آخر الأخبار

استمرار الحرب او ايقافها هو خسارة استراتيجية لإسرائيل في هذه الظروف

شارك الخبر

تسود الحلبة السياسية والرأي العام الإسرائيلي حالة من التخبط وعدم الاستقرار السياسي في خضم هذه الأيام، بكلّ ما بتعلّق بأي تسوية ممكنة مع حماس، وقف اطلاق النار والتوقيع على اتفاقية تبادل الرهائن والأسرى، وقد تزداد الخلافات بين كافة الأطراف، حيث يبدو رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو القابع في بيته بعد اجراء عملية جراحية صعبة له، بحالة عدم التركيز في قرارته، فتارة يقول إنه مستمر في الحرب على غزة حتى النصر وتدمير حماس تدميرًا كاملًا، وتارة أخرى يتصل بعائلة الرهينة المحتجزة بأيدي حماس، التي توسلت لأطلاق سراحها، حيث اتصل بعد نصف ساعة بعائلتها ووعدهم بتحريرها بأسرع وقت ممكن، هذا وقد غابت تصريحاته الحربية التي كان يطلقها، قبل شهر فقط بان السيطرة على محور فالدلفي ومعبر "نتسارين"، هو من أهم الاليات للقضاء على حماس.

أما اليوم فقد ازدادت الأصوات المؤيدة لتوقيع اتفاقية، لإنهاء الحرب مع حركة حماس كإحدى الخطوات، التي من المهم توقيعها في هذه الفترة، لأن الاستمرار في الحرب في شمال غزة، خاصة في مخيم بيت لاهيا وجباليا، يكبّد الإسرائيليين المئات من القتلى والجرحى، من صفوف جيش النخبة كقفاعتي، شمشون وكفير وألوية أخرى.

ويقولها وبشكل واضح رام بن براك نائب رئيس الموساد السابق، بان على إسرائيل ان تسرع في توقيع اتفاقية لتنهي الحرب مع حركة حماس، وإذا لم تفعل ذلك فان جيشها سيستمر بالاضمحلال بالوحل الغزاوي الى ما لا نهاية، تمامًا كما حدث في الغزو الإسرائيلي على لبنان عام 1982 عندما استمرت المعركة إلى ما لانهاية، حتى هرب الجيش الإسرائيلي عام 2000 بدون أن يحقّق أي أهداف تذكر سوى العدد الضخم من الجنود القتلى في صفوفه.

ويضيف أيضا افرايم هليفي رئيس الموساد السابق في احدى المقابلات، بكلمات في نفس الروح، بان على إسرائيل ان تسرع في انهاء الحرب وتخرج من غزة وتوقّع اتفاقية لتنقذ حياة الرهائن الإسرائيليين، ويقولها رام بن براك أيضا، بانه إذا لم توقع القيادة الاسرائيلية مثل هذه الاتفاقية، وتعلن وقف إطلاق النار وتنسحب من غزة، فان الرهائن الإسرائيليين كلهم سوف يموتون نظرًا لاستمرار الحرب، وهذا من المؤكد انه سيحدث.

أما الرأي العام الإسرائيلي فإنه مستمر في تأييد الحرب، لكنه مستمر بالمطالبة في اطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين المئة، وقد هاجمت عيناب هند قاو كير، أعضاء الكنسيت هجومًا قاسيًا، كما هاجمت حكومة نتنياهو عندما منعتها من الدخول الى الكنسيت للمطالبة بالإسراع بعقد صفقة مع حركة حماس لإطلاق سراح ابنها ماتان، المحتجز بأيدي حماس، وقد طُردت ومنعت من الدخول الى الكنيست قبل عدة أيام وادخلت ثانية ليستمع اليها أعضاء آخرون من المعارضة.

وفي هذا الاطار فان ما يفعله نتنياهو، هو الاستمرار بعمليات القتل والتدمير والإبادة في غزة، عمليات تهدف إلى قتل المواطنين هناك، بدون هوادة وقد اضطر لواء كفير والفرقة 162، إلى الانسحاب من شمال غزة ومنطقة جباليا، بعد ثلاثة اشهر من القتال، حيث تكبّد هذا اللواء اكثر من 42 قتيلّا وحوالي 1500 جريح بدون أن يحققوا اهدافًا تُذكر سوى تدمير أحياء كاملة في منطقة بيت حانون، كحي الضباط وحي الشيخ زايد، ولا يعرف أحدٌ ما هو الهدف الحقيقي، من هذه العملية: هل هو تطهير عرقيّ، أم إيجاد منطقة عازلة في شمال غزة محاذية للحدود الإسرائيلية، ام العمل والسماح للسكان الإسرائيليين، في غلاف غزة من منطقة القريبة من الشيخ رضوان وبين حانون، للرجوع الى بيوتهم.

