة، تتحرك إيران في الخفاء، لكنها لا تغيب. فطهران تراقب وتُدير المشهد من بعيد، مستخدمة أدواتها المنتشرة من لبنان إلى اليمن والعراق وسوريا.
ورغم أن الحرب لم تنتقل رسميًا إلى جبهة إسرائيل – إيران، فإن المواجهة قائمة بالوكالة. حزب الله على حدود الشمال يُرسل الرسائل النارية، والحوثيون يضربون في البحر الأحمر، والميليشيات في العراق تتوعّد بالرد. هذه التحركات ليست فردية، بل تُعدّ امتدادات استراتيجية لمشروع الردع الإيراني.
في المقابل، تُجري إسرائيل مناورات متسارعة استعدادًا لاحتمال حرب متعددة الجبهات، ولا تستبعد سيناريو مواجهة مباشرة مع إيران، ولو عبر عملية نوعية ضد منشأة نووية أو قيادي بارز.
لكن تبقى الحرب الشاملة خيارًا مُرجأً من الطرفين، إذ لا طهران مستعدة للمواجهة الكاملة، ولا إسرائيل راغبة في التورط قبل حسم ملف غزة.

رابعًا: الوساطات المتعثّرة... وصمت عربي خانق..
""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""
وسط هذا الاحتقان، تحاول مصر وقطر إحياء خطوط التهدئة، لكن جهودهم تصطدم بجدران من انعدام الثقة بين الفصائل وإسرائيل. فالوساطة اليوم لم تعد تملك أوراق القوة الكافية، لا في الضغط ولا في الضمان.
أما الموقف العربي، فيتسم بالصمت المطبق، وكأن ما يجري خارج أسوار الاهتمام الرسمي، رغم أن الشعوب العربية تتابع يوميًا مشاهد المجازر والانهيار الإنساني في غزة.
صمت الدول العربية، لا سيما تلك التي طبّعت مع إسرائيل، يمثل صفعة أخلاقية وسياسية، ويطرح سؤالًا صارخًا: إلى متى يستمر هذا العجز في مواجهة الإبادة اليومية لشعب محاصر؟

الخلاصة: شريط الأحداث مفتوح على كل الاحتمالات..
""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""
المشهد الحالي ليس نهاية معركة، بل ربما بداية تحول إقليمي أكبر.
فغزة ليست وحدها في الميدان، بل هي ساحة اختبار لتحالفات، ورسائل، وتحولات.
وإيران ليست بعيدة، بل حاضرة ضمن لعبة الصبر الاستراتيجي.
السؤال ليس فقط: متى تنتهي الحرب؟
بل: هل الحرب القادمة ستكون أوسع؟ وهل العالم مستعد لتبعاتها؟
في هذا المشهد المتأرجح، يبقى الاحتمال الأكثر واقعية هو الاستنزاف طويل الأمد، بانتظار انفجار مفاجئ قد ينقل المنطقة كلها إلى فصل جديد… من الفوضى أو التغيير.

اللهم أني بلغت ..وحللت وأستنتجت ..وأن كنت على خطأ فصححوني..
انتهى..

كل العرب المصدر: كل العرب
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا