نشرت صحيفة هآرتس الإسرائيلية تقريرًا يسلط الضوء على أزمة ملحوظة يواجهها الجيش الإسرائيلي في تجنيد قوات الاحتياط، مما دفعه إلى اللجوء لأساليب غير تقليدية لتعويض النقص الحاصل.
في بداية الحرب، شهدت الدعوات لاستدعاء الاحتياط استجابة كبيرة، حيث بلغت نسبة الحضور حوالي 90%. إلا أن هذه النسبة أخذت بالتراجع تدريجيًا مع استمرار القتال، حيث انخفضت إلى 70% وتوقعات تشير إلى إمكانية تقلصها إلى 50% في الاستدعاءات المقبلة. هذا التراجع أثار قلق الضباط العسكريين بشأن مستقبل التجنيد ومدى تأثيره على العمليات.
أحد قادة الاحتياط أشار إلى أن الديناميكية بين الجنود قد تغيرت بشكل كبير؛ فمع دخول مجندين جدد دوريًا، لم تتوفر فرصة لبناء روابط قوية تساهم في تحسين التماسك داخل الوحدات العسكرية.
وللتصدي لهذا التراجع، اتجه الجيش الإسرائيلي إلى وسائل التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك لنشر إعلانات تستهدف عموم الناس. تضمنت هذه الإعلانات فرصًا شاغرة في الوحدات القتالية العاملة في مناطق مثل غزة ولبنان، مع تقديم ميزات مرنة تتجاوز شروط القبول التقليدية. وأوضح أحد المسؤولين عن التجنيد أن "الجيش في أمسّ الحاجة للعناصر الجديدة"، مضيفًا أن الحماس الذي كان يميز الانضمام في الأيام الأولى للحرب قد تلاشى تدريجيًا.
كجزء من استراتيجيات التحفيز، قدم الجيش مكافآت مثل رواتب للعاملين في مجالات الدعم، كوظائف الطهي والصيانة داخل القواعد العسكرية. كما تم الإعلان عن برامج تدريب مكثفة لتأهيل المجندين في وقت قياسي، مثل تعلم قيادة الدبابات أو تشغيل الطائرات المسيّرة خلال أسبوع فقط.
إلى جانب ذلك، لجأ الجيش إلى حملات إعلانية تحمل طابعًا عاطفيًا بهدف تعزيز الشعور بالمسؤولية لدى المواطنين. أحد هذه الإعلانات أظهر جنودًا يسيرون في أحد شوارع المدن الفلسطينية مع رسالة نصية تقول: "إخوتكم يذهبون للقتال، فهل ستبقون في أماكنكم؟"، في محاولة لاستثارة مشاعر الذنب وتحفيز الاستجابة.
من جهة أخرى، واجهت بعض التحركات الانتقادات والسخرية، لا سيما إعلان الجيش عن حاجته لجنود في مجالات متعددة، بما في ذلك طلب "جهاز توستر لصنع توست مثلث"، وهو ما اعتُبر إشارة واضحة إلى السعي لملء أي شواغر بغض النظر عن التخصص أو الكفاءة.
وفي سياق آخر، برزت إعلانات أخرى تطلب "مجندين متدينين فقط"، مما أثار جدلًا حول تفضيلات دينية داخل بعض الوحدات العسكرية. بينما حاولت وحدات أخرى تخفيف الشروط الدينية لاستقطاب مزيد من العناصر، منها السماح بتقليل الصلوات أو تناول طعام غير مطابق للشرائع الدينية.
وخلص تقرير هآرتس إلى أن الجيش الإسرائيلي يواجه أزمة عميقة تهدد تماسكه الداخلي وانضباطه، وهو ما قد ينعكس سلبًا على أدائه في الميدان. كما نقل التقرير تصريحات لضباط يشكون من تآكل معنويات الجنود، مطالبين القيادة العسكرية والسياسية بمراجعة النقاشات الجارية داخل مجموعات واتساب الخاصة بجنود الاحتياط، والتي تعكس صورة دقيقة لهذه الأزمة المتفاقمة