صرحت مصادر مطّلعة، أنّ الإمارات تجري محادثات مع الولايات المتّحدة وإسرائيل بشأن تشكيل حكومة مؤقّتة في غزّة بعد الحرب، مشيرة إلى أنّ "الإمارات ناقشت مع إسرائيل والولايات المتّحدة المشاركة في إدارة مؤقّتة لقطاع غزّة بعد الحرب إلى أن تتمكّن السلطة الفلسطينيّة المتجدّدة من تولّي المسؤوليّة"، وفق ما ورد في وكالة "رويترز".
وقال نحو عشرة دبلوماسيّين أجانب ومسؤولين غربيّين لـ"رويترز"، إنّ المناقشات الّتي جرت خلف الكواليس، شملت إمكانيّة أن تشرّف الإمارات والولايات المتّحدة، إلى جانب دول أخرى، بشكل مؤقّت على الحكم والأمن وإعادة الإعمار في غزّة بعد انسحاب الجيش الإسرائيليّ، وحتّى تتمكّن الإدارة الفلسطينيّة من تولّي المسؤوليّة.
وأكّد الدبلوماسيّون والمسؤولون أنّ الأفكار الّتي خرجت بها محادثات الإمارات تفتقر إلى التفاصيل، ولم تبلور في خطّة رسميّة مكتوبة، ولم تعتمد من قبل أيّ حكومة.
وفي المحادثات خلف الكواليس، تدعو أبو ظبي إلى "تشكيل سلطة فلسطينيّة متجدّدة لحكم غزّة والضفّة الغربيّة والقدس الشرقيّة في ظلّ دولة فلسطينيّة مستقلّة"، حسبما ذكرت المصادر، وهو ما عارضته إسرائيل علنًا.
وقال مسؤول إماراتيّ لـ"رويترز"، ردًّا على أسئلة بشأن المناقشات "لن تشارك الإمارات في أيّ خطّة لا تشمل إصلاحًا كبيرًا للسلطة الفلسطينيّة وتمكينها وإنشاء خارطة طريق موثوقة نحو الدولة الفلسطينيّة". وأضاف أنّ "هذه العناصر، الّتي تفتقر إليها البلاد حاليًّا، ضروريّة لنجاح أيّ خطّة ما بعد غزّة".
وقال متحدّث باسم وزارة الخارجيّة الأميركيّة لـ"رويترز"، إنّ هناك محادثات مع عدد من الشركاء، بما في ذلك الإمارات، بشأن خيارات الحكم والأمن وإعادة الإعمار، وإنّ الشركاء قدّموا العديد من مشاريع المقترحات والخطط والأفكار.
وقال المتحدّث "كانت هذه مناقشات مدروسة مستمرّة، ونحن نسعى إلى أفضل السبل للمضيّ قدمًا"، رافضًا التعليق أكثر على "المحادثات الدبلوماسيّة الخاصّة".
ورفض مكتب رئيس الوزراء الإسرائيليّ التعليق على هذه القصّة، كما لم تردّ السلطة الفلسطينيّة على أسئلة رويترز.
وبالإضافة إلى إصلاح السلطة الفلسطينيّة، قال أربعة من الدبلوماسيّين والمسؤولين الغربيّين إنّ المسؤولين الإماراتيّين اقترحوا استخدام مقاولين عسكريّين خاصّين كجزء من قوّة حفظ السلام في غزّة بعد الحرب. وأكّدت المصادر الأخرى أنّهم اطّلعوا على ما وصفوه بالمقترحات الإماراتيّة بعد الحرب، والّتي تضمّنت الاستخدام المحتمل لمثل هذه القوّات.
وقال الدبلوماسيّون والمسؤولون الغربيّون، إنّ أيّ نشر لمثل هؤلاء المتعاقدين من شأنه أن يثير المخاوف بين الدول الغربيّة. وواجه المتعاقدون العسكريّون من القطاع الخاصّ، الّذين استأجرتهم الولايات المتّحدة وحكومات أخرى، اتّهامات بالتعذيب وانتهاكات حقوق الإنسان واستخدام القوّة المفرطة، بما في ذلك في العراق وأفغانستان. ولم يرد المسؤول الإماراتيّ على الأسئلة بشأن استخدام المقاولين العسكريّين.
إعادة الإعمار
ومن المتوقّع أن تستغرق عمليّة إعادة بناء غزّة، بما في ذلك مؤسّساتها السياسيّة، سنوات عديدة، وأن تكلّف عشرات المليارات من الدولارات، الأمر الّذي يتطلّب دعمًا دوليًّا كبيرًا، بعد 15 شهرًا من الحرب العسكريّة الإسرائيليّة المدمّرة.
ووفّق "رويترز": "إسرائيل لا تزال تريد أن تشارك الدولة الغنيّة بالنفط في غزّة بعد الحرب"، وفقًا لمسؤولين إسرائيليّين سابقين، رفضا الكشف عن هويّتهما.
وقال بريان هيوز المتحدّث باسم فريق دونالد ترامب الانتقاليّ عندما سئل عن مستقبل غزّة إنّ الرئيس الأمريكيّ المنتخب، الّذي من المقرّر أن يتولّى منصبه في 20 كانون الثاني/يناير، سيعمل بالتنسيق الوثيق مع الشركاء العرب والإسرائيليّين "لضمان أن تتمكّن غزّة من الازدهار يومًا ما".
إصلاح السلطة الفلسطينيّة
وقالت الإمارات إنّها لن ترسل قوّات إلى مهمّة متعدّدة الجنسيّات بعد الحرب إلّا بدعوة من السلطة الفلسطينيّة وبمشاركة الولايات المتّحدة.
لكنّ نتنياهو قال إنّه ضدّ السلطة الفلسطينيّة في شكلها الحاليّ الّتي تحكم غزّة، مستشهدًا بالمزاعم القديمة بشأن المنهج الدراسيّ للسلطة الفلسطينيّة، والّذي يزعم أنّه يغذّي الكراهية لإسرائيل، وسياستها المتمثّلة في إعطاء رواتب لأسر الفلسطينيّين الأسرى.
ودّعت الإمارات إلى تعيين رئيس وزراء جديد لقيادة السلطة الفلسطينيّة، الّتي انتقدها المسؤولون الإماراتيّون مرارًا باعتبارها "فاسدة وغير كفؤة خلال المحادثات المغلقة"، حسبما قال دبلوماسيّون ومسؤولون، دون تقديم تفاصيل.
وتعهّد رئيس الوزراء الفلسطينيّ محمّد مصطفى، الّذي تولّى منصبه في آذار/مارس، بتنفيذ إصلاحات داخل السلطة الفلسطينيّة الّتي تعاني ماليّتها العامّة من حالة من الفوضى منذ سنوات بعد أن خفّضت الدول المانحة التمويل حتّى يعالج الفساد والهدر.
وذكر دبلوماسيّون ومسؤولون أنّ مسؤولين إماراتيّين ذكّروا رئيس الوزراء الأسبق سلام فيّاض، وهو مسؤول سابق في البنك الدوليّ تلقّى تعليمه في الولايات المتّحدة، باعتباره الشخص الّذي سيكون جديرًا بالثقة لقيادة السلطة الفلسطينيّة الجديدة.