في ظل تصاعد الانتقادات داخل المجتمع الإسرائيلي، خرجت في اليوم الأخير مظاهرات غير مألوفة عن الطابع التقليدي للاحتجاجات، حملت رسائل مغايرة للرواية الرسمية التي تروج لها حكومة نتنياهو. في هذا السياق، أكد المحلل السياسي إيهاب جبارين في حديث لموقع "بكرا" أن المشهد في الشارع الإسرائيلي بدأ يتغير تدريجيًا، وأن شرعية الحكومة والحرب نفسها باتت موضع تساؤل.
وقال جبارين: "توفيق صالح – الذي تصدر حراك الشارع أمس – يعكس خروج قطاعات من الجمهور الإسرائيلي من البوتقة الضيقة التي حصرت النقاش في مسؤولية المجاعة فقط. هذه المظاهرات باتت تواجه الرواية التي يحاول بنيامين نتنياهو تسويقها، خاصةً تجاه الوضع في قطاع غزة."
وأضاف: "بدأ يتبلور معسكر معارض لا يعول على خطوات نتنياهو ولا يثق بسياساته، بل كانت لديه آمال معلقة على الولايات المتحدة للضغط على الحكومة الإسرائيلية. ولكن، خيبة الأمل من الموقف الأمريكي بدأت تدفع هذا الصوت إلى العودة للواجهة، ليقول للإدارة الأمريكية إن نتنياهو لا يمثل الإجماع الإسرائيلي، وإن هنالك أصوات أخرى."
صورة اسرائيل
وأشار جبارين إلى أن هذا التآكل الداخلي لا يقتصر على دعم الحرب، بل يطال أيضًا صورة إسرائيل الأخلاقية في الخارج وعلاقاتها الاستراتيجية، خصوصًا مع الولايات المتحدة.
"هنالك تحول في الوعي الإسرائيلي، ليس فقط في تحديد المسؤوليات بين حماس والحكومة، فمسؤولية حماس عن وضع الأسرى مفروغ منها، لكن التركيز الآن على مسؤولية الحكومة في فشلها بإعادتهم"، كما أوضح.
وحول تعامل إسرائيل مع أزمة المساعدات، قال جبارين: "الحكومة تحاول الآن التملص من مسؤوليتها عبر تحميل المجتمع الدولي عبء إدخال المساعدات، بينما ترفض إدخالها براً رغم أن هذا المسار أكثر فعالية. وفي الوقت ذاته، تسمح فعليًا للمستوطنين بالتخريب على شاحنات المساعدات، ما يكشف التناقض في سلوكها وسعيها لحرب روايات لتجميل صورتها الأخلاقية المتآكلة."
وختم بالقول: "منذ العام 2009، كان واضحًا أن نتنياهو يرى في بقاء حماس في غزة أداة لتكريس سياسة 'فرّق تسد' بين غزة والضفة. وهذا يعكس تعمق الأزمة السياسية والأخلاقية في إسرائيل، التي تحاول اليوم إخفاء فشلها بسياسات الإنكار والتضليل."