إسرائيل تعاقيها والعرب يتجاهلونها... تحية للنرويج

مصدر الصورة

كان من المفترض أن أكتب هذا المقال فبل أيام عن موقف النرويج وشعبها تجاه غزة، لكن تسارع الأحداث والتطورات كانت تجبرني على التأجيل لكي أكون مع آنية الحدث في كل مقال. المعروف أن النرويج هي دولة اسكندينافية راقية جدا وحيادية وشهدت عاصمتها أوسلو الاتفاق المشهور بين إسرائيل والفلسطينيين في عام 1993"اتفاق أوسلو". وبالرغم من أن النرويج رسميا تنتمي الى الدول المحايدة، لكن هذا لم يمنعها رسميا وشعبيا من التعبير عن موقفها الإنساني تجاه ما يحدث ضد شعب غزة من حرب شعواء لم يسجل التاريخ مثيلاً لها. اسمعوا الحكاية، حكاية دولة لم يهن عليها ما يتعرض له الشعب الفلسطيني من ويلات من الجانب الإسرائيلي.

في الاسبوع الاول من شهر آب العام الماضي، قررت وزارة الخارجية الإسرائيلية سحب الصفة الدبلوماسية عن ممثلي النرويج لدى السلطة الفلسطينية. ولماذا هذا القرار (المعاقبة)؟ وزير خارجية إسرائيل كاتس لم يستح ولم يخجل من نفسه ان يبرر هذا التصرف بما أسماه "مواقف النرويج المعادية لإسرائيل" وكيف يمكن للنرويج المحايدة ان تكون معادية لاسرائيل وهي من أوائل الدول التي اعترفت بها؟ كلام سخيف لا يصدقه عاقل. إذاً لماذا هذه العقوبة؟ السبب كما اعلنه كاتس هو إقدام النرويج على الاعتراف بالدولة الفلسطينية ومشاركتها جنوب أفريقيا في الدعوى المرفوعة ضد المسؤولين الإسرائيليين امام المحكمة الجنائية الدولية.

وكانت النرويج قد أعلنت في شهر نوفمبر العام الماضي انها ستلتزم بقرار محكمة الجنايات الدولية تنفيذ مذكرة اعتقال نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت إذا دخلا النرويج وتسليمها إلى المحكمة في لاهاي. وتجدر الإشارة الى ان النرويج كانت أول من أعلن في أيار/مايو الماضي أنها ستحترم أوامر المحكمة الجنائية في لاهاي. هذا من الناحية السياسية الرسمية.

موقف غير سياسي آخر سمعناه عن النرويج داعم لأهل غزة. الموقف هذه المرة يأتي من الرياضة وبالتحديد من كرة القدم النرويجية. أعلن نادي بودو غليمت النرويجي عن تبرعه بكامل عائدات مباراته ضد فريق مكابي تل أبيب الإسرائيلي لصالح جهود الإغاثة في قطاع غزة، وذلك ضمن منافسات الجولة السابعة من بطولة الدوري الأوروبي التي أقيمت في 23 يناير/كانون الثاني الماضي. نادي بودو جليمت النرويجي، تبرع لغزة بعوائد المباراة التي خاضها ضد فريق مكابي تل أبيب، في 23 يناير الماضي. وقد قدم الفريق النرويجي 65 الف يورو إلى الصليب الأحمر لإرساله تبرعاً إلى اهالي غزة. وكانت النرويج قد قدمت قبل ذلك مبلغ 24 مليون يورو لمنظمة الأونروا الدولية التي تتولى مهمة مساعدة الفلسطينيين.

النادي النرويجي قالها صراحة في تغريدة نشرها على حسابه في منصة «إكس»: "لا يمكن لنا أن نتجاهل أو نظهر غير متأثرين بالمعاناة والانتهاكات للقانون الدولي، التي تتكشف في أجزاء أخرى من العالم، رغم أننا فريق كرة القدم، ولسنا طرفا سياسيا "

هذا الكلام موجه للدول العربية التي لم يصدر عن أي دولة منها ولو بيان خجول يثني على الموقف النرويجي. المشهد الواضح الن إسرائيل عاقبت النرويج والدول العربية صمتت على القرار. فأي عرب هؤلاء؟

هنا أتذكر القصيدة المشهورة "القدس عروبتكم" لصديقي الشاعر العراقي الراحل مظفر النواب، والتي خاطب فيها للحكام العرب: " أولاد القحـ..ما أوقحكم"