تشهد إسرائيل في الأيام الأخيرة ما وصفه الإعلام العبري بـ"تسونامي سياسي عالمي"، يتجلى في عزلة دولية متزايدة، إدانات حادة، مقاطعات، وتحولات جذرية في موقف عدد من الدول الغربية تجاه القضية الفلسطينية، وسط تعمق الكارثة الإنسانية في قطاع غزة، وتصاعد الدعوات للاعتراف بدولة فلسطينية مستقلة.
موجة غير مسبوقة من الضغوط والعقوبات
موقع "واللا" العبري ووسائل إعلام أخرى أبرزت أن الوضع السياسي لإسرائيل دخل مرحلة "غير مسبوقة"، في ظل تصاعد الانتقادات الدولية لسلوكها في غزة، وانتشار تقارير تتحدث عن مجاعة جماعية وتدهور إنساني مروّع.
ووفق تقرير صادر عن "مبادرة مراحل الأمن الغذائي" (IPC)، فإن غزة تمر فعلياً بـ"أسوأ سيناريو مجاعة"، حيث تم تجاوز عتبات المجاعة الدولية، مع وفاة ما لا يقل عن 16 طفلاً جوعاً منذ منتصف يوليو، ومعالجة أكثر من 20 ألف طفل يعانون من سوء تغذية حاد.
فرنسا وبريطانيا تقودان حملة الاعتراف بالدولة الفلسطينية
أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن باريس ستعترف رسمياً بدولة فلسطين في سبتمبر المقبل خلال انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة، داعياً إلى إنهاء الحرب، الإفراج عن الرهائن، ونزع سلاح حماس، مؤكدًا:
"لا بديل عن دولة فلسطينية قابلة للحياة تعيش بسلام إلى جانب إسرائيل".
كما انضم إليه رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، معلنًا أن بلاده ستصوت لصالح الاعتراف بفلسطين، ما لم تلتزم الحكومة الإسرائيلية بوقف إطلاق النار ووقف التوسع الاستيطاني.
الاتحاد الأوروبي يدرس عقوبات وهولندا تمنع بن غفير وسموتريتش
في خطوة تعكس تصعيداً دبلوماسياً، منعت هولندا وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش من دخول أراضيها، بسبب تصريحاتهم التحريضية ضد الفلسطينيين.
كما تدرس المفوضية الأوروبية فرض عقوبات جزئية على إسرائيل تشمل تعليق وصولها إلى برامج تمويل البحث العلمي، وهو تطور وصف بأنه "زلزال في العلاقات الأوروبية الإسرائيلية".
تدهور صورة إسرائيل في الرأي العام العالمي
صحيفة "يديعوت أحرونوت" أبرزت ما وصفته بـ"الذروة" في تراجع مكانة إسرائيل عالميًا، مشيرة إلى:
اعتداءات لفظية وجسدية على إسرائيليين ويهود في أوروبا
مقاطعة أكاديمية وثقافية متصاعدة
محاولات لفصل إسرائيل من مسابقات مثل الفيفا واليوروفيجن
تراجع الاستثمارات الدولية
تحقيقات بشأن "سياسة التجويع" في غزة
خسارة دعم الجالية اليهودية في عدة دول
كما نشرت الصحيفة تقارير عن طرد سائحين إسرائيليين من مطاعم ومحطات في أوروبا، وحوادث تحرش وهجمات رمزية تعكس غضباً شعبياً متنامياً ضد إسرائيل.
موقف الولايات المتحدة: دعم مشروط وتحذيرات مزدوجة
رغم العلاقة التاريخية القوية، أبدت واشنطن انزعاجاً متزايداً من سياسات حكومة نتنياهو، وخاصة فيما يتعلق بالمستوطنين المتطرفين وسياسة التجويع.
ويشير الإعلام العبري إلى أن إسرائيل "خسرت الديمقراطيين منذ سنوات" وهناك الآن مؤشرات على فتور من الجمهوريين أيضاً.
تسارع الاعترافات وتوقعات بتغيير تاريخي في سبتمبر
مع إعلان فرنسا وبريطانيا، وتأييد من السعودية، يتوقع المراقبون أن تنضم دول أخرى مثل:
كندا، أستراليا، نيوزيلندا، البرتغال، مالطا، إيرلندا، بلجيكا، وإيطاليا إلى موجة الاعترافات في الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر المقبل، ما قد يُحدث تحولاً تاريخياً في المشهد السياسي الدولي.
خلاصة:
إسرائيل تواجه عزلة سياسية متنامية، و"تسونامي دبلوماسي" يهدد بتغيير قواعد اللعبة في الشرق الأوسط.
المجتمع الدولي يتحرك بقوة نحو إنهاء الحرب والاحتلال، والاعتراف بالدولة الفلسطينية لم يعد مجرد شعار، بل تحول إلى خطة تنفيذية تحمل توقيتاً واضحاً وضغوطاً فعلية.
إذا استمرت إسرائيل في تجاهل هذه المتغيرات، فقد تجد نفسها أمام واقع جديد تفقد فيه دعم حلفاء تقليديين وتواجه عزلة شاملة غير مسبوقة.