قبل يوم واحد من زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للخليج لإجراء محادثات مع السعودية وقطر والامارات، قام المستوطنون بمحاولة إدخال قربان لذبحه داخل المسجد الأقصى، بينما أهم دول عربية مؤثرة سياسياً ومالياً (السعودية، قطر والامارات) كانت منشغلة في كيفية استقبال "الأخ" ترامب. المستوطنون فشلوا في محاولة ذبح قربان في باحة الأقصى، بينما العربان نجحوا في ذبح كرامتهم أمام القادم من بلاد العم سام.
لم يكن ترامب أول رئيس أمريكي يزور المنطقة ولا يزور إسرائيل. فقد فعلها قبل ذلك الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما في العام 2009. فبعد شهور قليلة من توليه منصبه كانت أول زيارة خارجية له للسعودية ومصر غير مهتم بإسرائيل. وقتها اعتُبر قراره بعدم زيارة إسرائيل إهانة لنتنياهو، ورأى فيه كثيرون تعبيراً عن سوء العلاقة بينهما. التاريخ يعيد نفسه والموقف يتكرر. الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يقوم بأول زيارة له إلى المنطقة في ولايته الثانية، تكون السعودية أول وجهة سفره وبعدها قطر والإمارات، وإسرائيل ليست على جدول أعماله.
وإذا نظرنا الى معادلة الرابح والخاسر في هذه الزيارة، نرى بشكل واضح ان أمريكا هي الرابح الأكبر في هذه الزيارة لأن ترامب قام بإبرام صفقات أسلحة مع المملكة العربية السعودية، وتشجيع الاستثمارات الخليجية في الاقتصاد الأمريكي بقيمة 600 مليار دولار. وصفقات أخرى أبرمها في قطر والإمارات لا تقل أهمية عن الصفقات مع السعودية. ووفقًا لصحيفة نيويورك تايمز، حققت شركات عائلة ترامب ملايين الدولارات من صفقات مع شركات مرتبطة بحكومات الإمارات وقطر والسعودية.
إسرائيل هي الخاسر في هذه الزيارة. والأمر لا يتوقف فقط عن عدم زيارته لها، بل لأن ترامب قام باتخاذ خطوات سياسية فاجأ إسرائيل بها. أول هذه المفاجآت إن ترامب أقدم على إقالة مايكل والتز من منصبه كمستشار للأمن القومي عشية الزيارة. وعلى ذمة موقع MDEAST NEWS كان والتز ينسق بشكل وثيق مع نتنياهو بشأن خطط العمل العسكري ضد إيران، ويدفع باتجاه نهج عسكري عدواني تجاه الحوثيين في اليمن.
المفاجأة الثانية إعلان ترامب عن محادثات مع إيران بشأن النووي، وهو أمر لم تكن إسرائيل تتوقعه ولا سيما في ظل توقعات بتوجيه ضربة أمريكية إسرائيلية لإيران. والمفاجأة الثالثة اتفاق ترامب مع الحوثيين في اليمن، وكما نشر الجانب اليمني، ينص الاتفاق على عدم تدخل أمريكا بحماية السفن الإسرائيلية وأن هذا الاتفاق لا علاقة له بقرار إسناد غزة.
أما المفاجأة الرابعة أو بالأحرى الضربة الرابعة، فهي المحادثات المباشرة بين أمريكا وحماس، حيث أوضحت مصادر إسرائيلية عديدة أن إسرائيل لم تكن جزءاً من المفاوضات الأمريكية مع حماس ولم تطلع عليها مسبقا. وليس من المستبعد أن يكون في انتظار اسرائيل مفاجآت أخرى.
فهل من المعقول أن يتجاوز ترامب العلاقة التقليدية بين أمريكا وإسرائيل، أم أن ما يفعله هو فقط لتلقين نتنياهو درساً شبيها بالدرس الذي لقنه للرئيس الاوكراني زيلينسكي لجلبه لبيت الطاعة؟
والسؤال الأهم: هل نحن بالفعل أمام شرق أوسط جديد على الطريقة الترامبية؟