يقول التاريخ أن القائد الإسلامي الكبير خاطب جنوده بقوله عند نزوله الى شواطئ الاندلس: "أيها الناس، أين المَفَرُّ؟ البحرُ من ورائكم، والعدوُّ أمامَكم وليس لكم واللَّهِ إلا الصدقُ والصَبْرُ" وذلك لحثهم على البقاء وعدم الهروب. ويقال انه أحرق سفنه لعدم الهروب. والبحر الذي تحدث عنه القائد بن زياد هو نفسه البحر المتوسط. التاريخ يعيد نفسه الآن في البحر نفسه ولكن بصورة معكوسة لا شبيهاً لطارق فيها ولا شبيهاً لشعب طارق فيها.
الهاربون من البحر هم من يهود الدولة العبرية، الذين لم يحثهم "قائدهم" نتنياهو على البقاء، ولم يقل لهم ان (عدوهم ايران) وراءهم، ورغم ذلك اختار البعض طريق البحر للهرب من صواريخ هذا العدو، لأن "القائد نتنياهو" أغلق الجو والبر أمامهم لمنعهم من الهرب.
تاريخنا وتاريخيهم علمنا، ان المستوطنين قدموا الى الوطن الفلسطيني (محتلين) عن طريق البحر بسفن خاصة. وها هي صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية المنشأ والعبرية اللغة، تتحدث بجرأة، عن تزايد أعداد المستوطنين الإسرائيليين الذين يفرّون من البلاد عبر البحر إلى قبرص على متن يخوت خاصة، بسبب توقف حركة الملاحة الجوية بشكل شبه كامل.
الشاعر أبو الطيب المتنبي صدق القول : بذا قضت الأيام ما بين أهلها / مصائب قوم عند قوم فوائد. فأصحاب اليخوت الخاصة (اليهود طبعاً) استغلوا هذا الوقت العصيب ووضعوا يخوتهم تحت تصرف الفارين من الصواريخ البالستية الإيرانية ليس مساعدة لهم كحدمة انسانية بل على قاعدة "كل شئ بثمن".مرافئ هرتسيليا، حيفا وعسقلان، تحوّلت خلال الأيام الأخيرة إلى نقاط مغادرة سرية للمستوطنين، الذين يدفعون مبالغ كبيرة للهرب تتراوح بين 2500 إلى 6000 شيكل للفرد الواحد، حسب نوع القارب ومستوى الرفاهية المتوفرة بعيدًا عن أعين السلطات الرسمية
"هآرتس" وصفت مرسى "هرتسيليا" بأنه أصبح بمثابة "محطة مغادرة مصغّرة"، حيث يجري تنظيم رحلات بحرية صغيرة لا يتجاوز عدد ركابها العشرة، مشيرة إلى أنّ أصحاب اليخوت استجابوا سريعًا للطلب المتزايد.ووفق شهادات نقلتها الصحيفة من بعض المستوطنين، فإن خيار الهروب عبر البحر "لا بديل له"، في ظل تصاعد الهجمات الصاروخية الإيرانية، التي أدت إلى إصابات مباشرة خلال الأيام الماضية.
بعض الهاربين أعربوا عن خشيتهم من المخاطر في عرض البحر، فيما سخر آخرون بالقول: "في أسوأ الأحوال نقفز إلى الماء... عليهم أن يكونوا دقيقين جدًا لإصابتنا هنا". في المقابل، نقلت الصحيفة تحذيرات من بعض القباطنة للمسافرين، مؤكدين أن المخاطر في البحر لا تقل عن تلك التي على اليابسة.
ومن أجل دب الرعب والخوف لدى مواطني الدولة، دعتهم إيران في بيان الأحد الماضي إلى مغادرتها على الفور، مؤكدة "أن هذه الأرض لن تكون صالحة للسكن في المستقبل القريب، وأن الهروب إلى الملاجئ تحت الأرض لن يوفر لهم الأمان". إذاً هي أيضا حرب نفسية، لا سيما وأن ايران توعدت برد شامل ومدمر سيطال "جميع النقاط الحيوية في عمق اسرائيل استنادًا إلى بنك أهداف موسع يشمل مواقع ومنشآت حساسة." حسب البيان.