ويقول كبار القادة العسكريين إنه بعد ستة اشهر من الحرب الدامية في شمال غزة فشل الجيش الإسرائيلي فشلًا ذريعا، في تطبيق خطة الجنرالات التي ناد بها الجنرال غيورا ايلان والمتمثلة بالقضاء على النشاط الحمساوي المسلح في تلك المنطقة، واجراء تطهير عرقي واسع النطاق للسكان الفلسطينيين من هناك والقضاء شخصيا على المسلحين كافةً، وقد بدا واضحًا للعيان أن الخسائر الإسرائيلية التي تزداد يوميًا شمال القطاع، هي احدى العوامل والحوافز التي تعجل في قرار الساسة الإسرائيليين، لوقف مثل هذه الحرب والتوقيع على اتفاقية تبادل اسرى، وهذا امر من المنطق، اما نتنياهو وبن غفير ان نهجهما هو ليس نهجَ المنطق بحيث انهما يريدان الاستمرار بحرب بلا هوادة وبدون أي نتائج استراتيجية تذكر.

لذا فان هذه الحكومة ترسل بعثات الموساد والشباك، إلى قطر، أولئك الذين يستقبلون بمستوى خمسة نجوم على مدار أكثر من عشرة أيام، حيث يهدد يوميا بيدي بار نياع رئيس الموساد، بانه قادم لا محالة بالتوقيع على صفقة مع حماس بكل ما يتعلق بقضية الرهائن والأسرى، وكان قد نشر في الاعلام العالمي قائمة مكونة من أربعة وثلاثين اسما من الرهائن الإسرائيليين، يعتزم حماس إطلاق سراحهم ولكن المشكلة غير واضحة للعيان، بحيث انه اعلن انه غير معروف مصيرهم، فهناك الميتون وهنالك الاحياء منهم، وإسرائيل تريد العدد الحقيقي من الاحياء، اما حماس فتقول لإسرائيل، إنها لا تستطيع البوح بالعدد الحقيقي، الا بعد الاتفاق على عدد الاسرى الفلسطينيين الذين ستطلق إسرائيل سراحهم.

والقيادة الإسرائيلية غير جاهزة في هذه الأيام لإطلاق سراح عدد كبير من الفلسطينيين، فحركة حماس تريد على الأقل إطلاق سراح 5000 أسير فلسطيني قابع في السجون الإسرائيلية، أما حسابات إسرائيل فهي تتراوح بين 1000 الى 1500 اسير، وهذا امر غير مقبول على حماس، ففي عام 2011 أطلقت إسرائيل سراح 1100 اسير فلسطيني، من ضمنهم يحيى السنوار، مقابل جندي واحد سمي جلعاد شاليط.

وإذا حُرر عدد كبير من الاسرى الفلسطينيين وُوقعت اتفاقية على وقف الحرب وانسحاب إسرائيلي كامل من قطاع غزة، فانه يمكن لحماس ان تنظر الى ذلك كنتيجة للحرب، وكونها حققت اهداف هذه الحرب، لكن المشكلة تكمن بان إسرائيل تنظر إلى تحرير الاسرى الفلسطينيين، على أنه فشل كبير لها، وأنها لم تحقق اهداف حربها التي شنتها قبل خمسة عشر شهرا.

مهما يكن فإن إسرائيل على الحالتين تُعتبر غير محققة لأهدافها، فاذا استمرت الحرب فسوف تكون خسارتها الاستراتيجية وموقفها الدولي المتردّي لا مثيل له، وإذا توقفت الحرب فهي خاسرة أيضًا، لأنها ستواجه آجلا أم عاجلًا مواقف دولة لحل القضية الفلسطينية، وإقامة دولة فلسطينية بأسرع وقت ممكن.. بعد هذه الحرب الدامية الطاحنة.

كل العرب المصدر: كل العرب
شارك الخبر

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا