مع دخول حرب الإبادة الإسرائيلية في غزة يومها الـ670، يستمر تفاقم أزمة التجويع تزامنا مع الغارات الإسرائيلية المكثفة والاستهداف الممنهج لطالبي المساعدات.
أفادت مصادر طبية في مستشفيات غزة أن عدد الشهداء جراء نيران جيش الاحتلال الإسرائيلي منذ فجر اليوم ارتفع إلى 38، بينهم 17 من طالبي المساعدات في مناطق متفرقة من القطاع.
وفي سياق متصل، أعلنت هيئة الإسعاف والطوارئ استشهاد 3 فلسطينيين وإصابة 84 آخرين من طالبي المساعدات شمالي القطاع، وسط تحذيرات من تفاقم الكارثة الإنسانية.
بات واضحا للجميع أن عملية "عربات جدعون" بلغت نهايتها، بانسحاب أغلبية القوات الهجومية، حيث لم يعد يوجد في القطاع أكثر من 9 كتائب. ويرى معلقون عسكريون أن معظم مقاتلي الجيش الإسرائيلي المتبقين حاليا في قطاع غزة، يدافعون عن أنفسهم في مواقع مؤقتة، وأن النزعة الهجومية انتهت.
ويتحدث جنرالات الجيش بوضوح عن إرهاق القوات، وحاجتها إلى التقاط الأنفاس. وهذا ما حدا برئيس الأركان إلى تسريح الكثير من جنود الاحتياط، ورفض استدعاء المزيد مما خلق نوعا من الأزمة التي تعيق احتمال السرعة في استئناف هجمات واسعة في القطاع. وهذا تقريبا ما يثير غضب القيادة السياسية، التي تعلن صباحا ومساء أن "القرار اتخذ" باحتلال قطاع غزة كاملا، قبل أن يتخذ القرار فعلا في مجلس الوزراء.
انتقدت وزارة الداخلية في غزة عمليات الإسقاط الجوي للمساعدات على القطاع، وقالت إنها تسببت في سقوط قتلى وجرحى من المدنيين، إلى جانب تدمير خيام وممتلكات نازحين، متهمة إسرائيل باستغلال هذه العمليات كوسيلة لـ"تعزيز الفوضى" ضمن سياسة "هندسة التجويع" المرتبطة بالإبادة الجماعية الجارية في القطاع.
قالت هيئة البث الإسرائيلية إن الوسطاء يضغطون لوقف خطة احتلال غزة وإعادة حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وإسرائيل إلى طاولة المفاوضات، فيما أكد مصدر إسرائيلي أن فرصة العودة للمفاوضات قبل إقرار الخطة "معدومة".
في غضون ذلك، طالبت عائلات الأسرى رئيس الأركان بعدم السماح للحكومة بقتل أبنائهم عبثا، محذرة من تداعيات استمرار التصعيد.
الضوء الخافت المنبعث من نافذة صغيرة بالكاد يخترق الغبار العالق في الهواء، ليكشف ملامح جسد الطفلة مريم عبد العزيز دواس الهزيل، الذي لم يتبق منه سوى عظام بارزة وبشرة شاحبة مرهقة.
مريم التي كانت تزن 25 كيلوغراما قبل العدوان الإسرائيلي، تقلص وزنها الآن إلى 10 كيلوغرامات فقط، حتى إنها فقدت القدرة على المشي والنطق، ولم يعد بإمكانها الركض في ممرات مركز الإيواء أو اللعب مع أقرانها أو حتى الحديث مع أمها.