الإعلامي أحمد حازم
هي ليست امرأة عادية، بل سياسية معروفة. هي امرأة من نوع آخر. تقف الى جانب العدالة وتدافع عن حقوق المظلومين. اسمها جان برسغيان Jeanne Barseghian وتشغل منصب رئيسة بلدية ستراسبورغ الفرنسية. اسمعوا حكاية هذه المرأة الفرنسية، التي لم تهتم بها السلطة الفلسطينية ولم يمنحها رئيس سلطة رام الله أي تكريم أو جواز سفر فلسطيني، كما فعل مع بعضهن رغم أن فلسطين لا تتشرف بهن. هذه المرأة الفرنسية فعلت للقضية الفلسطينية ما عجز عنه حكام العرب رغم وجود اللوبي الصهيوني المتنفذ في الدولة الفرنسية.
المجلس التمثيلي للمؤسسات اليهودية في فرنسا CRIFأقام الدنيا ولم يقعدها عندما علم بأن المجلس البلدي لمدينة ستراسبورغ الفرنسية صوت بأكثرية كبيرة لصالح قرار توأمة المدينة مع مخيم “عايدة” الواقع قرب مدينة بيت لحم في الضفة الغربية المحتلة. وفي الوقت نفسه وافق المجلس البلدي على قرار شراكة وتعاون مع مدينة بيت لحم، برعاية وزارة الخارجية الفرنسية. والملفت للنظر ليس قرار التوأمة فقط والذي أغضب بشكل كبير الجالية الصهيونية في فرنسا، بل وأيضاً قرار تجميد التوأمة مع مدينة رامات غان Ramat Ganالإسرائيلية، وهي علاقة قديمة تعود إلى عام ١٩٩١.
ومما أفقد أنصار إسرائيل صوابهم هو أن تبني قرار التوأمة مع مخيم “عايدة ” رافقه قيام رئيسة البلدية السيدة برسغيان، بوضع كوفية فلسطينية على كتفيها. وهذه ليست المرة الأولى التي تثير فيها برسغيان غضب أنصار الصهيونية وسخطها في فرنسا. ففي عام ٢٠٢١ وبعد انتخابها رئيسة لمجلس بلدية استراسبورغ، رفضت برسغيان تبني تعريف ”معاداة السامية” لأنه ينص على ان الانتقادات الموجهة لإسرائيل تندرج ضمن المواقف المعادية للسامية. هذا الموقف جعل رئيسة بلدية ستراسبورغ هدفا ً لحملة انتقادات من قبل اللوبي الصهيوني في فرنسا الذي اتهمها من دون خجل، بأن موقفها يستهدف اكتساب أصوات الناخبين المسلمين.
وهنا لا بد من الإشارة الى ان فرنسا تضم أكبر عدد من اليهود في القارة الأوروبية، وثالث أكبر عدد في العالم بعد إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية حيث يُقدر عدد اليهود في فرنسا بنحو 480 إلى 550 ألف نسمة؛ وينحدر 60 في المائة منهم من أصول مغاربية، ولهم نفوذ في كافة مناحي الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والإعلامية،
وفي ظل هذا النفوذ اللوبي الصهيوني في فرنسا تخرج رئيسة بلدية ستراسبورغ وتواجه بكل جرأة هذا اللوبي مغردة خارج السرب حاملة لواء الدعم للقضية الفلسطينية غير آبهة بما يدور حولها. رئيسة البلدية هي واحدة من مواطنين فرنسيين كثيرين من مختلف الطبقات يؤيدون القضية الفلسطينية.
وقد اعجبني كثيرا وصف الصحافي الفرنسي المعروف كزافييه بارون للشعب الفلسطيني قوله:" انه الشعب الذي نسي العالم وجوده اُستعمر وأُخرج من أرضه ورفضوا له الحق في وطنه، وصار ألعوبة في أيدي الدبلوماسية الغربية والعربية". الكاتب فضح ممارسات إسرائيل بحق الفلسطينيين وفضح أيضاً ما يسمى زوراً الضمير الغربي "الذي يُغمض عينيه ويُعطّل ضميره كلما كان من واجبه أن يُصحح سير التاريخ وأن يُوعي الأجيال الناشئة بخصوص قضية فلسطين”.
وأخيراً...
وإذا كانت غولدا مائير قد قالت ذات يوم " لا يغمض لي جفن كلما يولد طفل فلسطيني" فعلى اللوبي الصهيوني في فرنسا أن يقول:" لا يغمض لنا جفن كلما نسمع عن تأييد فرنسي للفلسطينيين"