بعد أيام قليلة من الهروب المهين لبشار الأسد وإعلان سوريا حرة من نظام بعث أسدي استمر أكثر من نصف قرن، وسيطرة تنظيم "هيئة تحرير الشام" بقيادة أحمد الشرع على الإدارة العامة في سوريا، أرسل الرئيس التركي أردوغان رئيس جهاز استخباراته إبراهيم كالين الى سوريا الجديدة للاطلاع على سير المستجدات فيها. وكان لافتاً للانتباه أمرين في غاية الأهمية: الأمر الأول أن احمد الشرع هو الذي كان يقود السيارة وبجانبه الضيف التركي والأمر الثاني دخول الضيف والمضيف مع بعض الى المسجد الأموي لتأدية الصلاة.
أردوغان لم يكتف بذلك، فقد قام بعدها بإرسال وزير خارجيّته هاكان فيدان لسوريا. زعيم الدبلوماسية التركية فيدان يبدو أنه يتقن فن إدارة دبلوماسية الشرق الأوسط حسب التعليمات "الأردوغانية" فخلال زيارته لدمشق شرب الشاي مع أحمد الشرع فوق جبل قاسيون، هذا المشهد له دلالة وبعد سياسي. فهو رسالة واضحة للعالم مفادها أن تركيا تجلس في الموقع الاستراتيجي السوري.
صحيح أن أردوغان يجلس في أنقرة، لكن عيونه موجهة باستمرار الى ما يجري حوله إقليمياً، وإلى أبعد من ذلك أيضاً. فقبل ذلك وبالتحديد في منتصف الشهر الماضي شارك فيدان في اجتماع العقبة العربي- التركي- الغربي لبحث التطورات في سوريا، والذي شارك فيه وزراء خارجية الولايات المتحدة، تركيا، الأردن، السعودية، العراق، لبنان، مصر، الإمارات، البحرين، قطر، والأمين العام للجامعة العربية، أحمد أبو الغيط.
التطورات التي حصلت في سوريا، والتي كان لتركيا الدور الرئيس فيها والنشاطات الدبلوماسية التي قامت بها تركيا مؤخراً فيما يتعلق بسوريا وتصالحه مع العواصم العربية وتحسين علاقته مع الغرب مع الاحتفاظ بما بناه من علاقات مع روسيا تظهر بوضوح أن أردوغان هو الماسك بمفتاح سوريا الجديدة.
وزير الخارجية الإيراني عباس عراقتشي قال بعد أيام على سقوط نظام الأسد "أنّ ما حدث في سوريا يأتي في إطار مشروع ضخم تخطّط له أميركا وإسرائيل للقضاء على أيّ مقاومة ضدّ إسرائيل"،
هذا يعني حسب الوزير الإيراني أن تحرير سوريا هو مشروع أمريكي اسرائيلي. ما هذا الغباء الفارسي؟ فهل نسي عباس عراقتشي أن نظام الأسد كان الحامي لحدوده مع إسرائيل في الجولان عشرات السنين؟
بعض المحللين يرى أن تركيا عملت في الأسابيع الأخيرة، على خلط أوراق أطاح بمخطّطات طهران في المنطقة وتحديداً في سوريا علماً بأن الرئيس الروسي بوتين حليف إيران لم يتحرك إزاء ما يحضره أردوغان وترك إيران لوحدها في مواجهة التحرّك التركي الإقليمي. وقد أوجد سقوط نظام بشار الأسد واقعاً استراتيجيّاً جديداً في الشرق الأوسط. فقد خرجت إيران من سوريا وضعف دور روسيا، ونتيجة لهذا التطور دخلت تركيا وملأت الفراغ.
وأخيراً...
الغرب المنافق العاهر لم يتحدث أبداً عن حقوق المرأة السورية في فترة نظام الأسد، واليوم وبقدوم أحمد الشرع ، يسأل الغرب وبكل وقاحة، عما اذا كانت المرأة السورية سيفرض عليها الحجاب مثل المرأة في أفغانستان، فجاء الجواب واضحاً من أحمد الشرع: سوريا لن تكون مثل أفغانستان.