آخر الأخبار

دراسة تكشف فجوة في المساحات الخضراء بالبلدات العربية… والمبادرات المجتمعية تبحث عن حلول

شارك

شهدت مدينة طمرة، يوم الخميس الفائت، تنظيم يوم دراسي موسع بعنوان “مساحات خضراء للناس – دور المجتمعات المحلية في تطوير المساحات المفتوحة في البلدات العربية”، بمبادرة من صندوق “يد هنديڤ"، وبالتعاون مع عدد من مؤسسات المجتمع المدني والخبراء في مجالات التخطيط الحضري والبيئي والعمل المجتمعي، وبمشاركة مندوبي من الوزارات الحكومية وناشطين ومهنيين من مختلف المناطق.

هدف اللقاء إلى تسليط الضوء على واقع المساحات المفتوحة في البلدات العربية، واستعراض التحديات البيئية والتخطيطية والمجتمعية التي تعيق تطويرها، وطرح نماذج لمشاريع مجتمعيّة ناجحة يمكن البناء عليها لتوسيع رقعة المساحات الخضراء وتحسين جودة الحياة في هذه البلدات.

خلال اللقاء، عرضت الباحثات نتائج دراسة ميدانية شاملة وثّقت 64 مبادرة في مجال تطوير المساحات العامة المفتوحة في البلدات العربية. كشفت الدراسة أن 67% من المبادرات انطلقت بمبادرات محلية، بينما كانت 33% على مستوى قطري. وأظهرت أن الجمعيات المحليّة حققت أعلى نسبة نجاح بلغت 50%، في حين جاءت السلطات المحلية في المرتبة الأخيرة بنسبة لا تتجاوز 36%.

هذا التباين، بحسب الدراسة، لا يُشير إلى ضعف قدرة السلطات المحلية، بل إلى نقص في وجود رؤية استراتيجية شاملة، وخطط عمل واضحة تُعزز التخطيط التشاركي وتدمج المجتمع المحلي في المراحل المختلفة للمشاريع. وأكدت الدراسة أن السلطات المحلية تلعب دورًا محوريًا لا غنى عنه في تطوير واستدامة المساحات المفتوحة، شريطة أن تتبنى نهجًا تشاركياً يأخذ بعين الاعتبار الاحتياجات الحقيقية وخصوصية كل مجتمع محلي، وأن توفّر البنى التحتية التنظيمية والدعم المهني والمادي لضمان نجاح المشاريع واستمراريتها.

وسلطت الدراسة الضوء على مجموعة من عوامل النجاح التي تكررت في معظم التجارب الناجحة، من بينها: مسح احتياجات السكان، إشراك المجتمع في التخطيط والتنفيذ، بناء شراكات فعالة مع السلطات، وجود قيادة ملتزمة، توفير تمويل مستدام، والدعم المهني من خبراء في مجالات التخطيط والهندسة البيئية.

دور مؤسسات المجتمع المدني

كما أبرز اليوم الدراسي دور مؤسسات المجتمع المدني، المحلية والقطرية، كحلقة وصل أساسية بين السكان والسلطات، وكجهات داعمة تتيح المعرفة والخبرة، وتواكب المشاريع من التخطيط وحتى الإدارة والصيانة، وتُساهم في بناء قدرات المجتمع المحلي والسلطات على حد سواء.

تخلل اللقاء عرض لنماذج ميدانية ناجحة، منها مشروع “قلب البلد” في الطيرة الذي اعتمد على مبادرة قطرية معتمدة تخطيط تشاركي موسّع مع الأهالي، ومتنزه “صنيبعة” في طمرة الذي أعاد الحياة إلى موقع مهمل عبر شراكة بين السكان والمهنيين، ومشروع إنشاء حديقة بيئية بجوار مبنى عام في كفر قرع بمبادرة من السلطة المحلية وشراكة مع جمعيات تطوعية، ومتنزه وادي الصفا في سخنين الذي بادرت إليه مجموعة شبابية بالتعاون مع المجتمع المحلي.

وشملت أعمال اللقاء مناقشة دراسات حالات مختلفة لتطوير مساحات خضراء من خلال المشاركة المجتمعية في مراحل التخطيط، التنفيذ، الصيانة والإدارة. وأجمع المشاركون على أن غياب خطة واضحة للاستدامة يمثل أحد أبرز التهديدات لاستمرار هذه المشاريع، حتى وإن حققت نجاحًا في المراحل الأولى.

تحالف حقيقي

وأكد المتحدثون أن تحسين واقع المساحات الخضراء في البلدات العربية يتطلب تحالفًا حقيقيًا بين السلطات المحلية، المجتمع المدني، والمجتمع المهني، إلى جانب إرادة سياسية واضحة تضع البيئة وجودة الحياة في سلم الأولويات. فالسلطة المحلية، عندما تتبنى دورها كجهة تخطيط ورعاية وإشراف، وتعمل بشفافية وبشراكة فعلية مع السكان، تستطيع أن تكون رافعة مركزية لتحسين المشهد البيئي والاجتماعي.

وفي ختام اللقاء، شدد المنظمون والمشاركون على أن نجاح هذه المشاريع لا يقتصر على تحسين المشهد الحضري، بل يسهم في تعزيز الصحة العامة، خلق بيئة تفاعلية، وتقوية النسيج الاجتماعي. ودعوا إلى استثمار بعيد المدى في الوعي البيئي، دعم مؤسسي حقيقي، وضمان استمرارية التمويل والصيانة، لتحويل المساحات المهملة إلى مساحات نابضة بالحياة تخدم الأفراد والمجتمعات على حد سواء.

بكرا المصدر: بكرا
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا