تشهد الساحة الإعلامية في إسرائيل منذ اندلاع الحرب مع إيران تصاعدًا مقلقًا في التحريض والاعتداءات الميدانية على الصحافيين، خصوصًا العرب، من قبل مواطنين، شرطة، وأفراد من "وحدات الطوارئ المدنية". هذا التصعيد يشمل استجوابات عشوائية، مضايقات ميدانية، مصادرة معدات، ومنع دخول إلى مناطق التغطية، وغالبًا دون أي صلاحية قانونية.
في حادثة وقعت في تل أبيب هذا الأسبوع، تم منع عدد من المصورين من دخول موقع سقوط صاروخ رغم حملهم بطاقات صحافية، بينما تولّى ناشط اليمين المعروف يوآب إلياسي (المعروف بلقب "هتسل")، برفقة أفراد من وحدة طوارئ الشرطة، فرز الصحافيين ميدانيًا، والتفريق بين "إسرائيليين" و"غير إسرائيليين"، مع استهداف خاص للصحافيين العرب والأجانب. "أين الجزيرة؟"، سُمع أحدهم يصرخ، فيما قال آخر: "الإسرائيلي يدخل، ومن ليس إسرائيليًا يبقى في الخارج".
צפו: הקטע המלא בו הצל וכיתת הכוננות של משטרת תל אביב עושים סלקציה בין צלמים בזירה בתל אביב. צילום: @jezp55 pic.twitter.com/Sr5RJcCJ1k
وضع خطير
حالات مشابهة سجلت في حيفا، رمات غان، وبيت شان، حيث تمت مضايقة صحافيين عرب يعملون في وسائل إعلام دولية، بما في ذلك قناة "رويترز" و"العربية"، وتم إجبارهم على وقف البث المباشر بدعوى أن بثهم يظهر مواقع حساسة، رغم أنهم يبثّون من مواقع خصصتها الشرطة نفسها. في بعض الحالات، تمّت مصادرة كاميرات ومعدات، وزُج بالصحافيين في التحقيق، كما حدث في أحد فنادق حيفا الأسبوع الماضي.
ويشير العديد من الصحافيين العرب إلى أن الوضع الميداني بات خطيرًا وغير آمن، مع تهديدات مباشرة من مواطنين، وتلميحات إلى "الانتماء لأعداء الدولة" فقط بسبب التحدث بالعربية. وقال أحدهم: "أنا أعمل بهذه المهنة منذ 20 عامًا، ولم أشهد يومًا هذا الحجم من الشك والتضييق. الشرطة نفسها تقول إننا تابعون لإيران أو لمنظمات إرهابية فقط لأننا عرب".
29 حالة إعتداء
مركز "إعلام"، الذي يوثق الانتهاكات بحق الصحافيين، أفاد أنه سجّل حتى الآن 29 حالة موثقة ضد صحافيين عرب منذ بدء الحرب، مع تقدير أن العدد الحقيقي أعلى من ذلك بكثير. وأكد في بيانه: "التحريض المنهجي ضد الصحافيين الأجانب، بذريعة التصدي لقناة الجزيرة، هو ذريعة واهية، خاصة وأن القناة لا تملك أي وجود فعلي داخل إسرائيل، وتبث محتوى مشترا من وكالات دولية مرخصة".
وأضاف المركز: "عدد من السياسيين استغل حالة الخوف الشعبي لتوجيه الغضب نحو الصحافيين العرب. ما يحدث على الأرض يعكس انهيارًا خطيرًا في القيم المهنية، ويؤكد الحاجة العاجلة إلى تعزيز التضامن بين الصحافيين والدفاع عن حرية التغطية، خصوصًا في أوقات الأزمات".
تحريض سياسي
من جانبها، قالت عنات سرغوستي من منظمة الصحافيين: "هناك جهل تام بدور الصحافي وبأن كل من يحمل بطاقة صحافية، سواء كان عربيًا أو أجنبيًا أو عبري اللسان، يخضع لنفس قوانين الرقابة. ليس كل ناطق بالعربية يتبع للجزيرة، والرقابة الإعلامية ليست تابعة لوزير الأمن القومي أو وزير الاتصالات".
وفي ظل هذا الوضع، يسود ارتباك قانوني واسع في الميدان، حيث اعترفت جهات رسمية في محادثات مغلقة أن بعض رجال الشرطة لا يميزون بين التعليمات وبين التحريض السياسي. أما النتيجة فهي واقع ميداني يفرض الخوف، ويقيّد التغطية الإعلامية، خصوصًا حين يكون المراسل عربيًا.